نواكشوط - محمد حافظ: "شربت وارتويت وبرأت.." بتلك الكلمات لخصت سيدة في السبعين من عمرها مساعي قطر الخيرية لتوفير المياه الصالحة للشرب للفقراء والقرى المحرومة من المياه في أعماق الصحراء الموريتانية من خلال حفر آبار المياه الارتوازية لسقي الإنسان والحيوان ضمن برنامج المياه والإصحاح. ويعد برنامج المياه والإصحاح واحدا من أهم البرامج التي تنفذها قطر الخيرية عبر مكتبها في موريتانيا حيث تعد مشكلة نقص المياه واحدة من أعظم المشاكل التي تواجه سكان موريتانيا خاصة القرى المهمشة والفقيرة والتي تعتمد في المقام الأول على مياه الأمطار في الشرب ورعي الماشية لكن مع ضرب الجفاف البلاد منذ سنوات بدأ سكان هذه القرى يعانون الأمرين من نقص المياه الصالحة للشرب وباتوا يعتمدون على آبار سطحية مياهها مالحة تسببت في أضرار صحية كبيرة لهم وباتت حياتهم مهددة نتيجة الجفاف والعطش بالإضافة إلى نفوق آلاف الحيوانات من العطش وهي تمثل مصدر الدخل الوحيد الذي يعيشون عليه. الرايةتفقدت عددا من المشاريع التي نفذتها قطر الخيرية في عدد من القرى بموريتانيا ورصدت فرحة آلاف السكان بتدشين عدد من الآبار الجديدة كما تعرفت على الواقع الأليم الذي تعيشه قرى أخرى تعاني العطش وشظف العيش. البداية كانت من قرية طمباص2 التابعة لمقاطعة روصو بولاية الترارزة جنوب غرب نواكشوط بنحو 300 كم، خرج سكان القرية رجالا ونساء وأطفالا وعجائز ليحتفلوا بالطبل والزغاريد بتدشين البئر الذي قامت قطر الخيرية بحفره بتبرع من المواطن القطري محمد ناصر فهيد الهاجري. احتفل السكان بعودة الحياة من جديد لأكثر من 2000 نسمة يعيشون في القرية وخمس قرى مجاورة بعدما أمضوا سنوات طويلة يشربون من بئر ماؤه مالح وسنوات أخرى يعانون العطش ويتجرعون حسرة خسارة حيواناتهم التي تنفق من شدة العطش. هذا البئر كما يقول عنه البشير الهادي السيد رئيس جمعية محسن بلا حدود شريك قطر الخيرية في تنفيذ مشروعات المياه تكلف نحو 100 ألف ريال قطري واستغرق حفره نحو أكثر من شهرين ويعمل بالطاقة الشمسية ومزود بخزان لتخزين المياه بالإضافة إلى صنابير مياه يستطيع السكان تعبئة احتياجاتهم من خلالها. ويضيف: مشكلة ندرة المياه من أهم المشاكل التي يعاني منها سكان القرى المهمشة في الصحراء الموريتانية نظرا لقلة الأمطار وعجزهم عن توفير نفقات البحث والتنقيب وحفر الآبار الارتوازية التي تمثل مصدر المياه الوحيد الصالح للشرب وبالتالي فإن توجيه قطر الخيرية لجزء من تبرعات المحسنين القطريين لهذا الغرض هو هدف سام يثمنه الجميع لأنه بمثابة إعادة الحياه لهم "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا". ووجه الشكر لقطر الخيرية والقائمين عليها وجميع هل قطر على تقديم العون والمساعدة لأشقائهم في موريتانيا راجيا أن تستمر المساعدات الموجهة لفائدة حفر الآبار من أجل زيادة أعداد القرى المحتاجة للماء وتحسين المستوى الصحي والاقتصادي لسكانها. بئر آل عبد الغني جزاكم الله أهل الخير في قطر.. بما بذلتم لبادينا وللحضر.. حققتم حلما ظللنا نأمله.. سقيتمونا بعذب الماء منهمر.. بتلك الأبيات استقبل أحد سكان قرية مبارك الجو بمقاطعة روصو 250 كم جنوب نواكشوط فريق قطر الخيرية أثناء تدشين بئر ارتوازية لصالح سكان القرية بتبرع من المرحوم الوالد عبد الله عبد الغني ناصر بتكلفة 80 ألف ريال ويقدم البئر المياه الصالحة للشرب لنحو 5500 نسمة من سكان القرية و4 قرى مجاورة كانت قبل حفر البئر تستعد للرحيل من المنطقة بحثا عن مصدر المياه بعدما جفت آبارهم السطحية وتدنت حالتهم الاقتصادية بسبب نقص المياه لكن مع تدفق المياه من البئر عادت لهم الروح مرة أخرى وتجدد لهم الأمل في الحياة بعدما ظنوا أنه الموت لا محالة. وعبر أهالي القرية عن سعادتهم بتدشين البئر من خلال تنظيم القصائد الشعرية التي يشتهر بها أهل القرية وجميعها تمدح أهل الخير والمحسنين في قطر وقيادتها الرشيدة التي تمثل كعبة المضيوم ودوحة الخير مطالبين باستمرار تدفق نهر العطاء لحل كثير من مشكلات القرية التي تتركز أغلبها في دعم التعاونيات الزراعية وتوفير مصادر دخل لكثير من الأسر الفقيرة سواء بالتكفل بهم أو توفير مشروع من المشروعات المدرة للدخل. ويعمل مكتب قطر الخيرية في موريتانيا عبر برنامج المياه والإصحاح على البحث عن القرى الأكثر فقرا وحاجة للمياه في الداخل الموريتاني على بعد آلاف الكيلو مترات من العاصمة وقد تمكنت قطر الخيرية خلال العام الماضي من حفر 13 بئرا في ولايات الترارزة، الراكنة والحوض الغربي وكانت بتكلفة إجمالية بلغت 2.385.993 ريالا وتسعى لحفر 10 آبار أخرى بتكلفة 2600000 ريال لكي تصل إلى أكبر عدد من المستفيدين خاصة مع زيادة الآثار الخطيرة للجفاف الذي تعاني منه موريتانيا خلال السنوات الماضية. العطش القاتل شهدت هذه المناطق ارتفاعا في نسبة الوفيات بسبب العطش والأمراض المرتبطة بالمياه الملوثة، ونفوق الثروة الحيوانية بأعداد مهولة بعد موجة جفاف متكررة في الأعوام الأخيرة بسبب ضعف هطول الأمطار في منطقة الساحل الإفريقي كما أن سكان هذه المناطق المستهدفة يعتمدون مياه الأمطار في الرعي والسقي، ويضطرون في فصل الصيف إلى النزوح إلى المناطق التي تتوفر على نقاط ماء، كما شهد الغطاء النباتي تراجعا بسبب زحف الرمال عليه. وستمكن الآبار التي تعمل قطر الخيرية على حفرها وتجهيزها من توفير مصادر مياه صالحة للشرب وتحسن المستوى الصحي والمعيشي والوضع الاقتصادي للسكان بصورة كبيرة. حفر بئرين جديدين انتهت قطر الخيرية مؤخرا من حفر بئرين في بلدتي باسكنو وبنكو بولاية الحوض الشرقي التي تعيش تحت وطأة الجفاف والبعد الجغرافي عن المراكز الحضرية في موريتانيا. وتشهد هاتان البلدتان كثافة سكانية كبيرة تتجاوز30 ألف نسمة وتعانيان من آثار الجفاف الشديد في السنوات الأخيرة، كما تتواجد فيها أعداد كبيرة من الطبقات المحرومة والتي تعاني من مخلفات الاسترقاق والعبودية، فوضعيتها الاقتصادية صعبة لعدم امتلاك أي مخزون حيواني أو عائد مادي تعيش منه. كما يتم حفر بئرين في بلدة لكصيبة الواقعة في منطقة الضفة الموريتانية حيث يعتمد السكان على الزراعة والتنمية الحيوانية ويبلغ سكان البلدة 13 ألف نسمة.
مشاركة :