دبي:محمد ياسين أكدت مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري وزيرة دولة المسؤولة عن ملف الأمن الغذائي، على أهمية التكنولوجيا الزراعية ونظم إدارة الغذاء وتطويرها التي تمثل الملاذ الآمن، ليس فقط للإمارات وإنما لكل دول العالم، من أجل تمكين جميع المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة من الحصول على غذاء صحي آمن وكاف ذي قيمة غذائية مناسبة لحياة نشطة وصحية بأسعار مقبولة في جميع الأوقات، بما في ذلك حالات الطوارئ والأزمات في ظل العديد من التحديات التي تشهدها الإمارات والعالم باسره.وأضافت في تصريحاتها ل«الخليج»: لقد كان تعزيز القطاع الزراعي وتطوير وسائل إنتاج الغذاء المحلي في الإمارات توجهاً استراتيجياً تبناه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسارت على دربه القيادة الرشيدة التي تمتلك رؤية مستقبلية حكيمة جعلت من الإمارات مساهماً رئيسياً في إيجاد حلول لمشكلات الزراعة وإنتاج الغذاء في العالم.وتنفيذاً لهذه الرؤية، نسعى في مكتب الأمن الغذائي إلى ترسيخ الابتكار نهجاً من أجل تطوير تقنيات متقدمة لتعزيز إنتاجنا الزراعي والغذائي في كل أنحاء الإمارات.تعد الزراعة ونظم إنتاج الغذاء صمام أمان الأمن الغذائي العالمي في ظل العديد من التحديات التي يأتي على رأسها التغيرات المناخية وزيادة أعداد السكان حول العالم. ويمثل هذان التحديان الدافع الأكبر لدولة الإمارات نحو تعزيز قطاع الزراعة. ومع ندرة المياه والبيئة الصحراوية، تسعى الإمارات إلى تعزيز سبل تكنولوجيا الزراعة والغذاء بشكل يلائم طبيعة الدولة، ويلبي احتياجاتها المتزايدة من الغذاء، لترسم بذلك تكنولوجيا الزراعة والغذاء خارطة طريق الأمن الغذائي لدولة الإمارات خلال المرحلة المقبلة.وتابعت أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي خطوة رائدة نحو تعزيز الابتكار والتكنولوجيا في إنتاج الغذاء بشكل عام، والزراعة بشكل خاص، بجانب الاهتمام بالعديد من العناصر الأخرى مثل التغذية، وتوفير الغذاء بشكل مستدام، والتقليل من هدر وفقد الغذاء، وتنويع مصادر الغذاء من مختلف دول العالم سعياً لأن تكون الإمارات ضمن أفضل 10 دول في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2021.وأكدت أن فريق مكتب الأمن الغذائي يعمل على تحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي وفق خطط تعتمد بشكل كبير على تعزيز الابتكار في قطاع الزراعة لما يمثله من أهمية كبيرة في تحقيق أهداف الاستراتيجية الرامية إلى تحويل دولة الإمارات إلى مركز عالمي للأمن الغذائي القائم على الابتكار.وفي إطار تفعيل دور الابتكار والتكنولوجيا الحديثة في الزراعة والإنتاج الغذائي، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تحدي تكنولوجيا الغذاء العالمي في سبتمبر الماضي من أجل الاستثمار في الكفاءات والخبرات العلمية لإيجاد حلول مبتكرة واستثنائية لتطوير منظومة غذائية مستدامة. توظيف التكنولوجيا ويهدف التحدي، الذي يشرف عليه مكتب الأمن الغذائي بالشراكة مع شركة تمكين في أبوظبي، إلى جذب وتشجيع الشركات والأفراد والمؤسسات العلمية والبحثية في الإمارات ومختلف دول العالم على توظيف التكنولوجيا المتقدمة في تطوير أفكار مبتكرة وأدوات فعالة لإنتاج الغذاء وإدارته في دولة الإمارات، وإيجاد حلول خلاقة لمختلف التحديات المحلية التي تواجه القطاع الزراعي والإنتاج الغذائي المستدام على أرض الإمارات.ولتحقيق الهدف المأمول من هذا التحدي الاستراتيجي المهم، تم توجيه الدعوات الرسمية من خلال السفارات إلى جميع الدول لضمان معرفتها بأهداف ودور هذا التحدي، والتأسيس لمنصة عالمية مشتركة تجمع أصحاب الأفكار الخلاقة وتتيح لهم طرح الأفكار والنقاش حول أهم الحلول والمبادرات التي تصب في تحقيق الأمن الغذائي في الإمارات والعالم.كما قام مكتب الأمن الغذائي بالاستفادة من شبكة علاقاته الاستراتيجية في العديد من الدول، والتنسيق لزيارة العديد من الجامعات المرموقة من أجل تعريف مراكز البحث العلمي والطلاب بأهمية هذا التحدي.ومن ضمن الجامعات التي تمت زيارتها جامعة فاجيننغين الحكومية في هولندا، وتضمنت الزيارة لقاءات مباشرة مع الطلاب بهدف إطلاعهم بشكل أهم القضايا والجوانب ذات الصلة بالأمن الغذائي العالمي، والدور الذي يسهم به هذا التحدي في تقديم حلول عملية ومبتكرة لمشكلات إنتاج الغذاء وإدارته في الإمارات من خلال الاعتماد على التقنيات الحديثة. تحدي تكنولوجيا الغذاء وتوجهت مريم المهيري بدعوة إلى كل أفراد المجتمع والشركات والمؤسسات العلمية والبحثية والجامعات في الإمارات إلى تطوير التقنيات الزراعية ونظم إنتاج الغذاء من خلال المشاركة في تحدي تكنولوجيا الغذاء العالمي والمساهمة في إحداث نقلة نوعية في نظم الإنتاج الغذائي القائم على الابتكار، ورفد الاقتصاد الوطني بمشاريع غذائية رائدة لتحقيق أمننا الغذائي في المستقبل.وأشارت إلى أنه يمكن للجميع المشاركة في التحدي عبر الموقع الإلكتروني foodtechchallenge.com، مؤكدة في الوقت نفسه أن التحدي الذي يبلغ مجموع جوائزه مليون دولار أمريكي، سيعلن عن الفائزين الأربعة في إبريل المقبل، وهو الوقت الذي يسمح بالإعداد الجيد من الآن لأفكار زراعية وغذائية طموحة تجد حلولاً لتحديات دولة الإمارات وذات جدوى اقتصادية من أجل تحويلها إلى مشروعات رائدة على أرض الإمارات.وبينت أن السبيل نحو تفعيل مستهدفات تحدي تكنولوجيا الغذاء العالمي هو جذب أنبغ العقول من الإمارات وكذلك جميع دول العالم للمساعدة في إيجاد حلول عملية ومبتكرة لمشكلات إنتاج الغذاء وإدارته في الإمارات، وترسيخ نهج علمي متطور لإدارة الغذاء وكامل سلسلة القيمة الغذائية بالاعتماد على الابتكار والتكنولوجيا. ومن ثم تحقيق رؤية القيادة الرشيدة الرامية إلى خلق جيل جديد متسلح بالعلم والمعرفة لضمان استدامة الأمن الغذائي لدولتنا وازدهار شعبها. تحديات وفرص وتعمل دولة الإمارات وفق منظومة متكاملة لتعزيز الأمن الغذائي تعتمد بشكل رئيسي على تنمية الزراعة وتقنيات الغذاء. وتواجه الإمارات العديد من التحديات التي تقف عائقاً أمام تطبيق نظم الزراعة التقليدية، أهمها ندرة مياه الأمطار واحتياطي الخزانات الجوفية، فضلاً عن البيئة الصحراوية وقلة الأراضي الصالحة للزراعة والطقس الحار.علاوة على ذلك، شهدت الدولة زيادة كبيرة في عدد السكان، وباتت تستورد 90% من غذائها، ودفعت تلك العوامل الدولة إلى ضرورة إيجاد حلول مبتكرة لتقليل فجوة الاستيراد وتعزيز الانتاج المحلي من الغذاء، حيث كانت تكنولوجيا الزراعة الخيار الأمثل لإنتاج مختلف أنواع الغذاء والخضروات محلياً.بدأت الرحلة الحقيقية من خلال الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي التي تم إطلاقها في 2018. حيث انبثق منها برنامج «مسرعات تبني التكنولوجيا الحديثة الزراعية» الذي كان ثمرة تعاون بين مكتب الأمن الغذائي والمسرعات الحكومية، بهدف تسريع تبني وتطبيق التكنولوجيا في جميع مراحل الإمداد للإنتاج الزراعي المحلي. حيث كان من مخرجات البرنامج مبادرة تعنى بتبني التكنولوجيا الحديثة لأنظمة الزراعة المغلقة، وهو ما يمثل دافعاً لاستكمال المسيرة من خلال تحدي تكنولوجيا الغذاء العالمي والبناء على ما تم تحقيقه بالفعل في هذا المجال، حيث لا تزال الإمارات تحتاج لحلول حول تقليل استهلاك المياه في أنظمة الزراعة المغلقة، بالإضافة إلى ابتكار تقنيات تسمح بزراعة المزيد من المحاصيل الزراعية في ظل وجود العديد من الأبحاث العلمية والتطبيقية في هذا المجال. مشاريع رائدة وتتنوع المشاريع الزراعية الرائدة المعتمدة على التكنولوجيا الحديثة لمختلف الشركات داخل الدولة، منها مشروع البيوت الزجاجية لشركة الظاهرة بايوا في مدينة العين. وتبلغ تكلفة المشروع 40 مليون يورو وينتج 3000 طن من الطماطم سنوياً، وهو الأول والفريد من نوعه في العالم وثمرة التعاون بين شركة بايوا الألمانية وشركة الظاهرة القابضة، إحدى الشركات المتعددة الجنسيات الرائدة في مجال الأعمال التجارية الزراعية. يقع المشروع على مساحة 10 هكتارات، وتستخدم فيه أحدث التكنولوجيا المتخصصة في المجال الزراعي، حيث تم التخطيط والتنفيذ لهذا المشروع الرائد تحت قيادة متخصصين من أعلى مستوى بحيث يتم استخدام أقل كمية للمياه بنسبة 67% من البيوت التقليدية ويستهلك يومياً نحو 750 ألف جالون مياه، كما أن تكنولوجيا التبريد هي الأولى من نوعها في العالم ما يتيح إنتاج الطماطم طوال العام. وفي نفس الإطار، تقوم شركة في أبوظبي بصنع دفيئات زراعية ذكية مصممة خصيصاً لمعالجة المناخ الصيفي الصعب في الإمارات ومنطقة الخليج العربي، حيث تتحكم في درجة الحرارة والرطوبة ومستويات ثاني أكسيد الكربون في البيوت الزجاجية، لتوفير بيئة مثالية لإنتاج الطماطم. مليار درهم حوافز وضمن مساعي الاعتماد على تكنولوجيا الزراعة، اعتمدت حكومة أبوظبي حزمة حوافز استثمارية بقيمة مليار درهم لدعم مشاريع التكنولوجيا الزراعية، وذلك بهدف استقطاب شراكات عالمية تدعم جهود البحث العلمي والتطوير في مجال التكنولوجيا الزراعية لجعل أبوظبي مركزاً عالمياً رائداً للابتكار الزراعي في البيئات الصحراوية.وفي هذا الإطار، حقق «اتحاد أبحاث الطاقة الحيوية المستدامة» في مدينة مصدر إنجازاً في مجال إنتاج الوقود الحيوي من الزيوت الموجودة في نباتات الساليكورنيا، التي تمت زراعتها في منشأة «النظام المتكامل للطاقة والزراعة بمياه البحر» على مساحة هكتارين بمدينة مصدر في أبوظبي، ويعتبر النظام هو الأول من نوعه في العالم الذي يقام على أراضٍ صحراوية لإنتاج الوقود والغذاء في المياه المالحة. حيث أطلقت «الاتحاد للطيران» أول رحلة تجارية في العالم يتم تشغيلها بواسطة هذا الوقود، ويهدف المشروع المتكامل لإنتاج الطاقة والزراعة بمياه البحر. الزراعة العمودية وفي نفس الإطار، أعلنت شركة الإمارات لتموين الطائرات عن شراكة مع مؤسسة أمريكية متخصصة في الزراعة العمودية، لاستثمار 146.8 مليون درهم في بناء أكبر منشأة للزراعة العمودية على مستوى العالم بالقرب من مطار آل مكتوم الدولي في دبي وورلد سنترال. تبلغ مساحة المنشأة الزراعية لدى اكتمالها 130 ألف قدم مربعة، لكن قدرتها الإنتاجية ستعادل ما مساحته 900 هكتار من الأراضي الزراعية. وسوف يبلغ الحصاد الأقصى للمنشأة 2700 كيلوجرام يومياً من الخضر الورقية ذات الجودة العالية الخالية من الأسمدة والمبيدات الحشرية، وباستخدام كميات من المياه تقل بنسبة 99% عن الزراعة الحقلية التقليدية.كما أن قرب المزرعة من موقع الاستهلاك سيقلل بدرجة كبيرة من البصمة الكربونية لعمليات النقل، ويضمن التسليم السريع للمنتجات الطازجة خلال ساعات قليلة من قطافها ما يحافظ على قيمتها الغذائية. توسيع تكنولوجيا الزراعة العمودية بدون تربة اعتمدت الشركات الإماراتية على توسيع تكنولوجيا الزراعة العمودية والزراعة بدون تربة، حيث تعد تلك التقنية رائدة على مستوى العالم، ويمكن الزراعة من خلالها بشكل رأسي داخل مزارع مغلقة، ما يوفر المساحة المزروعة، بالإضافة إلى التحكم في كمية المياه. وتستخدم تلك المزارع ضوءاً اصطناعياً كبديل لأشعة الشمس اللازمة لنمو النباتات.وكانت الإمارات على موعد مع افتتاح أول مزرعة رأسية تجارية ذات تكنولوجيا متطورة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي تتبع ل«مزارع بادية» في إمارة دبي، وتنتج المزرعة من مقرها في منطقة القوز والممتدة على مساحة 8500 قدم مربعة من المحاصيل الزراعية من دون مواد كيميائية ومبيدات على مدار 365 يوماً في السنة، كما تستنبت في منشأة داخلية تعتمد على وسائل تقنية متطورة تمكن المزارعين من الزراعة دون الحاجة إلى التربة، وبكميات أقل من المياه بنسبة 90% مقارنة بحقول الزراعة المفتوحة.وتستخدم مزرعة بادية الرأسية تقنية الزراعة المائية بصورة مبتكرة لإنبات ما يزيد على 18 نوعاً من شتلات الخس والخضروات والأوراق العشبية الصغيرة بأنواعها المختلفة، حيث تعمل الأساليب المتطورة للمزرعة على تنمية المحاصيل من دون أشعة الشمس والتربة والمبيدات الحشرية والمواد الكيميائية، كما تتمحور رؤية المزرعة في إحداث ثورة زراعية في الشرق الأوسط، من خلال توفير الحلول الجذرية لمعضلة الأمن الغذائي بالمنطقة.
مشاركة :