أيد البرلمان العراقي، أمس، دعوة الحكومة لإنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق، بعد أن دعا رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي بإنهاء «عاجل» لوجود القوات الأجنبية «رغم الصعوبات»، مع تنامي رد الفعل لمقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في ضربة جوية أميركية في بغداد. وصادق النواب على قرار «إلزام الحكومة العراقية بحفظ سيادة العراق من خلال إلغاء طلب المساعدة»، بحسب ما أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي. وأفاد القرار، الذي وافق عليه النواب في جلسة استثنائية للبرلمان، بأن الحكومة يجب أن تلغي طلبها المساعدة من تحالف تقوده الولايات المتحدة. وقرارات البرلمان تختلف عن القوانين في أنها غير ملزمة للحكومة، لكن من المرجح الالتزام بهذا القرار، بعد دعوة عبدالمهدي أيضاً إلى إنهاء عاجل لوجود القوات الأجنبية. وقال عبدالمهدي: «إن ذلك يظل الخيار الأفضل للعراق على الرغم من الصعوبات الداخلية والخارجية التي قد تواجهها البلاد». وأضاف، في خطابه أمام البرلمان: «إن الخيار الآخر سيكون قصر دور القوات الأجنبية على مكافحة مسلحي داعش وتدريب القوات العراقية». وقال: «ليس سراً توتر العلاقات الإيرانية الأميركية وانعكاساتها على الساحة العراقية»، مضيفاً: «إن الطائرات المسيرة الأميركية والمروحيات تجوب سماء بغداد من دون إذن رسمي». وتغيب النواب الأكراد، وهم نحو 50 نائباً، عن الجلسة، وكذلك غالبية النواب السنة. وحضر الجلسة 168 نائباً من أصل 329 يتألف منهم البرلمان العراقي. وجرت الدعوة لعقد الجلسة بعد الهجوم بطائرة أميركية مسيرة على موكب قرب مطار بغداد يوم الجمعة الماضي، والذي أسفر عن مقتل سليماني والمهندس. ومنذ الهجوم، يدعو الزعماء السياسيون وقادة الميليشيات في العراق إلى طرد القوات الأميركية من العراق، في بادرة غير معتادة من الوحدة بين الفصائل التي تتناحر منذ شهور. وقال عمار الشبلي وهو نائب وعضو باللجنة القانونية في البرلمان: «ليس هناك حاجة لوجود القوات الأميركية بعد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي»، مضيفاً: «لدينا قواتنا المسلحة وهي قادرة على حماية البلد». وبقيت قوات أميركية قوامها نحو خمسة آلاف جندي في العراق، بعد إعلان هزيمة تنظيم «داعش» في نهاية عام 2017، وأغلبها تقوم بمهام استشارية. وإذا أراد العراق طردها، فيتعين على البرلمان الموافقة على قانون يلزم الحكومة بمطالبة الولايات المتحدة بسحب قواتها. ويتولى عبدالمهدي حالياً حكومة تصريف أعمال بعد استقالته في نوفمبر الماضي تحت ضغط احتجاجات بالشوارع. وكرر هادي العامري، أبرز مرشح لخلافة المهندس، دعوته لرحيل القوات الأميركية عن العراق أثناء تشييع قتلى الهجوم. وأبدى العديد من العراقيين، حتى من يعارضون سليماني، غضبهم إزاء واشنطن لقتلها الرجلين على الأراضي العراقية وجر بلادهم المحتمل إلى صراع جديد. وبالتزامن، أعلنت وزارة الخارجية العراقية أنها استدعت السفير الأميركي للتنديد بـ«انتهاك صارخ لسيادة» البلاد. وأوضحت الوزارة في بيان أنها أبلغت السفير ماثيو تولر أن «هذه العمليات العسكرية غير المشروعة التي نفذتها الولايات المتحدة اعتداء وعمل مدان يتسبب بتصعيد التوتر بالمنطقة». هجمات محتملة وكانت «كتائب حزب الله» في العراق التي كان يتزعمها أبومهدي المهندس، دعت القوات العراقية، أمس الأول، إلى «الابتعاد لمسافة لا تقل عن ألف متر» عن القواعد التي تضم جنوداً أميركيين اعتباراً من مساء أمس، وهو ما يوحي باحتمال شن هجمات لاستهداف هذه القواعد. وأرسلت وزارة الخارجية العراقية شكاوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن الدولي بشأن الضربات الجوية الأميركية على أراض عراقية وقتل سليماني وعدد من العسكريين العراقيين. وقالت الوزارة في بيان: «إن الشكوى تتعلق بالهجمات والاعتداءات الأميركية ضد مواقع عسكرية عراقية، والقيام باغتيال قيادات عسكرية عراقية وصديقة رفيعة المستوى على الأراضي العراقية». ووصف البيان الهجمات بأنها «انتهاك خطير للسيادة العراقية وبمخالفة لشروط تواجد القوات الأميركية في العراق». وطالبت الوزارة مجلس الأمن الدولي بإدانة الهجمات. إلى ذلك، أعلن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويحارب تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، أمس، وقف معظم العمليات ضد الإرهابيين في الوقت الحالي والتركيز على حماية قوات وقواعد التحالف وسط تزايد حدة التوتر مع إيران. وشدد متحدث على أن التحالف يمكن مع ذلك أن ينفذ بعض العمليات ويعمل دفاعاً عن النفس ضد الإرهابيين. خرج متظاهرون في مدن عدة في العراق، أمس، وهم يهتفون «لا للاحتلالين الأميركي والإيراني»، معدلين شعارهم للمطالبة بإبعاد بلدهم عن الصراع في ظل التوتر، الذي بلغ أوجه بين طهران وواشنطن إثر اغتيال قاسم سليماني. ورفض المتظاهرون التدخلات الأميركية والإيرانية على حد سواء، مرددين هتافات ضدها في شوارع الناصرية والديوانية والكوت والعمارة، جنوب العاصمة. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: «سلام لأرض السلام، خلقت للسلام وما رأت يوماً سلاماً»، تحت مروحيات الجيش العراقي، التي حلقت فوق المحتجين.
مشاركة :