مشاري الوسمي “أزمة هوية”

  • 1/6/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يتنافس العالم كل يوم على احتلال مراتب متقدمة لقيادة الشعوب والتحكم في مصائرها.. ونحن وإن كنا اليوم ننقش لنا مكانًا بين هذه الدول ونترك بصمة فارقة تميزنا عن غيرنا . نجد منا من انزوى بعيدًا وكأنه الجملة الإعتراضية بين سطور البناء والتقدم، أخذ يبني وحده في صحراء عقله و يظن بذلك أنه المتفرد المختلف الذي سيشكل الفارق ويجذب الأنظار.. هذه الفئة و رغم تزايد أعدادها ولكنها ولله الحمد قليلة، فهم كالظاهرة، في مواسم ومراسم الاحتفالات العالمية، ينسلخون من جلودهم ويلبسون ثياب غيرهم، يستعرضون مواهبهم الباردة لإثارة رأي عام أو إستفزاز أصحاب الأقلام ليكتبوا عنهم هنا وهناك . أكتب اليوم عمن ارادَ التقليد ليس حُبًا فيه.. لكن ليثبت أنه أوجد طريقه وبنى شخصيته وعقله دون أن يؤثر و يتأثر بعرف أو دين و تقاليد تربى عليها يومًا.. رغم ذلك فأنا لا أنكر على أحد حق التجربة وخوض غمارها، ولكن ليكن لك أسلوب في التقليد مغاير لأسلوب تلك الشعوب لتحظى على الأقل بالاحترام ان لم تستطع أن تحظى بالإعجاب و الإبهار .. فحتى الأمم الناهضة لم تستنسخ من الشعوب المتقدمة إلا المفيد وطوعته ليتناسب مع أفكارها ومعتقداتها وشكل الحضارة التى ترغب في أن تبنيها لتزاحم الأمم وتكون يومًا في الصدارة .. لنا في بلادي قدوة، فرغم انفراج الأبواب وفتحها للعالم إلا أننا بلورناها لتكون متوافقه و متجانسة مع القواعد العريضة للشرعية الوسطية السمحاء .. فنحن أمةً قادت العالم يومًا ولن نبكي على ماضينا وسط الركب متسارع الخُطى.. بل نجعل منه سلمًا نصعد به على أكتاف البشرية و نزاحم النجوم، ثابتين بجذورنا في أقصى الأرض وأعناقنا بين السحاب.. لن نكن إمعات نرضى بالقشور والمظاهر ونترك ما هو حق لنا لنرضى بالفتات.. العالم سيرضخ لنا يومًا لأننا أبناء الملوك وأحفاد الصحابة ، ليس لأنني أتشبه بهذا وقدوتي ذاك.. فلنراجع أنفسنا و نتصفح هويتنا داخل صدرونا ونقف بصدق ونواجه واقعنا.. لن يحترمنا الآخر مهما تنازلنا و أتقنا التشبه و التجسيد، فنحن له مجرد بضاعة مقلدة تقليدًا أعمى غير متقن وليس في جعبتنا جديدًا نقدمه.. فأنت و هو أو هم من تنازل عن هويته وسلم مفاتيح تفرده ليكن شخصًا من الملايين مجرد رقم في تعداد سكان هذه الشعوب .. إن كنت سأحتفل اليوم معهم فأنني سأحتفل بطريقتي وحسب عاداتي وبين أهلي.. لن أهرب بعيدًا عن الأنظار ولكنني سأقدم التحية وأنا أرتدي هويتي لينحنى الذي أمامي احترامًا وليس ازدراءً واستخفافًا.. فلنكن نحن مهما حجمونا وضيقوا علينا الخناق.. فبذلك تصمد الأمم وتتقدم الشعوب ..

مشاركة :