أعلن «الجيش الوطني» الليبي، أمس، أن قواته سيطرت بالكامل على مدينة سرت الساحلية بوسط البلاد، في عملية خاطفة ومفاجئة لم تستغرق أكثر من ثلاث ساعات، بحسب ما قال الناطق باسم القوات المسلحة الليبية اللواء أحمد المسماري.وقال المسماري إن التمهيد للعملية تم في شكل سري بإشراف القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، موضحاً أن القوات الليبية تقدمت تحت غطاء قصف جوي وسيطرت في البدء على قاعدة القرضابية الضخمة جنوب سرت وعلى بلدة أبو هادي القريبة منها، قبل أن تندفع نحو سرت نفسها؛ الأمر الذي شكّل عنصر مفاجأة للقوات المتمركزة فيها والتي فرت غرباً في اتجاه مصراتة.لكن المسماري وجّه رسالة طمأنة إلى مصراتة، قائلاً إن عملية الجيش الليبي كانت تستهدف سرت فقط كونها كانت تضم مسلحين ينوون مهاجمة الهلال النفطي الواقع إلى الشرق منها. وأقر بأن مسلحين بمدينة مصراتة يعتبرون سرت خط الدفاع عنهم من جهة الشرق؛ ولذلك شدد على أن مصراتة ليست الهدف المقبل لقوات اللواء حفتر. ويُشكل فقدان مدينة سرت نكسة لقوات حكومة «الوفاق» وانتصاراً معنوياً لقوات الجيش الوطني.في المقابل، ذكر الناطق باسم «قوة حماية وتأمين سرت» التابعة لحكومة السراج، أنها تصدت لمحاولة قوات الجيش التقدم إلى البوابة 17 شرق المدينة، وهدد بأن قواته ستضرب دون هوادة «الميليشيات الإرهابية» التي تهدد أمن سرت، بحسب ما قال.في غضون ذلك، أشار مكتب المشير حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، إلى توافد عدد من الوزراء بالحكومة الليبية، ومجالس البلديات، والمؤسسات والشركات التابعة للقطاعين العام والخاص، على مقرّ قيادة الجيش في الرجمة خارج مدينة بنغازي بشرق البلاد؛ لإعلان «الدعم اللامحدود للقوات المُسلحة في تصديها للعدوان والغزو التركيين». وأثنى حفتر، في بيان وزّعه مكتبه، أول من أمس، على «هذه الجهود الرامية لدعم القوات المسلحة في المواجهة... ضد الغزو التركي».إلى ذلك، تصاعدت وتيرة المعارك جنوب العاصمة طرابلس، بينما بلغت الحصيلة النهائية لضحايا القصف الجوي الذي تعرضت له الكلية العسكرية في طرابلس 30 قتيلاً و33 جريحاً، وفق ما أعلنته وزارة الصحة بحكومة «الوفاق» التي اتهمت الجيش الوطني بالوقوف وراء القصف. وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في بيان أمس، استهداف الكلية العسكرية في منطقة الهضبة، جنوب طرابلس. وكان الجيش الوطني قد طالب رسمياً بفتح تحقيق في ملابسات القصف، وطالب الأمم المتحدة بإرسال لجان للتحقيق للمساعدة في كشف الحقائق.وجاء ذلك في وقت بينما أفادت وزارة الخارجية في حكومة السراج بتأجيل زيارة لوفد أوروبي رفيع المستوى كانت مرتقبة اليوم إلى العاصمة طرابلس «بسبب الظروف الراهنة في البلاد». وأرجعت الوزارة، في بيان مقتضب: «تأجيل زيارة الوفد الأوروبي المكون من الممثل السامي لخارجية الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا إلى، الظروف الراهنة»، من دون أن تقدم المزيد من التفاصيل.ونقلت وكالة «شينخوا» الصينية عن مصدر بوزارة الخارجية قوله، إن التأجيل يأتي على خلفية رفض السراج، لقاء الوفد الأوروبي نظراً للحرب الدائرة في طرابلس واستمرار هجوم قوات حفتر للسيطرة على العاصمة». وأضاف أنه «تم إبلاغ الوفد الأوروبي بذلك دون تحديد موعد قريب لاستقباله».من جانبها، أدانت السفارة الأميركية لدى ليبيا بشدة التصعيد العسكري الذي شهدته طرابلس في الأيام الأخيرة، بما في ذلك الهجوم الذي قالت إن قوات تابعة للجيش الوطني شنّته على الكلية العسكرية بالهضبة الذي أدّى إلى مقتل عسكريين «يتدربون ليكونوا قوة أمنية محترفة» في العاصمة الليبية. ونددت السفارة أيضاً، في بيان أول من أمس، بالهجمات التي وقعت في الأيام الأخيرة على مطار معيتيقة بطرابلس و«القصف العشوائي» الذي استهدف البنية التحتية المدنية والأحياء السكنية في طرابلس، الذي أسفر عن مقتل وجرح الكثير من المدنيين. وأكدت السفارة الأميركية مجدداً أنها مستعدة لدعم جميع الجهود الليبية لإنهاء العنف، والحدّ من تدخل القوات الأجنبية، وإعادة إطلاق حوار سياسي تيسّره الأمم المتحدة، وهو السبيل الوحيد إلى السلام الدائم والازدهار.
مشاركة :