يتساءل الجميع عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن ردود الفعل الإيرانية المتوقعة بعده استهداف ومقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. فالبعض يتوقع أنها مجرد تهديدات لفظية لحفظ ماء الوجه أمام الشعب الإيراني في الداخل و عناصر الحرس الثوري التابعة للنظام الايراني،والبعض الأخر يرى أن رد الفعل الايراني سيكون قاسي جدا ومؤلم لأمريكا وللمنطقة.في الحقيقة ومن خلال تصريحات رموز إيرانية دينية وعسكرية معروفه خلال الايام الماضية نجد أنه حتى الأن لا يوجد أي تحركات فعلية على الأرض سوى اعلان الخامنئي أمس التخلي عن الاتفاق النووي وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي في خطوة هي التاليه لتشغيل معمل فوردو النووي ومضاعفة اعداد اجهزة الطرد المركزي الحديثة فيه ،وهو المعمل النووي الأخطر في ايران كونه موجود تحت الارض يصعب استهدافه ويشرف على تطويره خبراء روس كانت قد ارسلتهم روسيا الى طهران بعد اعلان الاخيرة مضاعفة تخصيب اليورانيوم الفترة الماضية، أما عن تحليلي لهذا القرار الايراني بالتراجع عن الاتفاقيه النووية فخطورته تتمثل في اقتراب ايران من حاجز 10% من تخصيب اليورانيوم فعليا وهذا ما يؤهلها لأنشاء رؤوس نووية تحمل على الصواريخ الباليستيه التي كانت قد امدتها بها روسيا مع اشتعال الأزمة في الخليج، وهي صواريخ طويلة المدى بمعنى ان اطلق الصاروخ من ايران كان باستطاعته استهداف تل ابيب ،ولكن ما لا يدركه النظام الايراني انه ورغم الدعم الروسي له ولكن في حقيقة الامر روسيا تقف على مسافة واحدة من كافة الاطراف،ومسألة بيع صفقة صواريخ الى ايران لا تخلو من كونها صفقه تجاريه في المقام الاول لمصلحة روسيا اقتصاديا،والامر الاخر ان ارسال خبراء روس للمعامل النووية الايرانيه ليس للتطوير بقدرما هو عين روسيه مراقبه ومسيطرة ومتحكمة في معدل تطور السلاح النووي الايراني،وأشير إلى أنني كتبت مقال حينها ومع بداية ارسال خبراء روس الى طهران قولت فيه ان الان يصعب على امريكا استهداف المعامل النووية الايرانية لوجود خبراء روس داخلها،ولكن لم يمر وقت طويل ورصدت تصريح للرئيس بوتن يقول فيه "لن نسمح بضرب ايران ولكن سنحافظ على امان اسرائيل". اذا هذا ما يؤكد على ما ذكرته سابقا بأن روسيا تقف على مسافة واحدة من كافة الاطراف وعلى طهران ان لا تعول كثيرا على الموقف الروسي.رد الفعل الايراني المتوقع ايضا على صعيد الاذرع التابعة لها داخل دول المنطقه ظهر في تصريح مقتدى الصدر الذي لم يخرج علينا صوت وصوره منذ ان اصطحبه قاسم سليماني الى طهران في اعقاب فشله في ادارة التظاهرات في العراق لصالح ايران،وقد قال امس مقتدى الصدر انه الان يعاد تنشيط جيش المهدي وتشكيل افواج المقاومة الدولية وتشمل حزب الله العراقي واللبناني وعصائب اهل الحق والحوثي وحركة النجباء وتنتظر الاوامر لاخراج امريكا من العراق أولا ثم الثأر لمقتل قاسم سليماني ،وهذا في حقيقة الامر يعكس ان ايران لا تهتم لمقتل سليماني في حد ذاته بل تدير الحدث بما يخدم مصالحها السياسيه والعسكريه باخراج القوات الامريكيه من العراق،مما يجعلنا نرجح ان النظام الايراني ساهم بمعلومات تفيد تحركات سليماني لتسهيل استهدافه من قبل امريكا فمقتل الاخير مصلحه مشتركه للطرفين ،دونالد ترامب يريد الحفاظ على ماء وجهه امام الشعب الامريكي الذي لا يثور إلا في حالتين الاولى هي تأثر الاقتصاد الامريكي والأخرى هي مقتل جندي امريكي بأي مكان بالعالم وهذا ماحدث بعد مقتل جندي امريكي باستهداف ايراني لقاعدة كركوك وحادث اقتحام السفارة الامريكية بالعراق،اما عن الخامنئي فهو يرى ان سليماني اصبح خطر يهدده كونه اصبح بنك معلومات ومخزن اسرار تفضح النظام الايراني ومتظاهرين العراق يطالبون برأسه بعد قتله ل الالاف من ابنائهم مما جعل الخامنئي خائف من سقوطه بأيديهم.اذا ومن خلال ما سبق ذكره يمكننا ان نتوقع ان رد الفعل الايراني القادم لن يكون بهذه القوة والفظاعة اذ ما توصلت الولايات المتحدة الى اتفاق مع طهران وقد عرض الرئيس ترامب أمرين على روحاني اولا ان يتم عقد اتفاقية نووية جديده والاخرى هي دفع ثمن القاعده الامريكية في العراق لانسحاب القوات الامريكية،وكلاهما اتوقع انه سيتم رفضه من قبل ايران لعدة اسباب ان الخامنئي الان مطالب بالقصاص لمقتل سليماني وان لم يفعل فستهتز صورته وسيخسر ما تبقى من اتباعه داخل ايران والسبب الاخر ان الوضع الاقتصادي لايران بفعل العقوبات الامريكية لا يؤهلها ابدا لدفع قيمة قاعدة امريكية بالعراق، لابد وان الرئيس ترامب كان يسخر من روحاني حين طلب ذلك منه بالضبط كما سخر منه واهانه عندما تداولت الصحف طلب ترامب عبر دبلوماسيين ان لا يتعدى الثأر حد مقتل سليماني،وكأنه يشبه سليماني بالفأر الميت فلا داعي للمغالاة في الاخذ بالثأر ، وهذا ما يجعلني أحتمل وبنسبة كبيرة ان يتم تنفيذ عمليات ارهابية على مساحة جغرافية غير محدودة وفي اوقات مختلفة وهذا لا يعني انه سيكون غدا فمن خلال تصريحات رموز ايران نفهم ان الثأر يطبخ على نار هادئة وانه غير محدود برقعة جغرافيه محددة وانه سيستهدف امريكا اولا ثم حلفائها في المنطقه وهم دول الخليج وهذا ما اشار اليه خامنئي وهو يبكي بحرقة اثناء تشييعه لقاسم سليماني حيث توعد الشيطان الاكبر واتباعه والمقصود بها امريكا واتباعها بأنه لن يشعر جندي امريكي بالامان داخل الشرق الاوسط بأكمله،وهذا ما يجعلنا نعتقد اننا سنعود الى سيناريو حروب المضائق المائية من جديد وانه سيكون هناك استهدافات لمضيق هرمز مما سيأثر على الشرق الاوسط بأكمله،وهذا لا يعني ان اوروبا ستصبح في مأمن من نشاط الخلايا الارهابيه والنائمة التابعة لايران كورقة للضغط على اوروبا لربما لتحييد موقفها من النزاع الامريكي الايراني او لجعلها تتعاون تجاريا مع ايران بما يخترق العقوبات الامريكية عليها.ولكن في كافة الاحوال يجب ان نؤكد على ان النظام الايراني الان يبحث عن تغطية سياسية لجرائمه القادمة داخل المنطقة،من خلال حشد موقف المجتمع الدولي لادانة حادث مقتل سليماني واستهداف مطار بغداد كما يروجون له.د.سميه عسله/باحثة متخصصة بالشأن الايراني/رئيس اللجنة العليا لمكافحة الارهاب والتطرف الفكري
مشاركة :