الشارقة:«الخليج» شهدت الأمسية الثالثة من مهرجان الشارقة للشعر العربي، حضوراً لافتًا، بالشعراء الذين صدحوا بعذب الكلام، فقد شارك كل من: محمد مقدادي من الأردن، وشهاب غانم من الإمارات، ومبروك السيّاري من تونس، ومفرح الشقيقي من السعودية، وإباء الخطيب من سوريا، وحميد الشمسدي من المغرب. وحضرها محمد البريكي، مدير بيت الشعر، مدير المهرجان، وقدمها الشاعر الدكتور أحمد الحريشي.قرأ محمد مقدادي، مجموعة من القصائد التي توشّحت بالرمز واللغة المسافرة في سماء بعيدة تقتنص من اللحظة صورتها الأنيقة، وهي تمشط شعرها قريباً من واحات السحر، ومن قصيدته: «خابيةُ الملح»، قرأ:«تلاشيتُ/ كالظلّ في مرتعِ الشمسِ/ قلبي يحدّثني/ هل أصدّقُهُ بعد هذا الخرابْ؟/ هناكَ انحنيتُ/ امتشقتُ دمي وجراحي/ على شفةِ النّبعِ/ سنبلةٌ.. مشّطت شعرها/ قربَ جذعٍ عتيقْ». وأنشد الشاعر شهاب غانم، مجموعة من القصائد التي حملت في نبضها حب الوطن، والوفاء للشهيد، ولامس بعذب مفرداته أرجاء المدن ليلتقط لها صورة مغايرة في مخيلته، ومن قصيدة أهداها إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، قال: هنا الجوامعُ في أرجائها انْتشرَتْيختال فيها بآيِ الحُسْنِ بنيانُوها هنا مدنٌ للجامعاتِ بهايَنداحُ علمٌ وتثقيفٌ وعِرفانُبوركتَ، أعطاك ربّي العمرَ أطولَهُبمثلكمْ ترتقي في الكونِ أوطانُدخلتَ بوّابةَ التاريخِ أوسَعَهافأنتَ صانعُ أمجادٍ.. وإنْسانُ وتجلى الشاعر مبروك السياري، بقصيدته التي عرجت بمفرداتها إلى سماء الوجد الصوفي، فاشتعلت الحروف عشقاً حرك نايات الشعور، ومالت قوافيه طرباً مع رقصة الروح المتجلية في محراب الوجد، ومما قرأ: كُنْتُ فِيهِمْ/ وَعَلَى أَفْوَاهِهِمْ تَشْتَعِلُ النَّايَاتُ/ وَجْدًا وَضِرَامَا/ وَكَمَا أَعْوَادُ كِبْرِيتٍ/ رَقَصْنَا/ فَكَأَنْ لَمْ نَكُ رِيشًا وَعِظَامَا / مَدَدٌ/ وَاتَّقَدَ الكِبْرِيتُ/ لَوْلَا أَنْ وَجَدْنَا النَّارَ بَرْدًا وَسَلَامَا. واستطاع الشاعر الإعلامي مفرح الشقيقي، بروعة إلقائه وحضوره، أن يشكل من قصيدته لوحة نابضة بالحياة، وتناغم صوته مع أصوات الروح المتوثبة من «الولد الشقي» الذي عرف «شغب المرايا» بالشعر الذي وقف على جدول نهره لينهل من معينه، وممّا قرأ: أنا الولدُ الشقيُّ فعمّدينيبماءِ الشّعر.. ما ظمئٌ سواياسأسترقُ القصيدةَ في غيابيوأحضرُ قبلما تخبو النواياوإنْ سطعَ الكلامُ بغير قلبيزرعتُ الضوءَ في قلق الحنايامعي جمرُ السؤال يَجسُّ روحيويشعلني إذا خمدتْ رؤاياسأعبُرُ يا شقاءَ البردِ وَحْديوذي ناري ستبتكرُ الحَكايَا وعلى ضجيج التمني، قرأت إباء الخطيب، نصوصها وهي تحاول أن تزيح عن دربها الصمت، لتعبر عن قلق يسكن روحها، وهي تبث وجدها لذاتها، ونقيض ذاتها، في محاولة لإشعال الشتاء بجمرة الوجد؛ ومن قصيدتها «وإني على معناي الشفيف» قرأت: أزيحُ الصمتَ.. لا أفقٌ لروحٍيَدقُّ بقاعِها جرسَ الغُموضِفيا لَيْتَ الشِّتاءَ أزاحَ عنّيهواجسَهُ.. ولم يَعْبثْ بَرَوْضِيويا لَيْتَ الذي أغواكَ عندييُعمدّني بطينكَ يا نقيضي وحضرت قصيدة حميد الشمسدي، متناغمة مع صوته وحضوره، واستطاع أن يعبر بحروفه حدود التلقي، لينثر في دروب الحلم ورد شعره وشعوره، وهو يحثّ خطاه التي يحملها ريحُ الشوق، وكأنها حمام يوزع هديله على المدى، ومما قرأ: وَجِئْنَا عَلَى صَهْوَةٍ لِلْمَدَىتَطِيرُ بِنَا أُمَّةٌ مِنْ حَمَامْفَسِرْنَا إِلَى سِدْرَةِ المُنْتَهَىلِيَفْنَى القَصِيدُ وَيَفْنَى الكَلاَمْوَصَلَّى عَلَى الحُبِّ ربُّ الهَوَىوَصَبَّ عَلَى الحُبِّ أَزْكَى سَلاَمْوَصَبَّتْ بِأَرْوَاحِنَا جَمْرَةًتُدَاوِي النُّفُوسَ وتُحْيِي العِظَامْ واختتمت الليلة بتوقيع ديوان «ما فوق هذي الأرض» للشخصية العربية المكرّمة في المهرجان، الشاعر إسماعيل زويريق.
مشاركة :