انطلق، الثلاثاء معرض لاس فيغاس للإلكترونيات، الملتقى السنوي الأكبر لمستهلكي قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة، مع بروز أحدث الصيحات في المجال ولاسيما في ما يتعلق بعالم السيارات. وتعتبر صناعة السيارات أحد القطاعات الأسرع نموا في العالم رغم المطبات الكثيرة، التي باتت تقف حجر عثرة أمامها لتحويل مسارها نحو الاهتمام أكثر بالمسائل المتعلقة بالحفاظ على البيئة واستيعاب التطور التكنولوجي المتسارع. ويتوقع أن يستقبل معرض كونسيومر إلكترونيكس شو (سي.إي.أس) في المدينة الواقعة بولاية نيفادا غرب الولايات المتحدة ما يقرب من 175 ألف زائر والعشرات من العارضين خاصة أولئك الذين يعملون في قطاع السيارات خلال خمسة أيام. وبخلاف معارض السيارات العالمية، تحاول شركات السيارات عبر المعرض إظهار تأقلمها مع التطور التكنولوجي بإزاحة الستار عن آخر صيحة في عالم المركبات الكهربائية الذكية. وإن كانت سيارات اليوم مجهزة بالتقنية نفسها التي احتوتها الطائرات قبل سنوات، فإن مركبات المستقبل ستكون أكثر تطورا وستصبح آلات ذكية وذاتية القيادة مرتبطة بالإنترنت وباستطاعتها التواصل مع غيرها كما أنها غير ملوثة للبيئة. ولا يبدو أن هذا التوجه ستقوده الشركات العملاقة، التي لها باع طويل في هذه الصناعة، لوحدها فمع مرور الوقت تظهر على الساحة شركات ناشئة تطور تكنولوجيا في سيارات الغد ستكون منافسة قوية بلا شك. ويتوقع المحللون أن تسجل شركات تصنيع السيارات وابتكار تكنولوجيا النقل والمركبات ذاتية القيادة والكهربائية الذكية حضورا قويا في معرض هذا العام. وقد حجزت العديد من الشركات اليابانية والكورية والجنوبية والألمانية وغيرها، مكانها في المعرض وستكشف عن أحدث سياراتها ذاتية القيادة والذكية وأخرى ستكون حاضرة للكشف عن أنظمة النقل الذاتي للسيارات والشاحنات. وفي إطار التنافس في ما بينها قدمت بعض الشركات قبل بداية هذا الحدث العالمي لمحة حول المفاهيم الجديدة التي ستتحلى بها الموديلات التي ستعرضها، مما يرجح أن يتحول معرض سي.إي.أس إلى منصة عرض كبرى لإبراز تقنية السيارات والرؤية المستقبلية لها بشكل أكبر. نماذج اختبارية جديدة خطفت السيارات الذكية والشاحنات الكهربائية الأضواء مع افتتاح معرض لاس فيغاس أبوابه، حيث أزاحت أغلب شركات القطاع المشاركة الستار عن أحدث الصيحات التقنية والابتكارات في عالم المركبات. ولعل أبرز ما لفت انتباه المتابعين، ما كشفت عنه شركة هوندا اليابانية، حيث قدمت للجمهور نظاما جديدا للقيادة أطلقت عليه اسم أوجمنتد درايفنغ كونسبت. وأوضحت الشركة أن نظام القيادة مستعد دائما للتدخل والتحكم في توجيه السيارة عند الضرورة، مشيرة إلى أن النظام يوفر 8 أوضاع يمكن تفعيلها عبر المفاتيح. وتراقب العديد من المستشعرات قائد السيارة أثناء القيادة من أجل التبديل بسلاسة بين الأوضاع الفردية. ويعد المقود أحد الأجزاء الهامة للنظام الجديد، فمن خلال النقر مرتين على المقود يبدأ تشغيل السيارة، كما أن السيارة تتسارع بالضغط على المقود وتتباطأ بسحبه. كما سلطت شركة نيسان اليابانية الضوء على حسن استغلالها للثورة التكنولوجية الهائلة حين قدمت منتجات تعكس رؤية هذه العلامة التجارية الشهيرة المتعلقة بمستقبل التنقل وتتضمن سيارة أريا الكروس أوفر الكهربائية الاختبارية وشاحنة مثلجات خالية من الانبعاثات. وتتميز سيارة الكروس أوفر الخالية من الانبعاثات، التي تعرض للمرة الأولى في أميركا الشمالية، بمنصة كهربائية جديدة كليا. كما أن هذه المركبة تجسد رؤية التنقّل الذكي من نيسان باحتوائها على مجموعة واسعة من التكنولوجيات المتطورة وتقديمها خدمات توفر للزبائن تجربة ملكيّة وقيادة مبتكرة بنظرة مستقبلية في كل الأوقات. وقال تاكاو أسامي، نائب الرئيس الأول للأبحاث والهندسة المتقدمة في شركة نيسان إن “سيارة أريا الاختبارية تركز بالأساس على إبراز رؤية نيسان المستقبلية، والتي تتمحور حول توفير تجربة قيادة جديدة كليا بالنسبة للمستهلكين”. وأوضح أن السيارة لا ترتكز على أفكار ستطبق على المدى الطويل وإنما تضم تكنولوجيا متاحة في المستقبل القريب جدا. وتتمتع أريا الاختبارية بأنظمة تكنولوجية متطورة ومن بينها نظام مساعدة السائق المتطور برو بيلوت 2 ونظام التحكّم الكلي بمحرك ثنائي والمواد الصوتية استثنائية الخصائص ومخطط المسار الذكي. ومن خلال شاحنة مثلجات نيسان الخالية من الانبعاثات ستتاح للزوار طيلة أيام المعرض فرصة ثرية الاستمتاع بنكهة المثلجات، التي تقدمها شاحنة اختبارية تجمع بين نظام نقل كهربائي كلّي وبطارية ثانوية لتخزين الطاقة الإضافية وتوليد طاقة شمسية متجددة. ويرتكز محرك هذه الشاحنة المثيرة بتصميمها، الذي يتمتع بالكثير من النضج الابتكاري، على السيارة التجارية الكهربائية بالكامل إي.أن.في 200 وقد جهّزت ببطارية تولد 40 كيلوواط في الساعة. وتشير المواصفات الفنية لشاحنة المثلجات إلى أن كافة معداتها تعمل بواسطة وحدة طاقة تستخدم بطاريات ليثيوم أيون من سيارات الجيل الأول الكهربائية من نيسان. ومن المتوقع أن تعرض هيونداي نموذجا لسيارة طائرة تقول الشركة الكورية الجنوبية إنه إحدى ثمار استثمار مليارات الدولار في وسائل التنقل المستقبلية. وتريد الشركة الكورية العملاقة تعريف الجمهور خلال المعرض الأشهر على مستوى العالم بمفهومها ورؤيتها عن المركبات الجوية الشخصية والمركبات المدمجة متعددة الأغراض المستقلة. وتعتبر هيونداي أحد الكيانات المستثمرة في مجال المركبات الشخصية الطائرة، وهي من بين أكثر من 70 شركة تعمل في هذا المجال. في هذه الأثناء، أعلنت مجموعة بوش الألمانية، أحد أكبر مورد لقطاع غيار السيارات، أنها طورت جهاز استشعار يتيح للسيارات ذاتية القيادة رؤية ثلاثية الأبعاد للطريق، وتهدف إلى خفض تكلفة التكنولوجيا التي يمكن أن تسرع في تطوير السيارات ذاتية القيادة. وتقول الشركة إن مستشعر ليدار المطور سيغطي النطاقات الطويلة والمغلقة على الطرق السريعة وفي المدينة وسيعمل جنبا إلى جنب مع كاميرا الشركة وتقنيات الرادار. ولا تزال تقنية ليدار، التي تستخدم أجهزة استشعار، تستند إلى الضوء لإنشاء رؤية ثلاثية الأبعاد للطريق، وهي تقنية حديثة نسبيا ولا تزال في حالة تغير مستمر، وهي في شكلها الحالي، تعد مكلفا للغاية للاستخدام في الأسواق على نطاق واسع. ولكن إذا تم اعتماد مستشعر ليدر أرخص، فقد يوفر بيانات أكثر عمقا تتيح للسيارات ذاتية القيادة اكتشاف المسافة الفاصلة بينها وبين مستخدمي الطرق الآخرين مثل المشاة. وفي الوقت الذي تعمل فيه العديد من الشركات الناشئة على الليدر، فإن مشاركة كبار الموردين الموثوق بهم مثل بوش يمكن أن تساعد في الإسراع في اعتماد هذه التقنية. وقال هارالد كروجر عضو مجلس إدارة بوش إن “أنظمة بوش تجعل القيادة الآلية أمرا قابلا للتطبيق في المقام الأول”. استرضاء حماة البيئة هناك اتجاه كبير من طرف المصنعين باتجاه اعتماد التقنيات الكهربائية والذكية في السيارات بفعل الضغوط، التي تتعرض لها الشركات من المدافعين عن البيئة والحكومات من أجل احترام القواد التنظيمية الجديدة في هذا القطاع. وحتى لو لم يحالف الحظ الكثير من الشركات للمشاركة في الحدث لاستعراض عضلاتها في هذا المضمار، لكنها تتأهب للمشاركة في أول حدث سنوي للسيارات هذا العام ضمن فعاليات معرض فيينا الدولي في الفترة من 16 إلى 19 يناير الجاري. وبدأت شعبية السيارات الكهربائية في الأسواق العالمية في تزايد بشكل ملحوظ، وتتجه هذه الفئة إلى الاستحواذ على حصة كبيرة من سوق، مدعومة بثقة المستهلكين. وهذا الأمر جعل عمالقة هذه الصناعة في محل تنافس شديد. ولم يعد يقتصر الأمر على الشركات التي تتبنى سياسات الاقتصاد الأخضر، مثل تسلا الأميركية أو بايتون الصينية فحسب، بل بات جزءا من خطوط إنتاج السيارات التقليدية، التي تركز على التصميم وقوة المحرك وإدخال آخر صيحات الرفاهية. واتخذت بعض الشركات مسارا أكثر جدية، مما أدى إلى دخولها إلى سوق السيارات الكهربائية، بهدف انتزاع حصة من سوق تشهد نسقا متزايدا. وعلى سبيل المثال، تشهد السيارات الرياضية متعددة الأغراض ازدهارا كبيرا في الوقت الحالي، وذلك لما تتمتع به من مزايا عدة، غير أن هذه الموديلات تقع في مرمى نيران حماة البيئة بسبب زيادة استهلاك الوقود والانبعاثات الضارة. اتجاه متزايد لدي المصنعين باعتماد التقنيات الكهربائية والذكية في الجيل المقبل من السيارات نتيجة الضغوط التي يتعرضون لها من المدافعين عن البيئة ويرى الخبير آرتور كيبفرلر أن الموديلات متعددة الأغراض (أس.يو.في) تجذب اهتمام الجمهور بسبب التصميمات العصرية الأنيقة والعملانية وبفضل المساحة الداخلية الكبيرة، فضلا عن وضعية الجلوس العالية، التي تتيح رؤية أشمل للطريق. ويقول الخبير إن المساحة الداخلية الكبيرة تتطلب هيكلا أكبر، وهو ما يعزز وجهة نظر المشككين، والذين يربطون دائما بين زيادة الحجم وزيادة استهلاك السيارة من الوقود، ومن ثم زيادة الانبعاثات الضارة. وأكد أن هذا الأمر دفع شركات السيارات إلى البحث عن حلول تقنية للحد من استهلاك السيارات الكبيرة من هذه الفئة للوقود مثل التعزيز بالدفع الكهربائي بداية من نظام الدفع الهجين المعتدل وصولا إلى نظام الدفع الكهربائي الخالص. ويظهر هذا بشكل خاص لدى الشركات والعلامات التجارية الفاخرة مثل أودي كيو 5 وكيو 7 ومرسيدس جي.أل.إي وجي.أل.أي وبي.أم.دبليو إكس 3 وإكس 5 وبورشه كيان مع قيم استهلاك قياسية أقل من لترين. وتقدم تويوتا على سبيل المثال سي.أتش.آر في نسختين بالدفع الهجين وستقوم قريبا بتجهيز أيقونتها آر.أي.في 4 ببطارية مع وصلة للشحن. ويشمل دفع كيا نيرو النسخة الهجينة ونسخة الدفع الهجين والنسخة الكهربائية الخالصة، كما تظهر نسخ كونا بالدفع الهجين أو الكهربائي الخالص. وتنتهج كل من بيجو ودي.أس نفس الفلسفة، إذ تطلق الشركات الفرنسية الموديلين 2008 ودي.أس 3 كروسباك بمحركات بنزين وديزل ومحرك كهربائي.
مشاركة :