الأزمة المالية تجبر اللصوص في لبنان على تغيير أساليبهم

  • 1/9/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قلّما يخلو منزل لبناني من خزنة حديدة يودع فيها أمواله وأغراضه الثمينة، وتحديداً هذه الأيام، بعد ارتفاع نسبة السرقات، إلا أن الخزائن لا تمنح الشعور بالأمان، كما تقول إحدى السيدات لـ«الشرق الأوسط»، مضيفة أن «اللص إذا كان مسلحاً، فسيرغمنا على فتحها وسلب ما فيها. لذا نفتش عن وسيلة آمنة نخفي فيها أموالنا داخل المنزل».ومع تردي الوضع الاقتصادي، ارتفع الإقبال على شراء الخزانات لحماية الأموال التي يكدسها اللبنانيون في المنازل. إذ من المتوقع أن يشهد المجتمع اللبناني مزيداً من حوادث السرقة، لا سيما بعد الحديث عن أن نحو 50 في المائة من الشعب اللبناني يعيشون تحت خط الفقر، ومع ارتفاع معدل البطالة إلى 40 في المائة، مقابل وجود أموال مكدسة تتجاوز الملياري دولار في خزائن اللبنانيين الموجودة في منازلهم، بعدما فقدوا الثقة بالمصارف، وفقدوا القدرة على سحب أموالهم عندما يحتاجون إليها مع الإجراءات التي اتخذتها تلك المصارف، حتى قبل اندلاع الانتفاضة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.وبين الحاجة والفوضى، تنتشر أخبار السرقات، التي لم تعد توفر حتى المؤسسات الرسمية أو دور العبادة؛ فقد أقدم مجهولون على سرقة محتويات خزانة مكتب لـ«مؤسسة كهرباء لبنان»، قبل نحو شهرين. كما تسلل لصوص إلى إحدى الكنائس، وسرقوا صندوق التبرعات.وأطرف السرقات، حصلت قبل نحو أسبوعين، عندما نشل أحد اللبنانيين «سيخ شاورما» من أحد مطاعم بيروت، وفر به هارباً، إلا أن صاحب المطعم منع العمال من مطاردته، معتبراً أنه سرق ليأكل ويطعم عائلته.لكن بعض السرقات يتم التخطيط لها، لا سيما إذا كانت «العملية دسمة»، كما حصل في إحدى قرى الجنوب، فقد تعرض أحد المواطنين إلى سرقة مبلغ يفوق المائة ألف دولار، وذلك في منزله المجهّز بكاميرات للمراقبة، ومن دون اقتحام أو خلع أو كسر، ما يعني أنه على صلة بالسارقين الذين دخلوا المنزل بطريقة طبيعية، عندما كان بمفرده بعد ذهاب عائلته إلى بيروت، ثم عطلوا الكاميرات وسلبوه أمواله.ويتم تداول شريط صوتي يحذر السيدات تحديداً من سرقة سياراتهن وحقائبهن، لأن اللصوص يعتبرونهن صيداً سهلاً. كما ينصح النساء بعدم التزيّن بالمجوهرات والذهب تجنباً لجذب اللصوص.تجدر الإشارة إلى أن سرقة السيارات تراجعت بنسبة ملحوظة بحسب الإحصاءات الأمنية الرسمية. والسبب هو العجز عن بيعها أو فرض مبالغ مالية مرتفعة على أصحابها ليستعيدوها، كما كانت العادة مع هذا النوع من العصابات المتمركزة في البقاع اللبناني.فنقص السيولة، إثر أيضاً على هذه العصابات، التي حوّلت نشاطها إلى سرقة الدراجات النارية لسهولة بيعها، من جهة، ولحاجتهم إليها للتحرك بسرعة من جهة ثانية. إضافة إلى أنها توفر في استهلاك الوقود.كذلك تفاقمت سرقة أكثر من عشرين صيدلية مع تهديد بالسلاح، الأمر الذي استدعى تأمين بعض الحماية الذاتية، كما يقول صيدلي لـ«الشرق الأوسط»، ويوضح أنه «اضطرّ إلى وضع باب حديدي عند مدخل الصيدلية وفتح نافذة فيه، يعمد ليلاً إلى إقفاله وفتح النافذة ليزود الزبائن بأدويتهم عبرها، هذا عدا احتفاظه بمسدس يتمنى ألا يستخدمه».وتفيد أرقام قوى الأمن الداخلي عن حصول 1573 سرقة سنة 2019، إضافة إلى 240 عملية سلب و668 عملية نشل، بزيادة تصل إلى 13.1 في المائة عن العام الماضي. إلا أن هذا الوضع لا يزال أفضل منه مما كان عليه بين الأعوام 2014 و2017.. فمعدل السرقات بلغ 131 شهرياً، خلال عام 2019. في حين وصل إلى 190 سرقة شهرياً عام 2014.وترى الجهات الأمنية أن «نسبة السرقة مقبولة جداً في ظل الظروف التي يعيشها اللبنانيون، ولا داعي للهلع. وليس صحيحاً أن الفقر هو سبب السرقة، وإن بقي أحد المؤشرات المهمة».وتشير إلى أن «ما يحد من هذه الظاهرة هو سرعة تحرك القوى الأمنية وإلقاء القبض على المرتكبين، فقد تم توقيف العصابات المسؤولة عن سرقة الصيدليات. وكذلك بعض عصابات سرقة السيارات. ولبنان لا يشهد فوضى أمنية، لأن الردع سريع للجم أي عمل إجرامي».وتشدد الجهات الأمنية إلى «أنها تبذل جهداً كبيراً لمنع الفوضى، وتحديداً في محيط المصارف، سواء لحماية الموظفين أو لتسهيل شؤون المواطنين، والحؤول دون أن يستغل أي كان الأزمة الحالية. كما تحدد أولوياتها من خلال الملاحقات والمتابعات التي تقوم بها قوى تملك الحرفية والوسائل المتطورة».

مشاركة :