حقق علماء فنلنديون إنجازاً غير مسبوق يتمثل في إنتاج أول غذاء بروتيني من الهواء والماء والكهرباء، وذلك من خلال تقنية كيميائية تفاعلية صديقة للبيئة تشبه عملية التخمير الغذائي.ومن خلال شركة ناشئة أسسوها تحت اسم «سولار فودز»، قال العلماء إنهم استلهموا الطريقة من تقنية يستخدمها رواد الفضاء لإنتاج الغذاء خلال رحلاتهم.وأطلقت الشركة على الغذاء الجديد اسم «سوليين»، واصفة إياه بأنه «البروتين الأكثر ملاءمة وصداقة للبيئة في العالم»، حيث انه يتم انتاجه عن طريق استخدام تيار كهربائي لتحريض الماء على إطلاق فقاعات من غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الهيدروجين اللذين يشكلان المكونين الرئيسيين للهواء، ثم تضاف بكتيريا خمائرية نافعة حية إلى السائل لتتغذى على تلك الفقاعات وتنتج مادة «سوليين» التي يتم تجفيفها بعد ذلك لصنع مسحوق بروتيني صالح للاستهلاك الآدمي من خلال استعماله كمكمل غذائي.ويشرح موقع الشركة على الانترنت الطريقة الجديدة موضحا أنها «عملية تخمير طبيعية مشابهة لتخمير أغذية كثيرة من بينها المخللات، ولكن إجراءها يحتاج إلى جهاز تفاعلات خاص يشبه فانوس الأعاصير.ويحتوي مسحوق سوليين المجفف على نسبة بروتين تبلغ 50 في المئة، ويشبه طحين القمح تماماً في الشكل والمذاق. ويمكن استخدامه كإضافة بروتينية في جميع أنواع الأكلات، كما يمكن انتاجه بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لتعزيز قوامه ومذاقه». وقال الرئيس التنفيذي للشركة، الدكتور باسي فاينيكا، لصحيفة الغارديان البريطانية: «إن بروتين سوليين هو نوع جديد تماماً من الطعام، وبشكل أكثر تحديدا هو نوع جديد من البروتين. إنه يختلف عن جميع الأطعمة التقليدية الأخرى في كيفية إنتاجه لأنه لا يحتاج إلى الزراعة أو الاستنبات. إنه يوفر حلاً موحداً يلبي كل وجبة أو حمية يمكن تخيلها اليوم، مع توفير فرص لأطعمة جديدة تمامًا من المستقبل».وأضاف الدكتور فاينيكا أن العملية المستخدمة لإنتاج البروتين سوليين تعتمد في جوهرها على تحويل غازي الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون إلى سعرات حرارية بروتينية مغذية، موضحاً أن ما يميز هذه الطريقة هو أنها قابلة للتطوير على نحو مثير للدهشة بحيث يمكن استخدامها لإنتاج ذلك الغذاء العجيب في أي مكان في العالم بأقل التكاليف، وخصوصا في مناطق المجاعات. وعلاوة على ذلك، تؤكد شركة «سولار فودز» أن الطريقة المبتكرة تتميز بكونها صديقة للبيئة، حيث أنها أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة بمقدار 10 أضعاف مقارنة بإنتاج الغذاء من مصادر نباتية أو حيوانية تقليدية.وعن ذلك قال الدكتور فاينيكا: «إن أحد الأسباب التي تجعل اللحوم ضرورية للغاية بالنسبة لنظامنا الغذائي هو أنها مصادر ممتازة للبروتين عالي الجودة الذي يحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية، وهذه الأحماض توجد في بروتين سوليين الذي نجحنا في انتاجه. ولكن لأنه يتم الحصول عليه من خلال تفاعلات باستخدام الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون والكهرباء فقط، فإنه لا يحتاج إلى مساحات كبيرة من الأراضي لإنتاجه».وعلمياً، فإن من بين الخصائص الفريدة الأخرى التي تتميز بها طريقة إنتاج بروتين سوليين أنها تسمح باستخلاص ذرات الكربون مباشرة من غاز ثاني أكسيد الكربون من دون الحاجة إلى مصدر للسكر. وفي المقابل، فإن العمليات الأخرى التي تستخدم البكتيريا الخمائرية لإنتاج البروتين - مثل زلال البيض أو بروتين الحليب - تتطلب مساحات واسعة من الأراضي الزراعية للقيام بالمهمة ذاتها.وعلى الرغم من أن العلماء لا يتوقعون لبروتين «سوليين» أن يشكل بديلاً أو منافساً لطرق إنتاج الأغذية البروتينة التقليدية في المستقبل المنظور، فإنهم يتوقعون له أن يصبح «حصادا جديدا» للإنسانية، وهذا أمر مهم بالنظر إلى أن البشرية ما زالت تعتمد بشكل أساسي حتى الآن على النباتات والحيوانات للحصول على القوت. ويخطط مسؤولو الشركة لافتتاح أول مصنع لإنتاج وتسويق بروتين «سوليين» بكميات تجارية في نهاية العام 2021، وتوسيع نطاق الإنتاج ليصل إلى ملياري وجبة سنويا بحلول العام 2022.
مشاركة :