فى ظل ما يواجهه الوطن العربى والشرق الأوسط من تحديات وتداعيات تتطور بسرعة فائقة لتشتد معها المواجهات بين الزعامة والعمالة ، فعندما أخذت أفكر فى وصف هذا الصراع القائم حاليا لم أجد له وصفا أدق من هذا الوصف فنحن أمام معركة شرسة للغاية بين الزعيم والقائد الرئيس عبدالفتاح السيسى والعميل المتأسلم أردوغان ، تلك هى الحقيقة الواضحة لنا ولكل من يتعمق فى قراءة المشهد بدقة ، فلننظر كيف نشأت تركيا الحديثة وكيف ظهر فى المشهد العالمى هذا المغرور الأهوج " أغبوغان".فعندما تأسست جمهورية تركيا الحديثة على يد الغازي مصطفى كمال أتاتورك كما أسماه الأتراك فى عام ١٩٢٣ والتى ألغت الخلافة الإسلامية عقب إنتهاء الحرب العالمية الأولى وأعلنت تحويل تركيا إلى دولة علمانية مدنية يكون الجيش فيها هو الحامي للنظام العلماني أى يتدخل وقتما يرى تهديدا للعلمانية .وظل هذا النظام معمولا به حيث كان الجيش يطيح بأى مظهر أو نظام أو حراك يهدد الطبيعة العلمانية للدولة التركية الحديثة ، حتى ظهر فى المشهد أردوغان الذى خضع للسجن عام ١٩٩٨ بسبب اتهامه بالتحريض على الكراهية الدينية مما تسبب فى منعه من ممارسة العمل العام إلى أن بدأ مسلسل تأهيله لأن يكون زعيما إقليميا برعاية الصهيونية العالمية فى صورة الزعيم المحلى الملتزم بقيم أتاتورك فى إطار الشكل الإسلامى البعيد عن نهج أستاذه نجم الدين أربكان الذي لم يتمكن من خداع المؤسسات العلمانية التركية بما يكفى لكى يستمر فى المشهد السياسى وتمت الإطاحة به سريعآ بسبب ظهوره فى صورة المرشد الروحي أكثر منه زعيما سياسيا.فبعد وصوله إلى السلطة من خلال حزب العدالة والتنمية استطاع أردوغان أن يقلص نفوذ الجيش التركى إلى أدنى مستوياته منذ تأسيس تركيا الحديثة فى عشرينيات القرن الماضي بمساعدة الصهيونية العالمية التى رأت فى أردوغان رصيدا استراتيجيا سوف تلجأ له لتنفيذ مخططها بسيادة نظام الإسلام السياسي الذى يمثل فيه التنظيم الدولى للإخوان الإرهابية رأس الحربة ليحكموا العالم الإسلامي والمنطقة العربية تحديدا.ومن هذا المنطلق سعت الجهات المخططة لذلك لتقوية نظام أردوغان ودعم إقتصاد تركيا حتى يصبح قوة ضاربة ومثالا يحتذى به عند الحديث عن نظام حكم ناجح يستند إلى الإسلام السياسي.وجاءت اللحظة المناسبة بما عرف بثورات الربيع العربي التى كانت حصان طروادة بحكم الإسلاميين ووصولهم إلى قمة هرم السلطة فى كل من تونس ومصر وليبيا وكادوا أن يتحقق حلمهم في سوريا والجزائر .إلا أن القائد والزعيم الرئيس عبدالفتاح السيسى نجح فى إفشال مخططاتهم فى مصر وأنهى كل أمل لهم فى إستعادة حكم الإسلام السياسي لتلك المنطقة .بينما بقي أردوغان يغرد وحيدا حاملا سيف الإسلام السياسي وذهبه فى محاولة منه لإستعادة نفوذ الإسلاميين بأى وسيلة ممكنة مستغلا في ذلك ما أسسه ودعمه من ميلشيات تنتمي إلى أقصى درجات التشدد رافعة - زورا وبهتانا - لواء الشريعة الإسلامية عندما اكتشف الجميع أنه لا يوجد شيء يسمى وطن لدى من يصفون أنفسهم بالإسلاميين وأن السلطة والمال هما الهدف الأساسى لهم ينفقون في سبيله الغالي والنفيس ويبيعون لأجله كل شيء ويتاجرون بالدين والوطن والتاريخ والمحرمات لأن الوطن من وجهة نظرهم لايعدوا أن يكون "حفنة تراب عفن".تلك هي المفارقة بين السيسى الزعيم الذى يعشق تراب الوطن ويؤمن بالدولة الوطنية وبين أردوغان العميل الذى ينفذ مخططات تسعى لتمزيق الأوطان لتبنى إمبراطورية وهمية بدأت بالعبور على جثث العراقيين والسوريين وليس انتهاء بالعبور على جثث الليبيين إذا طالتهم أقدام ميلشياته المتطرفة.
مشاركة :