حان الوقت لإعادة التفكير في السندات الحكومية

  • 1/10/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يقولون لا أحد يقرع جرسا عند قمة السوق. عادة ما يكون من السهل تحديد التحولات الرئيسية في أنماط الاستثمار متأخرا، لكن تصعب رؤية حدوثها في الوقت الفعلي. قد يكون التحول العميق الحالي في التفكير في السندات - اتجاهها ووظائفها في المحافظ - استثناء. بالنسبة لكثير من مديري الصناديق ومستشاري الثروات، وصلت مرحلة إعادة التفكير هذه في 13 أيلول (سبتمبر) 2019، عندما تلاعبت صحيفة "بيلد" الشعبية الألمانية بصورة ماريو دراجي - رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق – وصورته على أنه مصاص دماء. صورة الصفحة الأولى لدراجي بأنياب (تمثيلا للشخصية الخيالية دراكولا) تشير إلى أن البنك المركزي كان يمتص الدماء من الحسابات المصرفية للمدخرين الألمان من خلال حزمة تدابير التسهيل النقدي التي لجأ إليها البنك. كانت الرسالة الأوسع منسجمة إلى حد كبير مع نمط الصحف الشعبية الألمانية القاسية. لكن صورة دراجي ذات المظهر الشرير كانت تعكس شعورا شخصيا، غاضبا وملحا أكثر. إذا سألت أحد مديري الصناديق عن الوقت الذي بدأ يشعر فيه جديا بالقلق من أن أسعار الفائدة السلبية تجاوزت الحد، فغالبا ما تكون الإجابة هي وقت نشر "بيلد" لتلك الصورة. الهزات كانت موجودة قبل ذلك، كما حدث عندما بدأ المصرف السويسري "يو بي إس" في فرض رسوم على العملاء الأثرياء مقابل الودائع، أو عندما بدأ مصرف جيسك الدنماركي في الدفع للعملاء مقابل أن يأخذوا قروضا عقارية. لكن شيئا ما عن مصاص الدماء دراجي يبقى عالقا في الحلق إلى حد ما ـ معذرة على التورية. ديدييه سان جورج، المدير الإداري لشركة إدارة الأصول الفرنسية "كارميناك"، وصف الصور بأنها "كريهه". لكنها أثبتت أيضا أنها أحد الأسباب للتفكير بعناية أكبر فيما تفعله حقا السندات ـ التي يفترض أنها آمنة ـ لمحفظة استثمارية عندما يدفع الدعم من البنوك المركزية الأسعار إلى مستويات عالية بشكل غير مريح. اقتناء كمية كبيرة من السندات يعد أمرا منطقيا حين كان محافظو البنوك المركزية لا يزالون يخفضون أسعار الفائدة ويعدون فعليا بدعم نقدي ثابت. لكن الآن صناع السياسة ينادون بالصوت العالي من أجل الحصول على مساعدة مالية، الأمر الذي أوجد معارضة عامة. "من الناحية التاريخية، خاصة في الأعوام العشرة الماضية، إذا كانت لديك محفظة متوازنة من الأسهم والسندات، فإن السندات جزء رائع من بناء محفظتك، ليس لأنها كانت تعمل بشكل جيد فحسب، بل لأنها أيضا تعد تحوطا لمخاطر الأسهم". الآن الفرضية القائلة إن أسعار الفائدة يمكن أن تستمر في الانخفاض سعيا وراء تضخم أعلى، وبالتالي رفع أسعار السندات، آخذة في الانهيار. التراجعات الصغيرة نسبيا في الأسعار يمكن أن تكون مؤلمة والقدرة على تحقيق مزيد من المكاسب في السندات، في حالة تذبذب الأسهم، تعد محدودة. سان جورج يتوقع أن عام 2020 لن يكون بالضرورة عاما متعلقا بحدوث أزمة أو عدم حدوثها، لكنه يعتقد أنه سيجلب تعديلا جذريا في كيفية تفكير الناس في البناء الصحيح للمحفظة. قال إن ديون الأسواق الناشئة ذات النوعية الجيدة وعملات الأسواق الناشئة والذهب يمكن أن تصبح مفضلة أكثر باعتبارها تشكل تحوطات عندما تصبح أسواق الأوراق المالية في حالة تدهور. في تشرين الثاني (نوفمبر) قالت مجموعة بلاك روك لإدارة الصناديق في نيويورك، إنها اضطرت إلى إعادة النظر في الدور الذي تلعبه السندات الحكومية ـ التي ما عادت تحقق ربحا أو فائدة ـ في المحافظ الاستثمارية. إن علاقة المد والجزر بين الأسهم والسندات التي أصبحت مألوفة على مدى العقدين الماضيين مهددة بالانهيار. وأضافت المجموعة أن أسواق السندات الحكومية الأوروبية واليابانية من المرجح أن تلعب "دورا متناقصا" نتيجة لعوائدها الهزيلة جدا، أو السلبية. في شركة إدارة الأصول "بلو باي" BlueBay، قال كبير الخبراء الاستراتيجيين في الاستثمار، ديفيد رايلي، إن التدفقات على مدار العام الماضي تشير إلى وجود فتور تجاه سندات الحكومات الأوروبية وميل أكبر تجاه ديون الشركات ذات النوعية الجيدة. العوائد ليست مذهلة تقريبا، لكنها على الأقل إيجابية. وقال إن سندات الحكومة الأمريكية قد تستمر في الارتفاع إذا تدهورت الأسهم، أو حدث ركود غير متوقع. "لكنها قضية أكبر في أوروبا"، مضيفا أن السؤال هو "إلى أي مدى ستزيد سلبية سندات الحكومة الألمانية؟". سانت جورج، الحريص على شراء السندات، اعترف بأن التراجع عن السندات الحكومية الأساسية بقوة شديدة، أو في وقت مبكر للغاية قد يكون مؤلما. لكنه قال: "شيء واحد نعرفه في الجبال. أبرد وقت في اليوم هو قبل الفجر. (البنوك المركزية) لم تتسلم بعد. ليس هناك ما هو واضح، ولا شيء مؤكد، لكننا لا نريد أن نتأخر لأن المخاطر آخذة في الارتفاع". قد لا يكون هذا هو الوقت المناسب للهجوم، لكنه الوقت المناسب للتفكير. توقع مزيدا من هذا من مديري الصناديق في2020.

مشاركة :