أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده ترسل قواتها بشكل تدريجى إلى ليبيا، وأنها ستكون هناك للتنسيق والإدارة والتوجيه، وسيكون هناك ضباط أتراك؛ للقيام بذلك، وأكد وزير الخارجية التركي، أن بلاده سترسل خبراء عسكريين، وفرقًا للتقنية؛ لدعم حكومة الوفاق، ويأتى التدخل التركى في ظل رفض عربى وأوروبى ودولي، وقد أعلنت وزارة الخارجية المصرية، أن اجتماعًا تنسيقيًّا خماسيًّا سيعقد في القاهرة، يضم وزراء خارجية «فرنسا وإيطاليا وقبرص واليونان ومصر»؛ لمناقشة تطورات المشهد الليبي، بعد التدخل العسكرى التركى هناك.الاستعانة بمرتزقةتشير المعلومات المؤكدة، إلى أن تركيا استبقت إرسال قواتها النظامية إلى ليبيا، بإرسال ألف مقاتل سوري، ممن تدربوا في معسكرات تركية؛ للمشاركة في القتال إلى جانب قوات حكومة الوفاق، التى تسيطر على العاصمة طرابلس، ويسيطر حلفاؤها على مدينة مصراتة، بينما تشير المعلومات إلى سقوط مدينة سرت بالكامل في قبضة قوات الجيش الوطنى الليبى الذى يقوده «خليفة حفتر»، ويسيطر على شرق ليبيا.وتشير المعلومات، التى أكدها المرصد السورى لحقوق الإنسان، إلى أن عمليات تجنيد المقاتلين في عفرين ومناطق درع الفرات، التى تسيطر عليها قوات موالية لتركيا مستمرة، وأنه مع نهاية ديسمبر، ارتفع عدد من وصلوا إلى معسكرات التدريب التركية ليبلغوا ١٦٠٠ مقاتل، من فصائل السلطان مراد وسليمان شاه وفرقة المعتصم، وأضاف المرصد السورى – وهو جهة موثوقة كمصدر للمعلومات – أن تجنيد المرتزقة يعتبر جريمة وفقا للاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم، والتى صدرت قبل ٣٠ عامًا.وتشير المعلومات المؤكدة أيضًا، ال أن المقاتلين الذين أرسلهم «أردوغان» إلى ليبيا، وعدهم بمنحهم الجنسية التركية، إذا استمروا في القتال هناك لمدة ستة أشهرالباحثة والناشطة في مجال حقوق الإنسان في معهد The Forum For Reginal Thinking، «إليزابيث تسوركوف»، نشرت على حسابها على تويتر بطاقة هوية صادرة عن تركيا، منحت الجنسية للقادة الذين أرسلوا إلى ليبيا فعلًا، كما مُنحوا جوازات سفر تركية، ويشرف على إرسال قوات المرتزقة؛ للقتال في ليبيا شركة «سادات» الأمنية، والتى يشرف عليها الجنرال المتقاعد «ثائرى فردي» كبير مستشارى «أردوغان»، الذى ذكر أن الشركة ترصد التهديدات التى تستهدف الدول الإسلامية، وتتصدى لتلك التهديدات، حيثما وجدت، وتقول «ميرال أكشينار»، رئيسة حزب الخير التركي، أن الشركة التى يديرها «عدنان فردي»، أقامت قاعدة عسكرية في تركيا، وتدرب عناصر مسلحة من المدنيين.صعود داعشتشير المعلومات، إلى أن داعش دخل ليبيا، في سياق الصعود الهائل للتنظيم وسيطرته على أراض واسعة في العراق وسوريا في عام ٢٠١٤، ثم نفذ أولى عملياته هناك في نفس العام، وسيطر على النوفلية وسرت ودرنة، بيد أنه طُرد منها وخسر آخر معاقله في سرت عام ٢٠١٦، وقاد التنظيم «محمود البرعصى - أبو مصعب الليبي»، الذى قتلته القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا «أفريكوم»، في سبها جنوب ليبيا، في نهاية شهر أكتوبر الماضي، وبحرمان التنظيم من وجوده على البحر المتوسط في سرت، فإنه عاد ليكون تنظيمًا صحراويًّا، والصحراء في الأساس هى المجال الحيوى لنشاط التنظيم، ويعتبر الصحراء بحره الذى يحسن المناورة فيه، عبر ما يطلق عليه إستراتيجية «سمكة الصحراء»، التى تختفى في الرمال، ثم لا تلبث أن تظهر من جديد.ورغم أن القوات الأمريكية تتعقب التنظيم في الجنوب الليبي، بضرباتها الساحقة، التى لا تتوقف، والتى قضت تقريبًا على أغلب عناصر التنظيم، بحيث لم تعد هناك إلا أعداد قليلة منها، تقدر بنحو مائة فقط، بيد أن التدخل العسكرى التركي، واعتماده صيغة قتال المرتزقة، والميليشيات في الصراع، إلى جانب احتمالات تصاعد التدخل العسكرى التركى مع مرور الوقت، والمزيد من التورط في المستنقع الليبي، فإن تلك البيئة سوف تقود إلى عودة من جديد لداعش وبقوة، ومن المتوقع تقدمه من الانزواء في الصحراء جنوبًا؛ لاستعادة المناطق التى كان يسيطر عليها من قبل، سواءً في درنة أو سرت أو حتى في مصراتة وطرابلس ذاتها، فالتنظيم لديه خلاياه النائمة في درنة، والتى عاد نشاطه إليها، كما أنه لا يزال يمثل خطرًا كبيرًا، رغم الضربات الأمريكية، فقد عاد في ديسمبر، ببث فيديو لوكالة أعماق، يذبح فيه مواطنين ليبيين بطريقة وحشية، بعد استيلائه على بلدة «الفقها»، بجنوب ليبيا وبدا من الفيديو الإمكانيات اللوجستية الكبيرة، التى يملكها التنظيم.لماذا الصعود؟نرجح صعود داعش مع التدخل العسكرى التركى في ليبيا للأسباب الآتية:أولًا: تمثل بيئة عدم الاستقرار والمواجهات العسكرية، غير الحاسمة، البيئة المناسبة؛ لمنح التظيم مزيدا من الأكسجين للتنفس، فهو يعمل بقوة في البيئات التى تتصاعد فيها الحروب، ويغيب الاستقرار، وتعم الفوضى.ثانيًا: الانخراط في الصراع العسكرى بين القوى المتقاتلة، يخفف الضغوط على التنظيم، ويمنحه الفرصة؛ لإعادة تنظيم صفوفه، كما يمنحه الفرصة الذهبية لمزيد من التجنيد للعناصر، الذى يعوض به ما خسره، جراء الضربات التى تم توجيهها إليه.ثالثًا: لا يزال التنظيم يملك القدرات على الترابط بين أعضائه في المناطق المختلفة، وقد سبق أن فر إلى ليبيا عديد من عناصره، بعد هزيمته في العراق وسوريا، كما أن ليبيا بموقعها الجغرافى وحدودها المفتوحة على بحيرة تشاد، ومنطقة الساحل والصحراء، سوف تمنح التنظيم فرصة التواصل مع المنتمين إليه في تلك المنطقة، وربما تغريهم ليبيا في حالة الصراع العسكرى الجديدة، باتخاذها قاعدةً وملاذًا آمنًا لهم.رابعًا: لا يزال التنظيم يملك من القدرات المالية والإعلامية الكثير، ومن ثم فإن ما يجرى في ليبيا مع التدخل العسكرى التركى هناك، سوف يفتح الباب واسعًا لجذب المزيد من الأنصار في أفريقيا والعالم، خاصةً وأنه يعتبر أن القارة السمراء هى مجال حيوي، يعوضه عن خسارته الكبيرة في الشام.خامسًا: الميليشيات التى تم نقلها إلى ليبيا من قبل تركيا، يمكن أن تغير ولاءاتها مع المتغيرات الجديدة، التى ستواجهها في الظروف الجديدة، ومن المحتمل أن يتحول ذلك الولاء ناحية تنظيم داعش، فخطوط ولاء القوى المدنية والمرتزقة، يمكن تحولها وانتقالها، إما لأسباب أيديولوجية، أو أسباب متعلقة بالطمع في مزيد من المزايا المادية.
مشاركة :