غزة 10 يناير 2019 (شينخوا) يتابع الفلسطينيون بترقب بالغ وتيرة التطورات الميدانية الإقليمية الحاصلة بفعل التوتر الإيراني الأمريكي، واحتمالات اتساعها وانعكاسها على اندلاع مواجهة مع إسرائيل. ويرى مراقبون فلسطينيون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا))، أنه على الرغم من أن الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة، خصوصا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي، وغيرها تتمتع بعلاقات قوية مع إيران، إلا أنها تعاملت بحذر شديد تجاه المواجهة الأخيرة بين طهران وواشنطن. ويقول المحلل السياسي من غزة حسام الدجني إن "المصالح الوطنية هي التي طغت حتى الآن على سلوك الفصائل في التعامل مع هذه الأزمة". ويضيف الدجني أنه من المستبعد ذهاب الفصائل في غزة لأي مواجهة مع إسرائيل بسبب رغبات إقليمية "مالم تكن هذه المواجهة شاملة وتصب في الصالح الفلسطيني العام". لكن التجربة في تقييم الوضع الأمني في قطاع غزة أثبتت مرارا أنه يبقي هشا وحساسا وقد ينطوي على مفاجآت غير محسوبة التداعيات "ما يجعل الأمور مرشحة لتصعيد مفاجئ دائما"، كما يرى مراقبون. وكانت إيران أطلقت الثلاثاء الماضي صواريخ باليستية على قواعد عراقية تستضيف قوات أمريكية انتقاما لمقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، في ضربة أمريكية قرب مطار بغداد يوم الجمعة الماضية. ويرى مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري، أن "الضربة الإيرانية مهمة، فلأول مرة منذ زمن بعيد تعلن دولة قصف قاعدة أمريكية". ويستدرك المصري قائلا "لكن حجم الضربة وملابساتها ونتائجها تدل على أن طهران لا تريد حربا، كما ظهر ذلك بوضوح بتصريح وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف بأن رد بلاده اكتمل، ما يعني تفضيل طهران العمل تحت الرادار ومن وراء ستار". ويعتبر أن "رد إيران حتى الآن ليس بحجم اغتيال سليماني ومن معه، وأقل من التوقعات العالية التي سببتها التهديدات الإيرانية، وهو ما قد يفتح الباب لردود من حلفاء وأذرع إيران الخارجية". ويشدد المصري على ضرورة "الامتناع فلسطينيا عن الانزلاق في أحد المشاريع وخدمته على حساب المصالح والحقوق والأهداف، فالقضية الفلسطينية محور الاستقطاب وليست في جيب أي محور رغم حجم التقاطعات مع هذا المحور أو ذاك". والتزمت السلطة الفلسطينية الصمت التام إزاء حادثة قتل سليماني، وما تبعها من ردود فعل ميدانية من إيران تجاه أهداف أمريكية، فيما نعت حماس وفصائل أخرى في غزة الجنرال الإيراني ودعمت موقف طهران في مواجهة واشنطن. وشارك وفدان قياديان من الصف الأول في حماس والجهاد الإسلامي بمراسم تشييع سليماني، في إيران وعقدا اجتماعات مع كبار المسؤولين فيها. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل بعثت برسالة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة، عبر وسطاء تحذر فيها من هجمات فلسطينية ضدها ردا على اغتيال سليماني انطلاقا من قطاع غزة. وأعلنت وزارة الخارجية وأجهزة الأمن الإسرائيلية رفع حالة التأهب الأمنية، وتعزيز الحراسة في كافة سفاراتها وممثلياتها حول العالم خشية أعمال انتقامية إثر اغتيال سليماني. ولم تشر إسرائيل إلى تهديدات محددة، لكنها ألمحت إلى إمكانية شن هجمات من الأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا من قبل حزب الله اللبناني ومجموعات إيرانية. ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة (الأزهر) في غزة مخيمر ابو سعدة، أنه "ليس ثمة ما يشير إلى أن اغتيال سليماني سيؤثر بشكل فوري على معادلة التهدئة القائمة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في غزة". ويقول ابو سعدة إنه "لا مصلحة للجانبين حتى الآن في دخول مواجهة عسكرية جديدة في قطاع غزة في ظل سياق التوتر الحاصل بين واشنطن وطهران ". ويضيف "إذ خيرت حماس (التي تسيطر على قطاع غزة منذ 2007) فإنها تريد تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل سعيا للتخفيف من الأزمات المعيشية الكبرى لسكان القطاع". ويتفق المحلل السياسي من غزة طلال عوكل، بأن "من أولويات المصلحة الوطنية تحييد غزة عن أي صراعات إقليمية وتجنب الانخراط في رد إيران على الولايات المتحدة من بوابة مهاجمة إسرائيل". ويقول عوكل إن الفصائل في غزة "اتخذت موقفا سليما نأمل أن تلتزم به عمليا بالحياد إزاء تداعيات التوتر الأمريكي الإيراني، خصوصا أن الظروف لا تسمح لمحور المقاومة المدعوم من طهران إعلان حرب شاملة على إسرائيل". ويضيف "تقتضي الوطنية أخذ أولوية المصالح الفلسطينية بعين الاعتبار طالما أن كل طرف من الأطراف يعطي الأولوية لمصالح بلاده، أما حين يتم إعلان النفير العام على إسرائيل، فإن كل الفلسطينيين سيكونون في قلب هذه المواجهة". ودعا عوكل إلى ضرورة الحذر فلسطينيا إزاء التعامل مع التطورات المقبلة "خصوصا أن رد طهران على اغتيال سليماني يؤشر إلى بدء صراع هادئ قد تتخلله مراحل متقطعة من المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل". /نهاية الخبر/
مشاركة :