“أم سعيد” تواجه “الحاجة” بحرفة موروثة عمرها 250 عامًا

  • 1/11/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

واجهت العمة “أم سعيد” العوز والحاجة والعقود الثمانية من العمر، وتسلحت بالصبر والإرادة وتوارث الحرفة اليدوية التي تناهز 250 عامًا، لمقاومة كرسي الإعاقة، باستثمار النخلة، ومكوناتها، لتجابه ثورة الحضارة والتقنية، بصناعة الخوصيات، والمشغولات اليدوية. العمة “أم سعيد” وركنها المتواضع، في أحد زوايا مقر مهرجان :ربيع بريدة 41″، حتمًا تستوقفك بمهارتها اليدوية، وما تنتجه من مقتنيات تراثية وأثرية، جميع مكوناتها من معطيات البيئة المحلية، ومن أجواء الزراعة والفلاحة، ممثلة بليف النخل وسعفها، لتكون أحد أبرز البقية الباقية من “نساء الطيبين” اللاتي صمدن أمام سوق البيع والشراء، في مظهر يؤكد أن بلدنا وبيئتنا المحلية معطاءة، تفيض بخيراتها وجودها، وأن إنسان هذا الوطن مبدع متعايش مع محيطة، وصاحب موهبة وفنون لا يتقنها الكثير من شعوب الأرض. تحكي “أم سعيد” رحلتها الحرفية، في صناعة الخوصيات والمشغولات اليدوية، التي ورثتها أبًا عن جد، وجيلًا بعد جيل، على مدار سنوات تتجاوز 250 عامًا، تؤكد أنها تتذكر تفاصيلها ولحظاتها، بالنقل عن والدتها وعن جدتها وما نقلن عن جدة والدتها، وكيف أصبحت هذه الحرفة مصدرًا للرزق، ومجالًا للكسب، وتحسين المعيشة، والاستغناء عن سؤال الناس، واستجداء ما لديهم. وتؤكد “أم سعيد” أن العقود الثمانية من العمر، وكرسي الإعاقة، وأمراض العصر، لم توقف همتها، ولم تؤثر على عزيمتها، وتنقص من عشقها وحبها لفنها اليدوي، الذي عرفت فيه دقائق النخلة، وتفاصيل أجزائها ومكوناتها، من الخوص والسعف والليف والجريد، لتصنع من هذه الأشياء ما يحرص على اقتنائه كل بيت، وما يتزين فيه كل مجلس، من مجالس الكرم والجود والضيافة، من حاجيات وأوانٍ لتقديم القهوة والطعام، وحفظهما، كالزبيل والسفرة والمحفر والمحدرة، وغيرها من التسميات التراثية والشعبية. وتدفع “أم سعيد” بتنهيدة عميقة، تخرج من صدرها بكل حرارة وحزن وأسى، حينما تتذكر أن هذه الحرفة في طريقها للزوال والاندثار في محيط عائلتها وأبنائها وأحفادها، حيث تتحسر على عزوفهم عن تعلم وإتقان هذه الحرفة؛ بسبب انشغالهم بحياتهم الخاصة، وتوجههم نحو الوظائف والأعمال المكتبية والإدارية، التي لا تحتاج لمثل ما تحتاجه حرفة المشغولات اليدوية والحرفية، من مهارة وفن وإتقان وصبر.

مشاركة :