-حفاوة رسمية وشعبية تلقاها، واستقبال بطل سلام و رسول محبة في بلد استرعت فيه الفتن حتي بين أتباع الدين الواحد و الإرهاب ناهيك عن كونه رأس الكنيسة الكاثوليكية. فهل تلك المحبة و الحفاوة ثمرة مصلحة وطنية و دعائية فحسب، أم أنها أيضا لشوق ربما لاواعي لما يمثله قداسته من سمو إنساني و مواقف ملتزمة تتوافق مع كلماته، منبعها إيمان فطري حر قائم علي المحبة و الرحمة و عمق البصيرة ؟-هو أول بابا للفاتيكان من خارج أوروبا؛ من العالم الثالث و بالتحديد الأرچنتين و محسوب علي الجناح الإصلاحي؛ فكان الأول الذي يختار لنفسه هذا الإسم الكنسي تأسيا بالقديس فرنسيس الأسيزي المدافع عن الفقراء و البساطة و السلام.. و هو راهب زاهد يسوعي، رفض الإقامة بالمقر الرسمي القصر الرسولي تواضعا وصل به أن غسل أقدام نساء و أطفال ، منهم مسلمون.. عرف عنه دعم الحركات الإنسانية و العمل علي تحقيق العدالة الإجتماعية و تشجيع الحوار و التواصل بين مختلف الخلفيات و الثقافات و الإنفتاح، و هكذا حظي إنتخابه بترحيب مختلف الزعامات الدينية إضافة الي الكنائس المسيحية التي طالب بوحدتها.. و كان مسئولا في بلده علي الإشراف علي الكنائس الكاثوليكية الشرقية و صداقته للجالية اللبنانية.-يتحدث سبع لغات، و يحب الأفلام و الموسيقي الشعبية و رقص التانجو و كرة القدم. عايش الموت حينما جري استئصال جزء من رئته اليمني بما دعم دراسته الروحية. يركز في عظاته علي ثقافة التلاقي و السلام بدلا من التنابذ و الخلافات، و يري أن السلطة الحقيقية هي في الخدمة، و أن الرحمة أقوي رسالة من الرب تجدد الإنسان، و أن الأخلاق مسئولية تجاه رحمة الله، و أن المحبة بالممارسة و ليست بالتعبير، بل بخدمة الفقير و المريض و السجين و المظلوم و المنبوذين، و أن المسيحيين مدينون لجميع البشر بالإحترام و المحبة. هو يتواصل مع الجميع؛ فرغم انتقاده للإلحاد يري أن بإمكان المؤمنين و الملحدين أن يكونوا حلفاء أقوياء في الدفاع عن الكرامة الإنسانية و بناء التعايش السلمي و حماية الكون.- دعا مصر لإنقاذ المنطقة من مجاعة المحبة و الأخوة، و أن يتحد المصريون لتحويل غايات الخبز و الحرية و العدالة الإجتماعية الي أفعال و إلتزام و قوانين مطبقة، مطالبا أن تدعم مصر السلام و مشيدا بجهود التنمية الجريئة و التي تتطلب العمل الجدي و الإلتزام المقتنع و المنهجيات المناسبة و الإحترام الكامل لحقوق الإنسان و المساواة و حرية الدين و التعبير و الإهتمام بالصحة و التعليم و إحتواء المستضعفين، و أن نعلم الأجيال أن الله يدعو الي المحبة غير المشروطة و المغفرة و الرحمة و الاحترام المطلق لكل فرد و الأخوة و دحض الأفكار القاتلة و التطرّف ، فلا يمكن الجمع بين الإيمان الحقيقي والعنف؛ فقوة القانون فوق قانون القوة.- و بعد، اذا كنّا نجد في تلك المواقف و المبادئ إتفاقًا مع جوهر الأديان ، فلماذا لا تتأسي بها جهود إصلاح الخطاب الديني؟ و لماذا لا يري البعض لدينا أن التناسق بين القول و الفعل هو الطريق الي المصداقية و الاقناع، و أن القدوة أقصر الطرق للتأثير والفاعلية، و أن الإيمان المقترن بالفطرة الحرة و و القيم النبيلة والتوافق النفسي هو سبيل السعادة في الدنيا و الآخرة و العيش في عالم متعدد يسوده الاحترام و السلام و الإخوة !د. هادي التونسيطيبيب وسفير سابق هادي التونسي
مشاركة :