سجل تصويت البرلمان التونسي الجمعة أول انتكاسة لحركة النهضة التي راهنت على نجاح تصويت الثقة لحكومتها مع حيازتها لرئاسة البرلمان، وفيما يبدو فإن خسارة الحزب ستكون مزدوجة نظراً لمساعٍ تقوم بها قوى سياسية لإسقاط رئيس البرلمان راشد الغنوشي، وبالتالي تحجيم الحركة أكثر ودفعها نحو مقاعد المعارضة بعدما كانت تحلم بالاستئثار بالحكم وقيادة البرلمان على حد سواء. والدلالات التي يمكن الخروج بها من رفض النواب بالأغلبية منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي المكلف من قبل النهضة، تؤكد انعزالية هذا التيار العقائدي في الحياة السياسية التونسية، وفي ديمقراطيتها الناهضة. والخسارة التي مُنيت بها النهضة ليست الأولى، فقد أسقط البرلمان التونسي قبل شهر، مقترحها باستحداث صندوق للزكاة والتبرعات، يتكفّل بتحسين أحوال المعوزين والطلبة والشباب العاطل من العمل، بعد رفضه من قبل 93 نائباً، وحصوله على دعم 71 نائباً، في مؤشر يدل على أن النهضة لا تمتلك حزاماً سياسياً من خارجها، يمكن أن تستند إليه لتمرير مشاريعها وقوانينها خلال الأشهر والسنوات القادمة، بعدما انتفضت أغلب الكتل البرلمانية الوازنة من حولها. وفي هذا السياق، اعتبر النائب في البرلمان عن حزب «حركة الشعب» بدر الدين القمودي، «أن الذين يعتقدون أنهم فازوا في الانتخابات تحكمهم براجماتية حزبية ضيقة ورغبة في التمكين واحتكار الدولة لخدمة الجماعة، وهم في الحقيقة لم يفوزوا على أحد؛ بل أضاعوا على الوطن فرصة خلق توافق سياسي واسع يؤمن نجاح الحكومة، وفضلوا مصلحتهم الحزبية دونما شفقة على الدولة التي تنهار نتيجة سياساتهم العبثية». وبينما تحاول قيادة الحركة التعايش مع هذه الضربة السياسية ومعالجة هشاشتها البرلمانية، فإن ما تخبئه لها الأيام يبدو أشد إيلاماً. فقد طالب الحزب الدستوري الحر، بعد ساعات من تصويت البرلمان على إسقاط الحكومة المدعومة من حركة النهضة، بإمضاء عريضة لتنحية رئيس البرلمان راشد الغنوشي، والاستمرار في تصحيح المسارات الخاطئة التي جاءت به إلى المنصب الذي دفع التونسيون دماء غالية في سبيله. . (وكالات)
مشاركة :