بالصحة لا بالمليارات يا دكتور - محمد الطميحي

  • 10/27/2013
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عندما نسمع عن اعتماد مشاريع تعليمية بالمليارات فهذا مؤشر على ارتفاع مستوى التعليم، وعندما يتم انفاق مبالغ مماثلة على الطرق والبنية التحتية نتوقع تطورا في مجال النقل والخدمات العامة، ولكن هل يمكن أن تنطبق هذه المعادلة على الصحة في بلادنا؟ لقد خصصت الدولة هذا العام مبلغا يتجاوز الأربعة والخمسين مليار ريال لوزارة الصحة وهو مبلغ يزيد بنسبة خمس عشرة في المئة عن العام الذي سبقه، ومن المتوقع ارتفاع هذه النسبة مع كل ميزانية جديدة، ولكن كيف يتم انفاق هذه المليارات مع الزيادة المستمرة في أعداد المرضى؟ يقول وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة في تصريح صحفي بأن نحو اربعين إلى خمسين بالمئة من ميزانية الصحة تذهب لعلاج الأمراض المزمنة وعلى رأسها السكري، والضغط، وأمراض القلب، وأن كثيراً من هذه الأمراض كان يمكن تفاديه إذا تم اتباع أنماط حياة سليمة. كلام جميل.. ولكن ما الجهة المسؤولة عن توعية الناس بأنماط الحياة السليمة التي أشار اليها الوزير؟ أليست وزارة الصحة؟ وهنا أتساءل كم عيادة افتتحتها الوزارة لنشر التوعية بين طلاب المدارس بشأن السمنة التي تجاوز عدد المصابين بها الخمسين بالمئة؟ كم حملة أقامتها الوزارة لتفقد الوضع الصحي في القرى والأرياف؟ وكم دورة تدريبية أقامتها الوزارة لربات المنازل من أجل تعليمهن الطرق الأنسب لإعداد وجبات صحية لأسرهن؟ بصياغة أخرى من المسؤول عن تجاوز نسبة المصابين بالسكري في المملكة الخمسة والعشرين بالمئة.. وزارة الزراعة؟! أذكر في طفولتي مركز الرعاية الأولية في قريتنا وكيف أن الدكتور الوحيد الذي يعمل به كان يعرف اسم كل مراجع وتاريخه المرضي على امتداد القرى التي يقوم المركز بخدمتها، وكيف كان هذا الدكتور يزور المدارس بين فترة وأخرى للتوعية بالأمراض والأوبئة المنتشرة في المنطقة، فكان يتحدث عن ضرورة غلي اللبن والماء قبل شربه، وإمكانية تجنب الإصابة بالملاريا من خلال وضع الناموسية على الأسرّة قبل النوم، وغير ذلك من النصائح البسيطة التي لم تكلف الميزانية شيئا ولكنها ساهمت بشكل كبير في حماية جيل بأكمله. كان ذلك قبل ربع قرن من الآن، فهل يستطيع مسؤولو وزارة الصحة إطلاعنا على الدور الذي تلعبه الوزارة حاليا للسيطرة على ارتفاع مستوى الإصابة بالسكري والسمنة وغيرها من الأمراض المنتشرة لدينا أم أن الحديث سيقتصر عن الأرقام الفلكية التي تم صرفها على المستشفيات والمراكز الطبية؟ يجب أن تخصص الوزارة المزيد من الموارد والكوادر البشرية من أجل نشر الوعي الصحي بين أفراد المجتمع، وخاصة أبناءنا الطلبة الذين هم بأمس الحاجة لإنشاء عيادات للصحة المدرسية تعنى بالتوعية أكثر من العلاج، وإلا فإنها لن تستطيع التعامل مع الضغوط المتزايدة على خدماتها حتى لو خصصت من أجل ذلك مئات المليارات كل عام. في الأخير.. أتمنى صادقا ألا يكون تطور المستوى الصحي لدينا بعدد المستشفيات والسعة السريرية، بل بانخفاض نسبة المصابين بالمرض في بلادنا، خاصة تلك الأمراض التي أصبحنا نحتل بسببها مراكز متقدمة على مستوى العالم.

مشاركة :