ما زال الدكتور محمد العيسى، الملحق الثقافي في أمريكا، يؤكد ويكرر التأكيد ويضطر أحيانا للحلف بأغلظ الإيمان أن طلابنا وطالباتنا في أمريكا لم يعلق أحد منهم الصليب على صدره، أو يعلن تنصره أو يتمرد على دينه. إنني والله أشفق عليه من حرصه الدؤوب على التأكيد الدائم بأن كل طلابنا يشهدون ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول. وقد تذكرت هذا الموضوع وأنا أقرأ بعض تفاصيل الحوار الذي استضافته فيه جمعية الثقافة والفنون بجدة ليتحدث عن شؤون وشجون الابتعاث تحت عنوان «سر النجاح في أمريكا». وللحق والتأريخ لا بد من القول إن النجاح الذي تحقق لطلابنا وطالباتنا في أمريكا لم يكن بالأمر اليسير لولا حرصهم على النجاح والتفوق وتشريف وطنهم، ولولا جهد خرافي تقوم به الملحقية إلى الحد الذي لا يمكن تصديقه إن لم يقف الشخص على تفاصيله، وللأمانة فقد كنت أظن وجود بعض المبالغات فيما تصرح به الملحقية أو تدعي أنها تفعله حتى وقفت بنفسي على أدق التفاصيل التي تحتم على الإنسان أن يذكرها ويفخر بها، وإن كانت هناك بعض الأخطاء أو الهنات فنحن لا نتحدث عن عدد كبير من الملائكة وإنما بشر يجتهدون وقد يخطئون. موضوع الدين والأخلاق هو ما يهمني في هذا المقام لأن موضوع الإنجاز لشبابنا يتحدث عن نفسه وليس محتاجا إلى شهود. الذين ابتدعوا هذا الإفك، أي التهاون في أمور الدين والاستغراق في المحرمات هم الذين ابتدعوا تلك النسبة المضحكة المخزية بأن تسعين في المئة من طلابنا يداومون وينامون في البارات. وهم الذين يقفون ضد أي حراك تنموي وتطلعات مستقبلية، وهم أيضا الذين أنتجوا بفكرهم المتطرف كل محاولات التخريب التي تستهدف الوطن. إنها الوجوه التي سقطت أقنعتها وذابت مساحيقها لتظهر ملامحها الشوهاء. إنني أطالب أخي الدكتور محمد العيسى بألا يرد بعد الآن على سؤال أو استفسار حول هذا الموضوع الوهمي المفتعل. ما نريده هو استمرار الجهد والعطاء، ووالله إن بناتنا وأولادنا في أمريكا وغيرها أشرف مليون مرة ممن تنز أفواههم بالباطل.. وتبقى كلمة خاصة بيني وبين الدكتور محمد لا بأس أن تكونوا شهودا عليها: أبشر بالعوض عن السحور الموعود لأني اضطررت للسفر مرة أخرى إلى أمريكا بمناسبة دخولي نادي الأجداد.
مشاركة :