يدخل الصحافيون السودانيون اليوم إضرابًا عن العمل، احتجاجًا على توقيف جهاز الأمن صدور أربعة صحف، ومصادرة 10 بعد الطباعة، ودعوا في وقفة احتجاجية أمام مجلس الصحافة والمطبوعات بالخرطوم كل الأطراف إلى اتخاذ التدابير العاجلة لمواجهة الإجراءات الاستثنائية التي تعيق حرية الصحافة في البلاد. واحتشد عشرات الصحافيين أمس أمام مجلس الصحافة والمطبوعات، باعتبارها الجهة المسؤولة قانونًا عن تنظيم وحماية مهنة الصحافة، في وقفة احتجاجية ضد قرار الأمن تنفيذ مصادرة جماعية للصحف مرتين خلال هذا العام، كان آخرها أول من أمس، حيث صودرت خلالها 10 صحف سياسية، وأوقف صدور 4 لأجل غير مسمى. وقالت شبكة الصحافيين السودانيين، وهي تنظيم مواز لاتحاد الصحافيين الموالي للحكومة، في مذكرة قدمتها لرئيس مجلس الصحافة فضل الله محمد، خلال الوقفة التي شارك فيها قادة سياسيون، إنها تأمل في تحقيق أهداف المجتمع الصحافي على مستوى الأفراد والمؤسسات والممارسة. ونددت بما أسمته «الهجمة غير المسبوقة» على الصحافة، والتي توقفت خلالها أربع مؤسسات عن العمل، وصودرت 10 صحف بعد الطباعة بواسطة جهاز الأمن، دون إبداء أسباب، معتبرة المصادرة وتعليق الصدور «استهانة متكررة ومكشوفة بالدستور الانتقالي سنة 2005». وأوضحت مذكرة الصحافيين أن الصحافة السودانية تعيش أسوأ أوضاعها على مر تاريخها، بسبب تعاظم القبضة الأمنية على الصحف، ومعاناة الصحافيين من الملاحقات الأمنية، ومن الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها الصحف. كما استنكر الصحافيون ما أسموه في مذكرتهم «تزايد المصادرات واستمرار الرقابة الأمنية المباشرة وغير المباشرة على الصحف، واتساع دائرة الملاحقات الأمنية»، ضدهم عبر الاستدعاءات والتحقيق، والاعتقالات والبلاغات «الكيدية»، واستهدافهم بعنف جسدي، مشيرين إلى حادثتي الاعتداء على رئيس صحيفة «التيار» عثمان ميرغني، وناشر صحيفة «المستقلة» علي حمدان ومحاولة اغتياله. وطلبت الشبكة من مجلس الصحافة والمطبوعات تقديم النصح لأجهزة الدولة في علاقتها بالصحافة، واقتراح وتعديل قوانين تدعم حرية الصحافة، مشيرة إلى الدعم الذي قالت المذكرة إن جهاز الأمن يلقاه من رئاسة الجمهورية، وقالت في هذا الشأن إن «القصر الرئاسي ليس بمعزل عن التجاوزات والانتهاكات التي تجري بحق الصحافة». ودعت الشبكة مجلس الصحافة إلى اتخاذ تدابير عاجلة للدفاع عن حرية الصحافة وحماية حقوق الصحافيين، ووقف الرقابة القبلية والبعدية (رقابة قبل الطباعة وبعدها) على الصحف باعتبارها غير دستورية، وإعادة الصحف الموقوفة من قبل السلطات الأمنية للصدور مجددًا، وإلغاء قرارات المنع من الكتابة الصادرة تجاه عدد من الصحافيين والكتاب، وتجميد إجراءات التشريد والفصل التي طالت بعضهم، وإلى إعفاء صناعة الصحافة من الرسوم والضرائب والجمارك الباهظة المفروضة عليها، وإلزام جهاز الأمن باللجوء للقضاء في تعامله مع قضايا النشر. وتلت الصحافية درة قمبو على المحتجين بيانًا باسم شبكة الصحافيين السودانيين، أعلنت فيه باسم جموع الصحافيين الدخول في إضراب عن العمل، احتجاجًا على الانتهاكات التي تواجه الصحافة والصحافيين، وقالت إن «شبكة الصحافيين تعلن باسم جميع عضويتها الإضراب الشامل اليوم الأربعاء، على أن يظل باب الحوار مواربًا مع مجلس الصحافة لتنفيذ المطالب التي أودعتها في المذكرة التي سلمت لمجلس الصحافة أمس، على أن تنظر لجنة الإضراب في مستجدات ما يطرأ على الملف». من جهته، قال فيصل محمد صالح، الحائز على جائزة «بيتر ماكلر» التي تكافئ النزاهة والشجاعة الصحافية، لـ«الشرق الأوسط» إن هناك حملة منظمة ضد الصحافة، بدليل المصادرة عليها، وهناك حديث مفاده أن عدد الصحف أكثر مما يجب، وهناك أيضا خطط لدمج الصحف وإجبارها على الدمج، واعتبر أن ما يسوقه جهاز الأمن من مبررات للمصادرة غير مقبولة، لأن جهاز الأمن لا يملك هذا الحق إلا بالتعسف واستخدام القوة. واعتبر صالح المصادرة إجراء غير دستوري وغير قانوني، مضيفًًا أن «قانون الأمن الوطني مكتوب بطريقة غير واضحة، ولا توجد فيه مادة تتحدث عن مصادرة الصحف أو إيقافها، لكنه يحوي مادة تعطيه صلاحية فعل أي شيء، وأن يستولي على أي شيء تحت ذريعة الأمن القومي، وهي مادة تستطيع محكمة دستورية مبتدئة القول بعدم دستوريتها، لأنها تتعارض مع دستور السودان الانتقالي 2005، ونصوص الوثائق والمعاهدات الدولية التي صادق عليها السودان ووقعها، وينص الدستور على أنها جزء منه». فيما قال الصحافي عثمان شبونه للصحيفة إنه يقف احتجاجًا على مصادرة الصحف، وتعبيرًا عن رفضه للسياسات الأمنية التي ظلت تنتهجها الحكومة طوال السنوات الماضية، وأضاف أن «المشكلة في السودان أكبر من الرقابة على الصحف والتضييق على حريات الصحافيين، بل مشكلة نظام حكم لا يشعر بأزمته». ورفضت الصحافية رابعة طاهر أبو حنة القمع الممارس على الصحف، وإيقافها وانتهاك حقوق الصحافيين وقالت إن الوقفة الاحتجاجية تعبير عن تضامن الصحافيين دفاعًا عن الحريات، ولإيصال رسالتهم للرأي العام المحلي والعالمي.
مشاركة :