عقدت المائدة المستديرة الأولى ضمن فعاليات ملتقى القاهرة الخامس للشعر العربي، اليوم الثلاثاء، والتي دار موضوعها حول شعر بدر شاكر السياب، بالمجلس الأعلى للثقافة.رحب الكاتب حلمي النمنم، وزير الثقافة السابق، بالحضور من الضيوف العرب والمصريين. تحدث الشاعر العراقي الدكتور على جعفر العلاق، عن السياب حديثا يحرك شجونا وذكريات حسبما وصفه، مضيفا أننا ما زلنا حتى اليوم نعتبر قصائده من كلاسيكيات الشعر الحديث، وأنه كان قد وصل إلى مرحلة نضج عظيمة، والمثال على ذلك أبيات من قصيدة بويب "بويب بويب/ الماء في الجرار/ والغروب في الشجر"، وهذه الصورة بينت أن بويب ليس إلا نهرا أسطوريا.وأضاف جعفر، أن الإنجاز الثاني للسياب في مرحلة نضجه أننا نجد جوا حقيقيا في القصيدة، وليس جوا أسطوريا، وأن العبقرية أن تجد روح الأسطورة في القصيدة، وكان السياب يجرد الأسطورة من أسلوبها السردي الأول ليكسبها عنصرا جديدا فأعاد التقييم والبنية وهيكلة القصيدة.وعانى في آخر حياته من المرض الشديد، ومر ببعض المنحدرات، ويمكن أن نرجعها إلى مرضه الشديد، ومات عن عمر يناهز 38 عاما، فلنا أن نتخيل شكل القصيدة العربية إذا عاش أكثر من ذلك.كما تناول الشاعر العراقي أمجد سعيد، عن دور السياب في القصيدة العربية، وكيف طور في طريقتها، موضحا أن هناك شعر النثر والعمود وشعر التفعيلة، وأننا سنجد الآن أن أكثر الشعر هو شعر من نمط قصيدة النثر وأن القصيدة العمودية وشعر التفعيلة بدأ في الانحسار، ومن ثم كان يجب دراسة هذه الظاهرة، موضحا أن أي تدخل في مسيرة الإبداع هو تدخل لا ضرورة له لأن الإبداع سوف يجد طريقه الخاص.من جانبه عرض الشاعر أحمد عنتر مصطفى للمرحلة الأخيرة من شعر السياب، وكيف كان دون المستوى بالقياس إلى الأعمال التي سبقت مرضه، مشيرا إلى ما كتبه لويس عوض في مقاله تحت عنوان "البركان الذي خمد"، وأن خلاف السياب مع أصدقائه من الماركسيين والقصيدة التي كتبها بعنوان "المومس العمياء"، والألم الذي تألمه السياب نتيجة الهجوم عليه قد أثر في مستوى الشعر لديه وفي حالته النفسية، نتيجة ما فعله به أصدقاؤه. مع الإشارة إلى إصداره كتاب "كنت شيوعيا" ووصوله إلى مرحلة من القلق النفسي الشديد في هذا الوقت، إلى جانب الدور المهم للسياب في توسيع رقعة الأسطورة وتوظيفها في الشعر.وقال الشاعر عبدالرحيم الكردي، إن الإضافة الحقيقية التي أضافها بدر شاكر السياب إلى الشعر هو "أسطرة الواقع" وما له من خصوصية في التعامل مع الأسطورة، وأن هناك فرقا بين التفكير بالأسطورة والتفكير في الأسطورة.وأضاف الكردي، أن السياب في قصيدته "ألحان" استخدم شكلا واقعيا خارجا عن كونه حادثة تاريخية إلى حادثة مشعة، ولذلك فهو شبيه بالفنان الشعبي، موضحا أن الجانب الثاني هو أن السياب ينفعل بالأشياء ولا يفكر فيها ويجعل من الحادثة الصغيرة صدعا نفسيا كبيرًا جدا، كما أشاد باختيار السياب لمفرداته، وكيف يعد شعره مجالا خصبا لدراسات لغوية وفنية كثيرة.ووصفه الشاعر شعبان يوسف، بأنه آخر معالم الشعر العربي والإنساني بشكل عام، إذ عاش حياة مريرة جدا، وقد قرأ إخطارا وصله من العمل من المدير العام للموانئ العراقية الذي فصله من عمله، وكيف أن الحكومات والوزراء لا يهتمون بالشعراء.كما تحدث عن لحظة السياب في إلقاء الشعر وكيف تحول إلى أسطورة على المنصة حين كان يلقي الشعر رغم حالته الصحية ووهنه، فقد كان شاعرا وناقدا وإنسانا، وتحدث عن بيت السياب الذي رآه بعينه وكان بيتًا صغيرًا ومتواضعا، مشيرا إلى أنه خضع لتقلبات أيديولوجية متعددة في ظل اكتساح التيار الشيوعي ووطأة الحكومات والسياسات الرسمية التي كانت تجبر الناس على أشياء غير الذي بداخلهم، كما اعتبره أدونيس شاعرا تموزيا، وأن السياب كان يقر أن إليوت هو شاعر عظيم وينطلق من مناخ ديني.وقال الدكتور عبدالناصر حسن، إنه من الشعراء الذين قدموا فكرا وشعرا وإبداعا على المستوى العربي، وأنه سوف يظل من كبار الشعراء والمفكرين، وله كتابات كثيرة لم تسنح الفرصة لوضعها في كتاب أو كتيب.يذكر أن فعاليات ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي الخامس، تستمر فعالياته حتى 16 يناير الجاري.
مشاركة :