حتى لا تكون أي مفاوضات أمريكية إيرانية على حساب العرب!

  • 1/15/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

‭{‬ رغم ازدياد حدّة الأزمة بين أمريكا وإيران بعد مقتل «سليماني»، والردّ الإيراني الذي اتفق الجميع أنه إما ردّ مسرحي، وإما ردّ لم يكن بتاتًا بحجم التهديدات الإيرانية التي تمّ إطلاقها للانتقام لمقتله، فإن من الواضح وكما قلنا في مقال سابق، أن هناك أسرارًا خلف إقدام أمريكا على هذا الاغتيال، وخاصة أنه منذ شهور يردّد الطرفان الأمريكي والإيراني أنهما لا يريدان حربًا، بل وفتح «ترامب» الباب بأن (مكسب إيران هو في المفاوضات وليس في الحرب)، وعلى أساسه فإن غموض سبب الاغتيال، رغم تصريحات المسؤولين الأمريكيين بأن «سليماني» كان مهدّدًا للأمن القومي الأمريكي بعمليات كبرى كان يخطط لها، إلاّ أن غموضًا آخر رافقه ورافق الردّ الإيراني المسرحي، وكأن كلا الطرفين يمهدّان بعد الاغتيال، لمفاوضات قادمة بينهما، خاصة أن «خامنئي» مرشح للغياب بدوره بسبب مرضه العضال، بحيث إن الساحة ستبدو أكثر تهيئة لمن يطلق عليهم «الإصلاحيون» ومنهم «روحاني» ووزير خارجيته «ظريف»، فيما لو خلف «خامنئي» مرشد أعلى أقرب إلى الإصلاحيين منه إلى خط «سليماني» و«خامنئي»، وهو الخط المتشدّد، رغم أننا لا نرى فرقًا بين الإصلاحيين والمتشددين في تطبيق النهج الإيراني التوسعي، وإن اختلفت الأساليب بينهما! ‭{‬ في الواقع إذا انتهت الأمور إلى مفاوضات ثنائية، ورغم أن هذا يُبعد في المرحلة الراهنة شبح الحرب في المنطقة، فإن تلك المفاوضات ستحقّق لإيران الانفراجة التي تنتظرها بعد أن تفاقمت أزماتها، ولذلك وتمهيدًا لها، أصدرت إيران أوامرها لأذرعها ومرتزقتها مؤخرًا بعدم التعرض للقوات الأمريكية سواء في العراق أو غيره انتقامًا لسليماني، مثلما أبدى وزير الخارجية الأمريكي موقفا يضع أمريكا على الحياد من كل المعارضات الإيرانية في الخارج، إلى جانب الموقف المائع أمريكيًا وغربيًا منذ البداية من الانتفاضة الشعبية في إيران ضد «نظام الملالي»، ولأن أمريكا أعلنت مرارًا أنها لا تريد إسقاط هذا النظام، فإنه كما يبدو من التوقعات القادمة، أن الإدارة الأمريكية برئاسة «ترامب» تريد إعطاء قبلة الحياة لهذا النظام بتلك المفاوضات المتوقعة، كما فعل سابقه «أوباما»! ‭{‬ اللعبة بين أمريكا وإيران في طريقها إلى الانقلاب، بعد أن اصطكت على «الملالي» الطرقات، وخاصة بعد فضيحة ضرب «الطائرة الأوكرانية» ومقتل 176 راكبا فيها، واندلاع الغضب الشعبي الإيراني مجددًا، وإصرار العراقيين على مطالبهم المضادة لإيران أيضًا، ما يجعل النهج المتشدّد بقيادة «خامنئي»، وذراعه السابق المفقود الآن «سليماني» أن يواجه حائطًا مسدودًا، والحلّ في إخراج إيران من أزماتها هو (إزاحة الوجه الإيراني المتشدّد) وقد بدأ باغتيال «سليماني» وإتاحة الفرصة للوجه الأقل تشدّدًا وهو «وجه الإصلاحيين»! فيبقى النظام و«الملالي» على سُدّة الحكم، وتبدأ المفاوضات، لحلحلة أوراق الأزمات المحاصرة لإيران ورقة بعد أخرى، وتبدأ الوعود الجديدة، وبذلك تتغيّر وجوه بعض قيادات الأذرع الإيرانية التابعة وعلى رأسها «الحشد» الذي طار مؤخرا إلى «قم» لإعادة تدوير القيادات، بمخطط جديد! ‭{‬ ولكي لا يؤدي التفاوض المحتمل والمأمول بين الطرفين الأمريكي والإيراني إلى تفاهمات حتمًا تتوقع منها إيران المكاسب، وقد حيّدت موقفها من الانتقام لمقتل «سليماني»! وألا تكون تلك المكاسب الإيرانية حتمًا على حساب العرب، وهو المرجحّ المعتاد بحسب التاريخ الإيراني مع الغرب دائمًا، وحتى لا يكونوا هم -أي العرب- الضحية سواء في صراع أمريكي -إيراني، أو تفاهم بينهما، فإن المطلوب من العرب وتحديدا من الخليج ومصر أن يقرؤوا المتغيرات الجارية قراءة صحيحة، وأن يصرّوا على مطالبهم المتعلقة بالتهديدات الإيرانية، سواء الأذرع والمليشيات أو الصواريخ الباليستية، أو «النهج العقدي العدائي» الذي أثار كل الفتن في المنطقة، وألا يعتقدوا أن أمريكا إن فاوضت إيران فستضع المصالح العربية على الطاولة بينهما، لأنه في الأساس كلا الطرفين أثبتا مرارًا وتكرارًا أنهما ضدّ تلك المصالح تمامًا!

مشاركة :