تعيش حركة النهضة حالة اضطراب وإنقسام، وتشهد زلزالا غير مسبوق في بيتها الداخلي، على وقع تتالي استقالات قياداتها، فيما يشبه حالة "تمرّد" داخل صفوفها على رئيسها راشد الغنوشي، ويعكس غضبا متصاعدا تجاه خياراته وسياساته وانفراده بالرأي، وذلك بعد الفشل في تمرير حكومة الحبيب الجملي في البرلمان. ومساء الثلاثاء، أعلن القياديان بحركة النهضة هشام العريض وهو نجل القيادي الأبرز في الحزب ووزير الداخلية علي العريض، وكذلك زياد بومخلة عن استقالتهما من الحزب، بعد سنوات من النشاط داخل هياكله، دون الكشف عن الأساب التي دفعتهما إلى مغادرة الحزب. ويعتقد المراقبون أن تتالي الإستقالات الذي أصبح علامة بارزة في حزب حركة النهضة، دليل على وجود تصدع وانشقاق في صفوفها ويعكس صراعا على إعادة التموضع داخلها، بما قد يؤشر إلى أزمة هيكلية داخلها خلال الأشهر القادمة، مع اقتراب تاريخ عقد مؤتمرها الوطني، الذي سيشهد منافسة شديدة على خلافة الغنوشي في رئاسة الحزب. وفي هذا السياق، اعتبر المحللّ السياسي بسام حمدي، أن الإستقالات الحاصلة في حركة النهضة، هي "طريقة احتجاجية على الأخطاء التسييرية التي قام بها زعيم الحركة راشد الغنوشي و بعض المقربين منه وأصهاره، تثبت أن الخلافات في صلب حركة النهضة وهي عميقة وليست مجرد اختلافات، وتبين كذلك أنها ناتجة عن يأس من محاولة المشاركة في القرار مقابل انفراد الغنوشي باتخاذ القرارات الحاسمة".شبهة فساد ويعتقد حمدي في تصريح للعربية.نت، أن فشل النهضة في تشكيل الحكومة وتنصيبها عقب رفضها من البرلمان، هي القطرة التي أفاضت الكأس، خاصة أن عددا هاما من قيادات الحركة لم يكن راضيا بتكليف الحبيب الجملي لتشكيلها وإقترحوا شخصيات أخرى لتولي المهمة، لكنه يرى أن هذا المعطى أو السبب هو بمثابة الشجرة التي تخفي الغابة، مشيرا إلى أسباب أخرى دفعت بعض قادة النهضة للاستقالة، ومنها ما يخص شبهة فساد مالي داخلي واستحواذ الغنوشي وبعض الشخصيات المقربة منه على الموارد المالية للحركة وطريقة صرفها. وأواخر نوفمبر الماضي، شهدت الحركة استقالة أمينها العام زياد العذاري، احتجاجاً على المسار الحالي الذي تتبعه الحركة وخياراتها الخاطئة والخطيرة التي تتبعها، والتي تضع البلاد على سكة محفوفة بالمخاطر، وذلك بعد شهرين فقط من استقالة مدير مكتب الغنوشي زبير الشهودي، عقب هزيمة الحزب في الانتخابات الرئاسية وفشله في استقطاب الناخبين ودعوته الغنوشي إلى إعتزال السياسة وملازمة بيته وإبعاد صهره رفيق عبد السلام من الحزب. وفي هذا الجانب، توّقع حمدي حصول استقالات أخرى في الفترة القادمة، مع وجود احتمال لاتساع دائرة الخلافات، بعد تقلّص تمثيلية النهضة في الحكومة المرتقبة واقتصارها على مشاركة الأحزاب في الحكم بثلاث أو أربع وزارات فقط، وهو ما سيخلق تدافع بين قياداتها وتنافسا على تولي حقيبة وزارية، وكذلك مع قرب مؤتمرها الوطني، الذي سيشهد منافسة شديدة بين قائمات وقيادات في الحركة حول خلافة راشد الغنوشي على رأس الحزب.
مشاركة :