لصوص الكتب - ناصر الحزيمي

  • 5/27/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قبل أكثر من عقدين من الزمن حكى لي الشاعر المصري أمجد ريان حكاية طريفة وهي واقعة وقعت معه يقول كنت مع فلان الشاعر (هو شاعر يعمل الان مدير تحرير في صحيفة مشهورة) يقول امجد ريان كنت مع هذا الشخص فقال لي انني استطيع ان اسرق كتباً من غير أن يقبض علي، وكنا وقتها في معرض القاهرة الدولي للكتاب وفعلا ذهبنا الى معرض الكتاب واختار صاحبي جناح الدور اللبناني وقال لي عندما تريد ان تسرق من جناح مثل هذا فاسرقه في حال العودة للخروج منه ولا تسرقه عند دخولك وفعلا وكما قال دخلنا أولا الى العمق من غير ان يمس صاحبي أي كتاب وهنا قررنا العودة الى الخارج وتمهلت انا وانطلق هو يمد يده على كل رف طارف مختلسا الكتاب الموجود به وفعل ذلك مع اكثر من دار نشر منتهزا فرصة الزحام وغفلة اصحاب الدور وخرج بعدة عناوين لابأس بها وهنا انتهى كلام امجد ريان. سرقة الكتب قديمة جدا بل نستطيع ان نعيدها الى مرحلة معرفة الإنسان للكتب فكل ثمين عند اهله هو عرضة للسرقة والاختلاس وقد دخلت مسألة سرقة الكتب في فروع كتب الفقه وهناك نصوص عن حكم من سرق كتاباً وقد بلغ النصاب وعن حكم سرقة كتب البدع والضلال والسحر بقصد اتلافها الى غير ذلك من نصوص تناولتها كتب الفروع في الفقه. طبعا مثل هذه الأفعال متكررة ومشهورة في معارض الكتب وكثيرا ما يمارسها المثقفون وعشاق الكتب بل سمعت ان بعض عشاق الكتب يؤجر من يسرق له كتابا بعينه أو كتبا بعينها وغالبا ما يتم ذلك اثناء غياب صاحب الدار فيختلس الكتاب دون ثمن، وأنا اذكر واقعة ادركت اطرافها ولم أشهد عليها وهي انه كان هناك في بلدتنا الزبير شخص معتوه ولا يتكلم الا بالحكمة المسجوعة وفي احد الأيام دخلت سوق الخضار واذا بهذا الشخص قد فرش خيشة عرض بها بضاعة مكونة من قصص اطفال مثل المكتبة الخضراء وغيرها كما انه يعرض صلصالا قد شكله بأشكال نابية وكان حوله شباب السوق يمازحونه ووجدته على هذه الحالة عدة ايام متوالية ثم اختفى هو وبسطته المتواضعة، فلما سألت عنه قيل لي ان فلانا قد سطا على مدرسة بنات وسرق منها قصصا للأطفال وصلصالا وقد قبضت عليه الشرطة. الغريب في سلوك هذا الشخص اننا كنا نجلس حوله ويسمح لنا بمطالعة القصص وكان يمتنع عن بيع أي جزء من بضاعته فهو يعرض الصلصال والقصص للبيع ولا يبيع أياً منها علما ان زبائنه كثر وتجود نفسه بالسماح لنا بمطالعتها.. لقد كان ابو سليمان شخصية عجيبة حقا وهو يذكرني بجان جينيه الأديب الفرنسي المشهور والذي سجن اكثر من مرة بسبب تكرار سرقته للكتب وغيرها بل إنه يستعير النسخ النادرة من مكتبات عامة وبعد أن يقرأها يعرضها للبيع في شوارع باريس وتكرر منه هذا السلوك وتكرر سجنه بما مجموعه سبع سنوات تقريبا ولتكرار سرقاته كاد ان يحكم عليه بالمؤبد لولا ان كوكتو شهد لصالحه في المحكمة وقال : "إن جينيه أكبر كتاب المرحلة المعاصرة" ثم رفع سارتر وكوكتو عريضة ووقع عليها مجموعة من المثقفين يطلبون فيها بالعفو عن جينيه واسقاط الحكم المحكوم به ومدته عشرة شهور بسبب جنح قديمة وفعلا تم لهم ذلك وكتب جينيه بعد ذلك يوميات لص وهي مترجمة للعربية. النموذج الأخير هو تهمة بالسرقة لعالم كبير وهو الشيخ محمد حامد الفقي وقد اتهمه بالسرقة الشيخ احمد الصديق الغماري فقد اتهم الغماري الفقي بسرقة كتاب مخطوط نادر من الشيخ محمد امين الخانجي صاحب مكتبة الخانجي، ويدعي احمد الصديق الغماري ان الخانجي كاد ان يرفع على محمد حامد الفقي دعوى قضائية لولا وساطة الشيخ احمد شاكر.. هذه رواية احمد الصديق الغماري ومن المعروف ان الغماري على عداوة شديدة مع جماعة انصار السنة المحمدية ومؤسسها محمد حامد الفقي المهم ان الغماري روى واقعة السرقة بكل تشف وشماتة في كتاب له اسماه جؤنة العطار وهذا الكتاب لم يطبع ضمن كتب الغماري وانا املك صورة مرقومة على الآلة الكاتبة وقد اعترف الغماري في نفس هذا الكتاب ان الخانجي اتفق مع الفقي بعد ذلك على مراجعة بروفات تاريخ بغداد وهذا يقوي الشك في حقيقة السرقة التي اتهمه بها. إن سرقة الكتب قديمة جدا بل نستطيع ان نعيدها الى مرحلة معرفة الإنسان للكتب فكل ثمين عند اهله هو عرضة للسرقة والاختلاس وقد دخلت مسألة سرقة الكتب في فروع كتب الفقه وهناك نصوص عن حكم من سرق كتاباً وقد بلغ النصاب وعن حكم سرقة كتب البدع والضلال والسحر بقصد اتلافها الى غير ذلك من نصوص تناولتها كتب الفروع في الفقه.

مشاركة :