بدأت القوات العراقية و»الحشد الشعبي» المؤلف من فصائل شيعية أمس الثلثاء (26 مايو/ أيار 2015) عملية تهدف لمحاصرة الرمادي، غرب البلاد، لتحريرها من سيطرة تنظيم «داعش» فيما تحاول واشنطن تهدئة التوتر مع بغداد بعدما انتقدت أداء جيشها. وتأتي العملية التي أطلق عليها اسم «لبيك يا حسين» غداة تصريحات للبيت الأبيض حاول فيها تخفيف التوتر مع بغداد الذي خلفته انتقادات وزير الدفاع اشتون كارتر للجيش العراقي على خلفية معركة الرمادي. وأكد المتحدث باسم قوات «الحشد الشعبي» أحمد الأسدي أمس (الثلثاء) أن العملية هي تحضير لتحرير الأنبار، بعد عشرة أيام من إعلان المتشددين سيطرتهم على الرمادي، مركز محافظة الأنبار أكبر المحافظات العراقية. وقال الأسدي لوكالة «فرانس برس» «انطلقت عملية «لبيك يا حسين» في مناطق شمال صلاح الدين وجنوب غرب تكريت وشمال شرق الرمادي، والتي ستطوق الرمادي من الجهة الشرقية». وأشار الأسدي إلى مشاركة قوات من الجيش والشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الإرهاب وأغلب فصائل «الحشد الشعبي» في عملية «لبيك يا حسين». وأضاف الأسدي وهو نائب عن حزب «الدعوة»، إن «الجزيرة التي تربط بين صلاح الدين والأنبار سيتم تحريرها في هذه العملية التي تهدف إلى تطويق محافظة الأنبار لتحريرها بالكامل». وعن بدء عمليات تحرير الأنبار، قال الأسدي «بعد اكتمال عملية (لبيك يا حسين) ستبدأ عملية تحرير الأنبار» متوقعاً انطلاقها في غضون أيام. وشدد المتحدث قائلاً إن «انتصاراتنا ستكون سريعة لأن استعداداتنا قوية». وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس إن اختيار ميليشيات «الحشد الشعبي» اسماً طائفياً ليكون الاسم الرمزي للتقدم العراقي لاستعادة مدينة الرمادي هو اختيار «لا يساعد» مضيفة أن الهجوم الشامل من وجهة النظر الأميركية لم يبدأ بعد. وأكد المتحدث باسم «البنتاغون»، الكولونيل ستيف وارين أيضاً أن المشاكل التي سبقت انسحاب الجيش العراقي من مدينة الرمادي الأسبوع الماضي شملت «تردي الروح المعنوية بين القوات» ومشاكل داخل بنية قيادة الجيش العراقي. وتحدثت مصادر في «الحشد الشعبي» عن إرسال أربعة آلاف مقاتل إلى مناطق شمال الرمادي من مقاتلي العشائر السنية. في غضون ذلك، تمكنت قوات عراقية في مواقع أخرى من فرض سيطرتها والتقدم باتجاه الرمادي. وقال ضابط برتبة مقدم في الجيش متواجد في الأنبار إن «قوات من الجيش والحشد الشعبي، استطاعت تحرير منطقة العنكور (جنوب الرمادي) والدخول إلى منطقة الطاش» الواقعة إلى الجنوب من الرمادي. كما فرضت القوات العراقية سيطرتها على امتداد 35 كلم في منطقة واقعة على الطريق السريع غرب الرمادي، وفقاً للمصدر. وبذلك تعد الرمادي تحت حصار محكم، باستثناء الجانب الشمالي الذي يتصل في محافظة صلاح الدين ويفصلها عنه نهر الفرات ومنطقة صحراوية. وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي والأميركيون ترددوا قبل ذلك في نشر قوات «الحشد الشعبي» في محافظة الأنبار، ذات الغالبية السنية.وصمدت القوات العراقية ومقاتلو العشائر في الأنبار أمام هجمات المتشددين على مدى نحو عام، قبل أن تسقط تدريجياً مع بداية الشهر الحالي أمام هجمات متلاحقة أدت إلى انسحاب القوات الحكومية. من جانب آخر، سعت الإدارة الأميركية الاثنين إلى التهدئة وذلك بعد رفض بغداد اتهامات وزير الدفاع الأميركي الذي قال الأحد إن الجيش العراقي لم «يبد إرادة للقتال» في الرمادي. وقال البيت الأبيض إن بايدن اتصل هاتفياً برئيس الوزراء العراقي، مضيفاً إنه «أقر بالتضحيات الكبيرة للجيش العراقي وبشجاعته خلال الأشهر الـ 18 الماضية في الرمادي وغيرها من المناطق». من جانبها، وجهت إيران انتقاداً شديداً لوزير الدفاع الأميركي على لسان قائد فليق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني والذي قال إن الولايات المتحدة «لم تفعل شيئاً» لمساعدة الجيش العراقي للتصدي لتنظيم «داعش» في الرمادي. يذكر أن التحالف الدولي بقياد واشنطن، نفذ ثلاثة آلاف ضربة جوية ضد الجهاديين خلال الأشهر العشرة الماضية. وأدى تقدم المتشددين في منطقة الرمادي إلى نزوح ما لا يقل عن 55 ألف شخص عن منازلهم ، وفقاً للأمم المتحدة. ومنعت السلطات الحكومية عدداً كبيراً من هؤلاء بشكل مؤقت من الوصول إلى مناطق أخرى في البلاد خوفاً من تسلل مسلحين بين المدنيين إلى مناطق آمنة. واعتبر بعض السياسيين السنة ونشطاء أن الإجراء تمييز ضد الأقلية السنية في البلاد، فيما اعتبرت منظمة الإنقاذ الدولي أنه يُرغم البعض على العودة لمناطق الصراعات. وقال المسئول الإقليمي للمنظمة مارك شنيلبيشر، إن «آلاف الأشخاص فروا من الرمادي عالقون عند حواجز تفتيش» مضيفاً «بالنسبة للبعض، أصبح الوضع ميئوساً منه بحيث عادوا إلى مناطق الصراع في الرمادي».
مشاركة :