كشفت تصريحات القيادي اليساري عبدالصمد بلكبير المثيرة للجدل بخصوص رئيس الحكومة الأسبق عبدالإله بن كيران عن ملامح أزمة صامتة داخل حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي في المغرب. واتهم عبدالصمد بلكبير قيادات العدالة والتنمية بالتنكر لأمينها العام السابق (بن كيران). وقال في تصريحات أثارت جدلا واسعا في المغرب إن “أعضاء الحزب حرموا بن كيران من تعويض مالي يمكن أن يستفيد منه، في وقت وجد نفسه فيه دون عمل ودون مورد رزق”. وتكشف تصريحات بلكبير وردود الفعل الحزبية التي تلتها عن وجود انقسامات داخل العدالة والتنمية بخصوص العلاقة مع الأمين العام السابق؛ بين تيار يدفع به للعودة إلى الواجهة السياسية وأخر يسعى إلى إقصائه من المشهد. وأشار بلكبير إلى أن حزب العدالة والتنمية مقبل على “انقسام أو انقلاب وأن هناك شرخا عميقا داخله”. معتبرا أن “هذا الأخير يتجه للقيام بفرز داخلي، ولا أحد يتوقع نتائجه”. وتابع بالقول “سنكون إما أمام انقلاب ديمقراطي بتغيير القيادة الحالية، وهذا هو رهان بن كيران في الغالب، وإما انقسام وليس انشقاق، لأن بن كيران ليس في حاجة للانشقاق لأن الأغلبية معه”. من جهته اتهم العدالة والتنمية بلكبير السياسيَ اليساري بالتآمر على الحزب واستهداف وحدته. ويرى متابعون أن العدالة والتنمية الذي استنجد بنظرية المؤامرة للرد على الاتهامات والانتقادات الأخيرة التي تطال أداءه وبيته الداخلي، يناور لأجل إعادة التموقع في السلطة مع اقتراب الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في عام 2021. واعتبر رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، أن حديث السياسي اليساري عبدالصمد بلكبير، عن كون العدالة والتنمية مقبلا على انقسام أو إنقلاب، هو “تركيب لا يستقيم، وعدم قدرة على فهم الظاهرة الإخوانية، وفق أدواته العلمية المتجاوزة”. وبين لزرق في تصريح لـ”العرب”، أن “هناك تبادلا للأدوار داخل العدالة والتنمية كحزب سياسي نتج عن جماعة دعوية، والتباين بين القيادات لا يحسم بالديمقراطية حتى وإن ظهرت في بعدها الشكلي، فهي لا تعدو أن تكون ديمقراطية الواجهة، فلا بعد قيميا لها، كما أن القيادات لا تترجم اختيار الإرادة العامة، بل من خلال ‘الغلبة’ باعتماد البيعة التي هي قاعدة شيوخ الجماعة، وخاصة في محيط الزعيم، وبالتالي فيمكن أن تحسم فتوى من شيوخ الجماعة لهذا الطرف أو ذاك”. وخلافا لتحليلات البعض لا يظهر أي تناقض عميق داخل العدالة والتنمية بين جناح الداعم لبن كيران وجناح الداعم للأمين العام الحالي للحزب ورئيس الحكومة سعدالدين العثماني، وذلك لكون طبيعة التكتيك السياسي الذي اعتاد عليه العدالة والتنمية يعتمد على تبادل الأدوار خدمة لمشروعه بالتمكن من السلطة أطول مدة ممكنة، حسبما ذهب إليه لزرق. لكن يذهب البعض الآخر إلى الاستنتاج بأن العلاقة بين تيار بن كيران ومجموعة العثماني متوترة رغم ادّعاء الوحدة ورصّ الصفوف. ومما يعزز وجود خلافات عميقة داخل الحزب، امتناع بن كيران، عن حضور أشغال المجلس الوطني للحزب، الذي انعقد في مدينة سلا، الأحد الماضي، وذلك لأول مرة، مع توجيهه انتقادات شديدة اللهجة لقياديي حزبه، وعلى رأسهم الأمين العام الحالي، ورئيس الحكومة، سعدالدين العثماني، بسبب موقفهم من قوانين، منها القانون الإطار للتربية والتكوين، أو ما يسمى “قانون فَرْنسة التعليم”. ومن شأن تواصل الخلافات داخل العدالة والتنمية أن تؤثر مستقبلا على أداء الحزب السياسي وتواجده الانتخابي، خصوصا وأن بن كيران انتقد التقارب الأخير بين حزبي العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة، من خلال قبول الحزب الدخول في تحالف معه لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة.
مشاركة :