64 شاعراً جمعتهم الشاعرة مريم النقبي في دوحة القصيدة، ليرسموا لوحة وفاء شعرية لمن يكنّون له من المشاعر ما تعجز عنه العبارات.. 64 شاعراً عددهم بعدد سنوات عمر المغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، الذي رحل عنا مؤخراً، يتوزعون على 112 صفحة، هي عدد صفحات الديوان الشعري الجديد الصادر عن دار نبطي للنشر تحت عنوان «في رثاء سلطان بن زايد». ويحتوي على قصائد ومقاطع شعرية كتبها الشعراء في الأيام الأولى لرحيله، مستذكرين مناقبه الكثيرة ومسطّرين لوحة وفاء للإنسان الذي طالما عُرف عنه اهتمامه الكبير بالشعر والشعراء. يضمّ الديوان قصائد لكبار الشعراء الإماراتيين، منهم: معالي علي بن سالم الكعبي، ومعالي الدكتور عبدالله بالحيف النعيمي، والشعراء البارزين: ماجد سلطان الخاطري وصالح بن عزيز المنصوري وسعيد بن دري الفلاحي وغيرهم. وقالت،، نبطي للنشر،، في تقديم الكتاب إنها اكتفت بهذا العدد من الشعراء على الرغم من وجود عدد كبير آخر من الشعراء رثوا فقيد الوطن في قصائدهم وأضافت: «أربعة وستون عاماً قضى المغفور له الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان في كنف الحياة عاشقاً للشعر ومحبّاً للشعراء، فتسابق له في هذا الديوان أربعة وستون شاعراً يشكلّون قصيدة رثاء وحب لا تنتهي بنهاية هذه الأوراق، لأن الكبار لا تحويهم المفردات ولا تبلغ شأنهم التعابير، ولكن يأتي هذا الديوان ليؤرخ القليل مما قيل حينما ترجّل رجل التراث الأول». إن جوانب الفقيد الإنسانية لا تحصيها هذه القصائد، ومسؤولياته التي تحمّلها لن توفيها هذه الأبيات، وفكره المتّقد ليس في دلالات معاني العبارات، ولكن علاقته بالشعر والشعراء من صميم هذا الكتاب، فقد أحبّهم بصدق ليبادلوه المحبة بكل عفوية وبساطة وطهارة، وأعطاهم من وقته واهتمامه ما ليس بمقدور الأيام أن تمسحه من الذاكرة، وهكذا هم العظماء حينما يرحلون فإن آثارهم تمتد في الأيام، وقيمهم تترسخ في الأفهام، وأفكارهم تبقى نبراساً للأجيال، ولعل ذلك هو الحياة الحقيقية التي لا نعيشها إلا بعد الرحيل. وأما الشعر فطالما كان ملاذاً للأحزان والأتراح يخفف من وطأة الهموم ولسعة الجروح، لأنه الفضاء الواسع الذي يحلّق فيه الشعراء للتعبير عما يجول في بواطن شعورهم، ولكن من للشعر حينما يفقد عزيزاً كريماً تبناه كابن مدلل لسنواتٍ طويلة، ومن للشعراء حينما يفجعون بعاشق الشعر، هكذا كانت القصائد حائرة وهي تفتقد «سلطان بن زايد»، وتائهة وهي تواري جثمانه الثرى، وحزينة وهي تجتمع بين دفتي هذا الكتاب، لتشكّل لوحة رثاء ووفاء على جدار أيامنا الحزينة.
مشاركة :