الدوحة - قنا : قال بنك قطر الوطني (QNB) إن التأثير السلبي للحرب التجارية بين أمريكا والصين على النمو العالمي بدأ في التراجع، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته من خلال التقدم في الاتفاق الأولي بين الطرفين. وأوضح التحليل الأسبوعي لبنك قطر الوطني أن البنك غير تقييمه لميزان المخاطر على التوقعات الاقتصادية العالمية، مضيفا "هذا لا يعني أن مخاطر الهبوط قد تلاشت، بل من المرجح أن يكون نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي أعلى قليلا من السيناريو الأساسي، وليس أقل منه بقليل". وأضاف أن توقعات البنك قبل اتفاق المرحلة الأولى، تلخصت في أن النمو سيكون على الأرجح أقل بقليل من السيناريو الأساسي وليس أعلى منه قليلا. وأشار التحليل إلى كتاباته السابقة حول التوترات التجارية، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين على وجه الخصوص، مبينا أن تفاؤله في مطلع العام الماضي تحول إلى تشاؤم مع تصاعد التوترات خلال الصيف حين صنفت الولايات المتحدة، الصين بأنها دولة "تتلاعب بالعملة". وكانت الأضواء سلطت لأول مرة على التقدم الذي أحرز باتجاه اتفاق "المرحلة الأولى" في أوائل أكتوبر الماضي عندما ألغت الولايات المتحدة زيادة مقررة في التعريفات الجمركية مقابل التزام الصين بشراء المزيد من البضائع، والسلع الزراعية الأمريكية على وجه الخصوص. وتم إحراز مزيد من التقدم في ديسمبر الماضي، عندما ألغت الولايات المتحدة زيادة أخرى كان مخططا لها في التعريفات وخفضت بعضها من 15 بالمائة إلى 5ر7 بالمائة. وفي الأسبوع الماضي، أزالت الولايات المتحدة تصنيف دولة "تتلاعب بالعملة" عن الصين قبل التوقيع الرسمي على المرحلة الأولى للاتفاق في 15 يناير الجاري. وتجري وزارة الخزانة الأمريكية مراجعة نصف سنوية "لسياسات الاقتصاد الكلي وسعر صرف النقد الأجنبي للشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة" وتعتمد هذه المراجعة على ثلاثة معايير "للنظر فيما إذا كانت البلدان تتلاعب بسعر الصرف بين عملتها والدولار الأمريكي لمنع حدوث تسوية فعالة في ميزان المدفوعات أو للحصول على ميزة تنافسية غير عادلة في التجارة الدولية". واستعرض تحليل بنك قطر الوطني (QNB) المعايير الثلاثة المذكورة، متتبعا تقدم الصين في استيفاء هذه المعايير من خلال النظر في كيفية تطورها مع مرور الوقت. ويبحث المعيار الأول ما إذا كان لدى البلد فائض تجاري كبير في التبادل الثنائي للسلع مع الولايات المتحدة.. وقد ذكرت الولايات المتحدة أن الصين لديها فائض في تجارة السلع مع الولايات المتحدة بقيمة 401 مليار دولار في 12 شهرا حتى يونيو 2019 ، وهذا يعادل أربعة أضعاف فائض المكسيك الذي يعتبر أعلى فائض بعد الصين، كما أنه يتجاوز بشكل واضح عتبة 20 مليار دولار التي حددتها وزارة الخزانة الأمريكية. ويتناول المعيار الثاني وجود فائض كبير في الحساب الجاري، حيث اتسع فائض الحساب الجاري للصين من 0.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018 إلى 1.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي (88 مليار دولار أمريكي) في النصف الأول من عام 2019 . وأدى تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني إلى انخفاض واردات السلع والخدمات، وخاصة السياحة الخارجية، وفي مقابل ذلك، ظلت صادرات السلع الصينية ثابتة، مما أدى إلى زيادة فائض السلع على الرغم من استمرار العجز في الخدمات. وعلى الرغم من اتساع فائض السلع، يظل فائض الحساب الجاري الصيني أقل من عتبة 2 بالمائة التي حددتها وزارة الخزانة الأمريكية. ويبحث المعيار الثالث ما إذا كان البلد ينخرط باستمرار في عمليات تدخل من جانب واحد في سوق صرف العملات الأجنبية. ومع أن الصين لا تنشر أي بيانات عن التدخل في سوق الصرف الأجنبي وتدير سعر الصرف باستخدام مجموعة من الأدوات، ظلت احتياطيات النقد الأجنبي الصينية عموما دون تغيير عند حوالي 3.1 تريليون دولار أمريكي ولذلك، ترى الولايات المتحدة أن الصين "امتنعت عن التدخل" في سوق الصرف خلال العام الماضي. ويمكن القول إجمالا إن الصينيين ظلوا حريصين على عدم التدخل في سوق الصرف وتخفيض قيمة الرنمينبي مما سمح بتراجع الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة، وذلك بالرغم من ارتفاع فائض الحساب الجاري الصيني. وبأخذ كافة المعايير مجتمعة، نجد أن الصين تلبي معيارا واحدا فقط من معايير الولايات المتحدة، وهو ما سمح للولايات المتحدة الأمريكية بإسقاط صفة "متلاعب بالعملة" عن الصين قبل التوقيع الرسمي على اتفاق المرحلة الأولى في 15 يناير الجاري.
مشاركة :