مرة أخرى يعود المخرج السينمائي الإماراتي سعيد سالمين إلى الاشتغال على أعمال سينمائية تأخذ صيغة المشروع المتكامل، حيث انتهى أخيراً من تصوير فيلم ساير الجنة، بعد أن جهز ممثليه الرئيسين عبر ورشة متخصصة، ليكون العمل جاهزاً للعرض ومن ثم المنافسة على جوائز دبي السينمائي، حيث يتوقع أن يرشح الفيلم ضمن الرئيسة وهي جائزة المهر العربي للأفلام الروائية في الدورة المقبلة، من دون أن يكتفي بالمنافسة المحلية ضمن الجوائز المخصصة للأفلام الإماراتية. لا تكرار للأخطاء أقر المخرج الإماراتي سعيد سالمين بأن كل تجربة سينمائية لا يمكن أن تخلو من الأخطاء، سواء على الصعيد الفني أو الإنتاجي، أو حتى اختيار طاقم العمل ومواقع التصوير، وغيرها. لكن سالمين أكد في المقابل ضرورة الاستفادة من الأخطاء السابقة وعدم تكرارها، مضيفاً: حرصت أن استفيد من خبرتي السابقة، التي يبقى جزء منها مرتبطاً ليس فقط بتكرار إيجابيات بل بتفادي سلبيات وأخطاء تعلمتها من التجارب السباقة، لذلك فإن (ساير الجنة) الذي يعد ثاني تجربة لي في الفيلم الروائي الطويل ستكون اكثر نضجاً، سواء في ما يتعلق بالتجربة الروائية السابقة (ثوب الشمس) أو غيرها من التجارب. ودعا سالمين زملاءه من المخرجين الإماراتيين إلى الاستفادة من التجارب السينمائية المحلية على قلتها، للبناء على أساسها في مشروعاتهم المقبلة، مضيفاً: هناك خصوصية تتعلق بالسينما الإماراتية تجعل من استلهام تجارب الآخرين أمراً غير صحيح، بسبب اختلاف المعطيات، ووجود ثقافة مترسخة لدى الجمهور مرتبطة بخياراته الثابتة، وغيرها من العوامل التي يتوجب أخذها بعين الاعتبار عند بدء مشروع سينمائي محلي. سالمين: ثوب الشمس أدى رسالته قال المخرج الإماراتي سعيد سالمين إن مجموعة الرؤية للإنتاج السينمائي لم تخض تجربة إنتاج فيلم ثوب الشمس لتحقيق ربح مادي آني، بل لإحداث اختراق في واقع غياب الفيلم الإماراتي عن دور العرض المحلية. وتابع: أستطيع أن أؤكد بكثير من الاطمئنان أن التجارب اللاحقة، بما فيها فيلم (ساير الجنة)، الذي يعود إلى نفس المجموعة، ستكون مدينة لـ(ثوب الشمس) بهذه الخطوة، وهي في سياق آخر تنضم إلى عدد محدود من المحاولات التي قام بها مخرجون إماراتيون سعياً للبحث عن مكان للفيلم الإماراتي في دور العرض المحلية. وتوقع سالمين أن تكون حظوظ الأفلام المقبلة افضل حظاً من سابقتها في ما يتعلق بمدى إقبال الجمهور، مضيفاً: الجودة الفنية التي رافقت التجارب الإماراتية السينمائية الأولى هي أفضل ترويج بأننا قادرون على الذهاب أبعد بكثير من واقع الحال. سالمين الذي أنتج يعد أكثر مخرجي مجموعة الرؤية السينمائية منذ تأسيسها في عام 2005، وأكثر المخرجين الإماراتيين حصولاً على جوائز من مهرجانات سينمائية مختلفة، تصل إلى 18 جائزة، نحو 13 منها فقط لفيلمه بنت مريم، يؤكد رغم ذلك أن فيلمه الجديد ساير الجنة الذي استعان فيه بطفلين يخوضان تجربة التمثيل السينمائي للمرة الأولى، يعد تجربة سينمائية مختلفة لا تسير على نهج بنت مريم أو حتى فيلمه الآخر ثوب الشمس. عدم وجود ممثلين خليجيين في مختلف أعمال سالمين، بما فيها فيلمه الروائي الأول ثوب الشمس وتجربته الأحدث ساير الجنة التي تعود إلى شركة إنتاج أيضاً انشئت تحت مسمى الرؤية أيضاً ويديرها شقيقه عامر سالمين، يؤكد سالمين لـالإمارات اليوم: أن التجارب السينمائية المحلية لاتزال غير قادرة على استيعاب الممثل الخليجي، على الرغم من الفائدة التسويقية الكبيرة التي قد تتحقق في حال اختراق هذه الدائرة، لا سيما أن الانتشار خليجياً هو خطوة سابقة للانتشار عربياً على صعيد العروض الجماهيرية. ويتابع سالمين: من دون شك فأنا أفخر بكوني أسهمت من خلال عرض (ثوب الشمس) في تأمين حضور السينما الإماراتية في صالات العرض التجارية، لتنضم هذه الخطوة إلى عدد من التجارب المحدودة لبعض المخرجين الإماراتيين، لكن هذا لا يعني أننا نجحنا بالفعل في تكريس هذا الحضور، ونحتاج إلى مزيد من التجارب المهمة من أجل الإيعاز إلى الجمهور بأننا لدينا تجربة سينمائية تستحق أن يبحث عنها في دور العرض التجارية. وحول فكرة فيلم (ساير الجنة) الذي يعود القصة والسيناريو فيه أيضاً لسعيد سالمين، حول الطفل سلطان البالغ من العمر 11 عاماً، الذي يقرر أن يقوم برحلة لا تخلو من الجنون، حين يعقد العزم على البحث عن دفء حضن جدته الذي افتقده، فيتفق وصديقه على السفر من أبوظبي إلى الفجيرة، مروراً بكل من دبي والشارقة. ويضيف سالمين: يعيش الصديقان خلال تلك الرحلة كثيراً من الأحداث، كما يتعرضان إلى الكثير من المواقف، ومع ذلك لا يتراجع سالم عن البحث عن الحلم الذي طالما راوده، والحنان الذي طالما افتقده. وكشف سالمين عن أن العمل الذي من المقرر أن يشارك في مسابقة المهر للأفلام الروائية الطويلة في الدورة المقبلة لمهرجان دبي السينمائي تدور أحداثه بين أربع إمارات مختلفة هي أبوظبي، دبي، الشارقة، الفجيرة، وفي كل مدينة كانت للبطل ورفيقه محطة وحكايات صغيرة تتكامل لتنتهي إلى المعنى الذي يتواءم مع عنوان العمل. وحول التكنيك والرؤية الإخراجية في العمل، قال سالمين إنه أولى عناية فائقة على الطرح البصري الجاذب، والتعبير الجمالي الذي يشد المشاهد، وبالشكل الذي ينسجم ويتناغم مع شروط إخراج الفيلم الروائي عموماً. وأشار سالمين إلى أن الفيلم الذي دخل طور المرحلة الأخيرة من تصويره بالفعل سيخوض المرحلة التالية في الإنتاج داخل الاستوديو قريباً لتركيب الموسيقى وإنجاز المونتاج، وما إلى ذلك من عمليات يستلزمها الفيلم الذي سيكون من إنتاج عامر سالمين المري، من خلال مجموعة الرؤية السينمائية للإنتاج الفني. ويرى سالمين أن الفيلم السينمائي الإماراتي رغم المميزات الكبيرة التي وفرتها المهرجانات المختلفة، إلا أن طريقه إلى دور العرض التجارية لايزال إشكاليته الكبرى، مضيفاً: هناك مشاركات قوية للفيلم الإماراتي في المهرجانات السينمائية، بما فيها العربية والعالمية، لكن سيبقى المحك الرئيس لانتشاره جماهيرياً هو مدى تقبله في دور العرض التجارية. وفي هذا الصدد يرى سالمين أن فكرة المراهنة على فيلم إماراتي ذي تمويل كبير لن تكون حاضرة على المدى القريب على الأقل، مضيفاً هناك قناعة بأن المراهنة على أفلام ذات ميزانية مرتفعة مخاطرة لا يمكن أن تكون مصيبة، لذلك فإن الأفلام ذات الميزانيات المتوسطة يمكن أن تكون هي الخيار الأفضل للمخرجين والجهات الإنتاجية، مشيراً إلى أن هذا الاتجاه هو خيار مرتبط بالسينما الخليجية عموماً، وليس السينما الإماراتية فقط. يذكر أن ساير الجنة الذي حصل على جائزة أفضل سيناريو مجتمعي من وزارة الداخلية، وعلى دعم من مهرجان دبي (إنجاز)، ومن مجموعة أبوظبي للفنون، تم تصوير معظم مشاهده، حيث تم تصوير المرحلة الأولى من الفيلم في أبوظبي، ثم انتقل فريق العمل المكون من 40 فنياً إلى إمارة الفجيرة لإتمام المرحلة الثانية من التصوير التي استمرت أسبوعاً كاملاً، في حين انطلقت المرحلة الثالثة والأخيرة من أيام في إمارة الشارقة.
مشاركة :