المدنية، باعتبار أن ما ذكره الكاتب العامر- بمقاله محل التقاضي- «يعد من المباحات في الكتابة النقدية لأمور سياسية، ولم يرد في المقال أي من عبارات النيل أو الازدراء من الطائفة، إذ إنه ذو صبغة سياسية لا دينية». وقالت المحكمة، في حيثيات الحكم، إن عناصر الريبة والشك داخلتها في صحة عناصر الإثبات، وإنها ترجح دفاع المتهم وشاهدي النفي على الصورة الأخرى التي ساقتها المدعية بالحق المدني (المحامية فاطمة الحواج)، مشيرة إلى أن «المحكمة بعد اطلاعها على المقال الذي كتبه المتهم ونشره في الجريدة في 22 يوليو 2014، محل الواقعة ظهر جلياً لها أن المقال ذو صبغة سياسية وليست دينية». وأكدت أن «الدليل على ذلك أن أسبغ عليه عنوان (لا يا وزير خانك التعبير) قاصداً من ذلك وزير العدل والشؤون الاسلامية، إذ إنه عاتب عليه أنه تأخر كثيراً في التعامل مع انحرافات جمعية الوفاق عن أهداف العمل السياسي المشروع القائم على العلانية والشفافية، بمناسبة رفع الوزارة دعوى قضائية تطالب فيها وقف نشاط الجمعية لمدة 3 أشهر، إذ أنه من وجهة نظره كان يتعين على الوزير إصدار قرار بحل الجمعية منذ 14 فبراير 2014، وليس رفع دعوى لوقف نشاطها». وتابعت المحكمة أن الكاتب العامر «علق في المقال على التغريدات التي بثها رئيس جمعية الوفاق علي سلمان على مواقع التواصل الاجتماعي، ما قاده إلى المجاز في توصيل فكرته من أن الديمقراطية التي ادعاها صاحب التغريدات ويحاول أن يقنع بها أتباعه استأثر بفهما لنفسه، وتغيبها كما غيبت الحكمة مع صاحب الزمان». وأوضحت أن «في ذلك نوعاً من الإسقاط الذي لم يقصد منه سوى النيل من طريقة اختيار منصب الأمين ونائبه للوفاق بالتزكية إذ تملك زمامها هيئة يرأسها رجل دين بما يتنافى مع أسس الديمقراطية». ولفتت المحكمة إلى أن «استخدام مثل تلك الأساليب يعد من المباحات في الكتابة النقدية لأمور سياسية، وليس من شأن ما ورد في المقال من عبارات النيل أو الازدراء من الطائفة الشيعية، وما تعتقده ولا من صاحب الزمان باعتباره رمز لتلك الطائفة». وأضافت المحكمة أن «مقال الكاتب العامر قرأه مدير التحرير قبل النشر، وهو من الطائفة الشيعية، وقد كان يملك منعه من النشر بيد أنه أجازه، ولم يعترض على ما ورد به من عبارات»، مشيرة إلى أن «رئيس قسم التصحيح بالجريدة هو أيضاً من الطائفة ذاتها ولم يعترض، بل قرر في التحقيق الذي أجرته الصحيفة بعد نشر المقال أنه لم يتضمن ما يلزم وجوب منعه، وهو ما شهده به شاهدا النفي أمام المحكمة وبينهم د. عبدالله المقابي». وكان المقابي- وهو من علماء الطائفة الشيعية- قال بشهادته أمام المحكمة إنه يرى الغرض من القضية استهدافاً سياسيا للعامر، وأن الأخير استخدم في مقاله الاستعارة المجازية، لبعض ما تختلف عليه الطائفة الشيعية عن باقي الطوائف، كما أكد المقابي في شهادته أن كلمة «سرداب» التي استخدمها العامر «ما هي إلا خرافة محل خلاف بين الطائفة، والبعض منهم يستهزئ بها». وذكرت المحكمة أن «الشاهد ذكر أن المتهم لم يستهزئ بشخصية الامام المهدي، إذ إن كل من الشيعة والسنة يعترفان بوجوده، وأن الأمام المهدي في عقيدة الشيعة لم يختف بالسرداب ولم يمت، بل هو غائب»، مشيرة إلى أن «شاهد النفي الثاني المنتمي إلى الطائفة الشيعية أيضاً، قال إنه قارئ لمقالات المتهم ولم يجد فيها ما يمس بالطائفة الشيعية». وكان مقال العامر «يا وزير خانك التعبير»- محل التقاضي- تضمن جملة نصها «صاحب الزمان أخذ هذا النموذج من الديمقراطية النموذجية الأوحدية والفريد من نوعه، واختفى داخل السرداب، منذ قرون قرون تعشعش في رأس أمين عام الوفاق ...»، ما رأت فيه المحامية الحواج «مساسا بمعتقد الطائفة الشيعية»، قبل أن ترفع دعواها التي خسرتها. وكانت محامية العامر سهام صليبيخ دفعت في مرافعتها ببطلان تحقيقات النيابة العامة، لمخالفة المادة (81) من المرسوم بقانون 47 لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة، وعدم قبول الدعوى جراء رفعها من غير ذي صفة، مؤكدة توافر أسباب الإباحة وعدم توافر أركان الجريمة المنسوبة إلى موكلها، إضافة إلى رفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بالمصاريف وأتعاب المحاماة. وتشير أوراق الدعوى إلى أن الكاتب العامر، قال أمام المحكمة والنيابة العامة، إنه يؤمن إيماناً مطلقاً بالإمام المهدي، وهو جزء من عقيدته وثوابتها وأن لفظ «السرداب» لم يقصد منه سوى «التلميح كتعبير مجازي لمن يتوكلون على مبعث الإمام في كل شيء حتى في تقصيريهم دون أن يقوموا بواجباتهم». وأضاف العامر أن مثار حديثه كان انتقاد ما قاله علي سلمان عن ديمقراطية الجمعية والإشادة بها، مؤكداً أنه لم يدر بباله لحظة الإساءة إلى شخص ومقام الإمام، فضلاً عن أن مسألة اختفاءه بحسب قوله مختلف عليها لدى علماء الشيعة، ما يدل على أنها ليست من الثوابت لديهم، بمعنى أن التعرض لها لا يعد تحقيراً من شعائرهم. ويؤكد العامر، بحسب أوراق القضية، أن زوجته أم أولاده من الطائفة الشيعية فكيف يتسنى له إهانة الطائفة التي تنتمي إليها زوجته، وخلصت المحكمة، في حيثيات الحكم، إلى أن «الدليل القائم في الأوراق على المتهم عماده أقوال الشاكين وما قررته المدعية بالحق المدني في تحقيقات النيابة العامة وهو ما أحاط المحكمة بالشك بما لا ينهض معه كدليل تطمئن إليه المحكمة على صحة الاتهام وثبوته وعليه تقضي بالبراءة مع إلزام رافعها بالمصاريف ومبلغ 30 ديناراً أتعاب المحاماة». ترأس الجلسة القاضي إبراهيم الزايد، بعضوية القاضيين وجيه الشاعر، وبدر العبدالله، وأمانة سر يوسف بوحردان.
مشاركة :