في ظلّ استمرار الإضرابات وسط بيروت، دخل النائب نهاد المشنوق، الذي كان إلى ما قبل فترة قصيرة وزيرا للداخلية، على خط البحث عن مخرج من المأزق اللبناني. وجرح نحو 400 شخص إثر مواجهات مساء السبت بين متظاهرين وقوات الأمن في بيروت، في أعنف يوم منذ بدء الحركة الاحتجاجية في هذا البلد الذي يشهد أزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية. ورأى المشنوق أن الحلّ الوحيد يكمن في استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون بعد تشكيل حكومة جديدة. وجاء موقف المشنوق في بيان أصدره، الأحد، قال فيه إنّ “الحلّ الوحيد المؤقّت المتاح لكل القوى السياسية هو دعم تشكيل حكومة تكنوقراط لا تشبه ما سبق من حكومة أخذ فيها التيار الوطني الثلث المعطّل، والذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكّرة تنهي مرحلة تحطيم الوفاق وتدمير التوازن وتفجير الاستقرار في لبنان، وتفتح الباب لاحقا لقانون انتخابي عاقل وانتخابات نيابية مبكّرة، لأنّ ما وصلنا إليه سببه قانون الانتخاب الذي جرت على أساسه الانتخابات الماضية”. وحث سعد الحريري رئيس حكومة تصريف الأعمال على تشكيل الحكومة بأسرع وقت لتهدئة العاصفة الشعبية، معتبرا أن المواجهات بين الأمن والمتظاهرين “دوران في المشكلة وليس حلا”. وغرد الحريري في ما يشبه الاتفاق مع كلام المشنوق، عبر حسابه الخاص على تويتر قائلا “هناك طريق لتهدئة العاصفة الشعبية، توقفوا عن هدر الوقت وشكلوا الحكومة وافتحوا الباب للحلول السياسية والاقتصادية”. وأضاف “بقاء الجيش والقوى الأمنية والمتظاهرين في حالة مواجهة… دوران في المشكلة وليس حلا”. ورأت أوساط سياسية لبنانية في كلام المشنوق، الذي كان إلى ما قبل فترة قصيرة محسوبا على “تيّار المستقبل” الذي يتزعمّه سعد الحريري، دعوة واضحة إلى نقل المعركة السياسية الدائرة في لبنان إلى مكان آخر هو موقع رئاسة الجمهورية على أن يترافق ذلك مع تركيز على ضرورة تغيير القانون الانتخابي المعمول به. يذكر أن القانون الذي أجريت على أساسه الانتخابات النيابية الأخيرة في السادس من مايو 2018 هو قانون يقف وراءه حزب الله. واعتبرت الأوساط السياسية اللبنانية أنّ مثل هذا القانون الذي أمّن أكثرية نيابية لحزب الله يشكّل جانبا من الخلل الذي يعاني منه الوضع السياسي في لبنان. وقال المشنوق في بيانه “موجعا كان المشهد في وسط بيروت ليل أمس، حيث رأينا فقراء، يتقاتلون مع فقراء، غاضبين ومفلسين يتضاربون مع غاضبين ومفلسين مثلهم، فيما مسببو الأزمة النقدية والمالية والاقتصادية يكملون مسلسل تشكيل الحكومة، بأموال اللبنانيين، التي تنزف مع كل تأخير في التشكيل. والغريب أنه إذا كان المتظاهرون والمحتجون يمثلون الشعب اللبناني الغاضب والمعترض، في واحدة من أكثر اللحظات اللبنانية صدقا ونزاهة في تاريخ لبنان، فإن قوى الأمن ليست هي المسؤولة عن انحراف الطبقة السياسية، ولا عن الأزمة النقدية، ولا عن التأخير في تشكيل الحكومة. وليست قوى الأمن ولا الجيش هما من أوصلا البلاد إلى ما هي عليه اليوم”. ويطالب مئات الآلاف من اللبنانيين، الذين ملأوا الشوارع والساحات منذ 17 أكتوبر، برحيل الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد ويحمّلونها مسؤوليّة تدهور الوضع الاقتصادي وعجزها عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية. ويطالبون بتشكيل حكومة اختصاصيين تنصرف إلى وضع خطة إنقاذية. وبعد أسبوعين من انطلاق التظاهرات، قدّم الحريري استقالته تحت ضغط الشارع. وتمّ تكليف الأستاذ الجامعي والوزير الأسبق حسان دياب، بدعم من حزب الله وحلفائه، بتشكيل حكومة جديدة تعهّد بأن تكون مصغرة ومؤلفة من اختصاصيين، تلبية لطلب الشارع. إلا أن دياب لم يتمكن حتى الآن من تشكيل حكومته. وتحدّث الأسبوع الماضي في بيان عن “ضغوط” يتعرض لها، مؤكدا أنه لن يرضخ “للتهويل”.
مشاركة :