وقعت سويسرا والاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس اتفاقية بشأن التبادل الآلي للمعلومات المصرفية المتصلة بالمسائل الضريبية. وتدخل الاتفاقية حيز النفاذ في 1 كانون الثاني (يناير) 2017، في حين ستجري عمليات تبادل البيانات الأولى في عام 2018. ووقع جاك دو فاتفيل، وزير الدولة للشؤون المالية الدولية، على الوثيقة باسم سويسرا، فيما وضع، بيير موسكوفيسي، المفوض الأوروبي لشؤون الضرائب، وريرس جانيس، ووزير مالية ليتوانيا توقيعيهما عن الاتحاد الأوروبي. ويُعتبر موسكوفيسي من أشد مناوئي سويسرا فيما يتعلق بتمسكها بقوانين السرية المصرفية، وقد خاضت معه سويسرا مفاوضات صعبة في عامي 2012 و2013 لتسوية النزاعات الضريبية عندما كان وزيراً لمالية فرنسا. ويتعين على البرلمان السويسري، بمجلسيه الشيوخ والنواب، التصديق على الاتفاقية، كما أنها ستخضع لاستفتاء شعبي اختياري، وإذا ما مرَّت كل هذه الخطوات كما ينبغي، فإن سويسرا والدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سيكونون ملزمين بجمع البيانات المصرفية، ابتداءً من عام 2017 والشروع بتبادلها اعتبارا من عام 2018. لكن النقطة المركزية التي أصرت سويسرا على وضعها في الاتفاقية طوال سنوات مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي، على وجه التحديد، هى أن المصارف السويسرية يجب أن تُقدِّم لسلطات الضرائب السويسرية البيانات المصرفية التي ستجمعها من حسابات دافعي الضرائب (الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين) للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ثمَّ تقوم سلطات الضرائب السويسرية بتقديم هذه المعلومات إلى سلطات الضرائب في البلد المعني، وسيكون على الاتحاد الأوروبي الالتزام ذاته فيما يتعلق بالمعلومات التي سيقدمها لسويسرا. وفي حالة المخاطبات أو الاستفسارات الرسمية المتبادلة حول هذه المعلومات، ينبغي توجيهها إلى سلطة الضرائب في الطرف المعني التي سيُترك لها بين الإجابة أو إحالتها إلى المصرف المعني الذي يعيد إجابته لهيئة الضرائب، وسيكون على عاتق أعضاء التكتل الأوروبي الالتزام ذاته تجاه سويسرا. وكانت بيرن وبروكسل اتفقتا في منتصف آذار (مارس) الماضي على الأخذ بمعيار عالمي للتبادل الآلي للمعلومات، ووقع الاتفاقية بالأحرف الأولى جاك دو فاتفيل، وزورك هاينز المفاوض الأوروبي في 19 آذار (مارس). وعشية التوقيع على الاتفاقية، قال دو فاتفيل، خلال ندوة مع الصحافيين في نادي الصحافة السويسري (تشرف عليه وزارة الخارجية) إن الاتفاق سيسهم في تذليل العقبات مع بروكسل وهو مهم جدا. وأضاف دو فاتفيل، أنه بهذا الاتفاق سيتم تسوية قضية حساسة مع 28 بلدا هم شركاؤنا الاقتصاديون الرئيسيون، وهو أكثر جوهرية من الاتفاقات الأخرى التي تم التفاوض عليها، ويشكل الاتحاد الأوروبي 65 في المائة من تجارة سويسرا الخارجية (الصادرات والواردات). وذكر دو فاتفيل، في الندوة التي حضرتها «الاقتصادية»، أنه بالنسبة لنا، فسيسهم هذا الاتفاق على نطاق واسع في جعل علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي أكثر سلاسة، مشيراً إلى حدوث تحسن في مناخ معالجة السجلات الضريبية مع فرنسا خلال الزيارة «الحساسة» للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى سويسرا الشهر الماضي، وإلى تحسنها مع إيطاليا أيضاً. ورداً على سؤال حول النتائج المترتبة على هذا الاتفاق من ناحية حرية المصارف السويسرية في الوصول للسوق الأوروبية، قال المسؤول السويسري إنه لا توجد صلة قانونية للموضوع، بل صلة سياسة فحسب، معتبراً أن هذه الاتفاقية فرصة مناسبة جداً للمضي قدما في الوصول إلى السوق. وكانت المناقشات بشأن الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي قد تم تعليقها في آذار (مارس)، بسبب الخلاف على نتيجة تصويت شعبي سويسري فرض حصصاً معينة لدخول، وحرية حركة، وعمل المواطنين الأوربيين داخل سويسرا، لكن، دو فاتفيل، أشار إلى الأمل في أن يكون هذا التعليق مؤقتاً فقط. وأكد دو فاتفيل، أنهم سيناضلون من أجل مركز مالي قوي وتنافسي، ولن نترك هذه الاتفاقية تفرض مزيداً من الإجراءات الإدارية والتنظيمية على المصارف، وأن الإجراءات الإضافية ستكون في إطار المعقول، حسب تعبيره. وأشار دو فاتفيل، إلى أن الأمر لا يتعلق بخنق المصارف بواسطة متطلبات إدارية إضافية، بل باحترام جميع المعايير الدولية وأن تقوم البلدان الأخرى بالعمل نفسه بغية الحفاظ على ظروف المنافسة العادلة. وأوضح دو فاتفيل، أن القطاع المالي، والأعمال المصرفية والتأمين، يمثل 10 في المائة من الناتج القومي الإجمالي السويسري، ويوظف أكثر من 200 ألف شخص، وأن سمعة المركز المالي السويسري ممتازة، وهو أحد أكثر الأماكن أمنا في جميع أنحاء العالم بفضل جودة البنية التحتية، وقوة الفرنك السويسري، والاستقرار السياسي والاقتصادي للبلد، وخبرة ممتدة لقرون.
مشاركة :