العيسى: الصداقة بين الأمم والشعوب تعني الثقة المتبادلة وسهولة الحوار والتفاهم

  • 1/20/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بدعوة من الجامعة الكاثوليكية الإيطالية ألقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس مجلس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، محاضرة عن الصداقة والأخوة بين الأمم والشعوب. واستعرض "العيسى" نماذج من ذلك تَمثّلت في العلاقة الإيجابية بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي والتي توطدت مؤخرًا من خلال العلاقة المتميزة بين رابطة العالم الإسلامي والفاتيكان. وقال: إن قيمة الأخوة والصداقة تعني لنا جميعًا المحبة، والضمير الصادق، والثقة المتبادلة؛ وبالتالي سهولة الحوار والتفاهم، والعمل سويًّا على المشتركات التي نتفق من خلالها على قيمنا الإنسانية التي تمثل القانون الطبيعي لنا جميعًا، والذي رسّخته الشرائع السماوية؛ موضحًا أن الصداقة هي أجمل ما يمكن أن نتحدث عنه، وعندما نقول الصداقة نعني بها الصداقة الفعالة، وليست الصداقة المرحلية التي تتبادل المصالح أو المجاملة المادية والإعلامية؛ فهذه لا تعدو أن تكون ظاهرة شكلية لا قيمة لها. وأضاف "العيسى" أن الأفكار المتحضرة تتميز من خلال تفاعلها الإيجابي مع مفهوم الأسرة الإنسانية الواحدة، وتفاهم وتعاون أتباع الأديان والثقافات، والاحترام المتبادل بينهم، وبالتالي حوار وتفاهم وتحالف الحضارات لخدمة الإنسانية في سلامها ووئامها الذي نتحمل جميعًا مسؤوليته فيما يخصنا؛ مؤكدًا أنه من الطبيعي أن نختلف دينيًّا وسياسيًّا وفكريًّا وثقافيًّا، لكن ليس من المقبول أننا بسبب هذا الاختلاف لا نتعارف ونتقارب ونتحاور ويحب بعضنا بعضًا ونعمل سويًّا على مشتركاتنا، والتي أجزم أن عشرة بالمائة منها فقط كفيل بإحلال السلام والوئام في عالمنا. وكشف عن إطلاق مبادرة عالمية ستعمل عليها الرابطة بكل إمكانياتها وهي تحمل عنوان: "تعزيز الصداقة والتعاون بين الأمم والشعوب.. من أجل عالم أكثر تفاهمًا وسلامًا.. ومجتمعات أكثر وئامًا واندماجًا". وتابع "العيسى"، أن مشكلة الأسرة الإنسانية ليست في شكلية الصداقة فهذه من السهولة أن تقال لكنها تظل جسدًا منحوتًا دون روح؛ بل المشكلة والمعاناة الحقيقية تكمن في عدم القدرة على إيجاد القيمة العليا للصداقة، والتي يجب أن تكون ملهمة للآخرين من خلال تعبيرها الرائع والصادق، والمشكلة الأكثر ألمًا هي رفض هذه الصداقة بسبب تحفظ سياسي أو ديني أو فكري أو عنصري، وهذا التحفظ يعني وجود تطرف يهدد صداقة وسلام ووئام عالمنا. وزاد أن الأخيار أثبتوا في عالمنا أنهم وحدهم القادرون على إيجاد المعنى الحقيقي للصداقة. وهؤلاء الأخيار هم من يستحقون أن يكونوا قدوة للآخرين في القيم الإنسانية؛ فهم الملهمون حقًّا، وهم من يراهن على إسهامهم الكبير في صناعة السلام والوئام بين الأمم والشعوب؛ لافتًا إلى أن الصداقة الحقيقية والإسهام الفاعل في خدمة الإنسانية هي معيار القيم بعيدًا عن الادعاء والاستعراض المجرد، وقيمة الإنسان فيما يقدمه للآخرين.. هذه القيمة هي التي جعلته يستحق وصف الإنسانية، وفي الإسلام يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: (خير الناس أنفعهم للناس). وأكد "العيسى" أن علينا جميعًا مسؤولية مشتركة في حفظ القيم الإنسانية للأجيال القادمة التي تدعم سلامهم ووئامهم والاحترام المتبادل بينهم وتعزيز الوعي بحتمية الاختلاف والتنوع. وأيضًا تعليم الأجيال القادمة الأسلوب المناسب في التواصل مع الآخرين، وكيفية التعامل مع الأشرار وخاصة حاملي خطاب الكراهية والعنصرية. وقال: إن على المنصات الدينية والتعليم والأسرة مسؤولية كبيرة ومن هنا تأتي أهمية قيام كل منها بواجبه الأخلاقي. كما من المهم أن يراعي خطاب المشاركة الدينية الذي يهدف إلى الإسهام في تعزيز السلوك الإنساني كلًّا من الروح والعقل والواقع؛ مضيفًا أن عزوف البعض -وخاصة في صفوف بعض الشباب- عن المشتركات الإيمانية التي نتحدث عنها سويًّا؛ يعود إلى ضعف كفاءة مخاطبة المنطق والعقل، وضعف التأهيل في مناقشة الموضوعات المثارة. واستدرك "العيسى" قائلًا: من واقع علاقتي بالأديان جميعًا، أدرك أن هناك فراغًا في أسلوب مخاطبة الشباب، والذي يريد مخاطبة منطقة وأسلوب تفكيره، وأن ينزل لمستوى مشاعره والمحيط الذي يعيشه الشباب؛ مؤكدًا أن كل سلوك سلبي يتعلق بانحدار القيم والأخلاق وخاصة البعد عن الإيمان نتحمل مسؤوليته بالتضامن كل فيما يخصه، وأن ضبط القيم الأخلاقية والمحافظة على معنى الإنسانية يبدأ من "الوجدان" و"العقل" معًا والتفكير في منطقة الواقع والقدرة على استيعابها وتحليلها وإيجاد الحلول لها، وقد نشخص الحالة تشخيصًا صحيحًا؛ لكن قد لا نُحسن وصف علاجها وقد نحسنه لكن لا يتم أخذه بالطريقة الصحيحة، لقد دخلت على عالمنا مظاهر لا يقبلها الإيمان بالخالق؛ وبالتالي ترفضها كل الأديان السماوية، وهي تنحدر بالإنسان لتُجرّده من كل القيم التي ميزته كإنسان. واعتبر "العيسى" أن انعزال الأديان في دور عبادتها بعيدًا عن القيام بواجبها الأخلاقي والإنساني ينافي الواجب عليها ويحولها إلى مؤسسات شكلية ويزعزع الثقة بها. ومن المهم أن تأخذ الأديان بزمام المبادرة للحوار المفضي للمحافظة على القيم الإنسانية والسلام والوئام بين الجميع، وأن تكون حكيمة ومترفقة مع مخالفيها. وتابع: كلنا نعلم أن بوابة السلام والوئام بين كافة أشكال الاختلاف والتنوع الإنساني هو الاحترام المجرد وهو الذي يمهد بشكل تلقائي للحوار والتفاهم، والذي لا بد أن يكون موضوعيًّا. لكن نسأل أنفسنا هل كانت السجالات الدينية والثقافية طيلة التاريخ الإنساني خالية من الأخذ بخيار الحوار؟ الواقع أن خيار الحوار كان موجودًا في كثير من الأحوال، لكنه لم يكن فعالًا بالقدر اللازم لنجاحه، والسؤال ما سبب عدم فعاليته؟ هل السبب هو أن هناك صدامًا محتومًا بين الحضارات كما يؤمن البعض؟ وبالتالي لا جدوى من الحوار مهما فعلنا لإنجاحه، أو أن صيغة الحوار خاطئة، ولا سيما ما يتعلق بالثقة المتبادلة أو حسن إدارة الحوار؟ أم هناك مشاحنة وعدم تسامح في المنطقة التي يفضل فيها التسامح، أو أن الحوار غير مسبوق بأرضية ممهدة له، وبعبارة أخرى لا توجد له "منصة إطلاق"، أم الحوار مسبوق بمحاولة فرض القناعة وذلك لإصرار كل محاور على أنه يمتلك الحقيقة المطلقة وبالتالي لا مجال للتفاهم على خلافها؛ فضلًا عن أن يكون هناك قناعة بما لدى الآخر بشكل كلي أو جزئي، أو أن الحوار لم يضع المشتركات كأساس ينطلق منها، ومن ثم شرع مباشرةً في نقاط الخلاف، على أساس أن المشتركات تعتبر العنصر الرئيسي في إيجاد القدر اللازم من التفاهم، ومن ثَم رسم الأهداف المشتركة، وصولًا إلى ردم الفجوة السلبية بين أطراف الحوار. وتابع "العيسى": من أسباب عدم فعالية الحوار أيضًا؛ أن بعض المتحاورين لا يدرك سلبيات فشل الحوار بسبب الشد المتبادل، ومن ثم العودة لمربع الخلاف السلبي أو الصدام. وأضاف أنه عندما خلق الله تعالى البشر جعل بعضهم محتاجًا لبعض مهما اختلفوا، وجعل الصدام بينهم شرًّا عليهم جميعًا، مهما توهم البعض أنه انتصر؛ فالنصر إذا حصل فهو مؤقت وموهوم وليس نصرًا حقيقيًّا، ووقائع التاريخ تشهد بذلك، وفي الوقت الذي لا يمكن السماح فيه بفرض القناعات لا يمكن السماح في المقابل بالإساءة للوجدان العام والسكينة العامة وازدراء قناعاته بأي تصرف له أثر ضار. وباختصار لا بد أن أشير في هذا الموضوع لأمر مهم وهو أن المنتصر الحقيقي في الحوار الموضوعي بين أتباع الأديان والثقافات هي القيم؛ لكن ما هي القيم التي نعني؟ وبالتالي ما هي القيــــم التي نريـد؟ وأجاب بقوله، هي باختصار المشتركات الإنسانية.. ولا بد لنا حتى نطبق هذه القيم من أرضية تؤسس لها، ترتكز على عدة أمور من أهمها: أولا: كفاءة التعليم الذي يشمل المنهج والمعلم، ولا بد أن يركز التعليم على المعارف السلوكية والأخلاقية بالإضافة إلى العلوم على حد سواء، والمعارف التي نريد هنا تشمل صياغة السلوك الحضاري للأطفال وصغار الشباب من خلال استعراض المعارف الإنسانية ذات الطابع الأخلاقي المشترك، وتحريك فكرهم لإقناعهم بها عبر إيضاح النماذج الإيجابية للأخذ بها، والنماذج السلبية الناتجة عن رفضها. وكذلك إقناعهم بأهمية القيمة الأخلاقية في حياتهم الشخصية، وفي سلام ووئام مجتمعاتهم بشكل أعم، وما يجب على كل منهم كإنسان نحو الإسهام في تعزيز قيم وسلوك الأخوة الإنسانية. وأيضًا إقناعهم من خلال المعرفة أن الإنسان يستحق وصف الإنسان بتلك القيم، وأن الخاسر الأول والأخير في المخاطرة بالقيم هو الشخص ذاته قبل غيره. وكذلك إقناعهم بالمسلّمات الكونية في وجود الاختلاف والتنوع والتعدد، وأنه لا يعني الصراع والصدام أبدًا، وأن هذا الفهم لا يلجأ له الأسوياء أبدًا. يتلو ذلك تدريب الأطفال وصغار الشباب عمليًّا من خلال برامج متنوعة تغرس فيهم تلك القيم وتنمي لديهم مهارات التواصل مع الآخرين، وتعزز أسلوب التفكير والاستنتاج الصحيح. كما يجب عزل وعلاج أي ظاهرة سلبية داخل البيئة التعليمية، والأهم من المنهج هو المعلم فأهمية المنهج للأطفال وصغار الشباب لا تتجاوز 10% فيما المعلم يأخذ الحصة الباقية من الأهمية. الثاني: من مرتكزات تطبيق القيم المشتركة هو كفاءة قيادة الأسرة؛ فلا بد من أسرة واعية، تُسهم بشكل رئيسي في صياغة عقول أطفالها بالمعارف السلوكية الإيجابية؛ وكلنا ندرك أن أصل الإنسان هو الفطرة السليمة النقية، فالإنسان لم يخلق شريرًا، ولا عنصريًّا، ولا كارهًا، وهو مدني بطبعه، ولكن ما الذي يحصل لهذا الإنسان؟ يحصل له أنه يتأثر بالسلوك السلبي المكتسب أيًّا كانت الأسباب الباعثة عليه، فمثلًا يجد في الخطأ أو الإساءة أو الاعتداء مصلحة ذاتية مغرية، أو يجره التصور الخاطئ إلى ممارسات سلبية، فهناك من يعتقد أنه الصواب المطلق، ثم لا يكتفي بذلك بل يتجاوز إلى الإساءة للآخرين واستحقارهم وربما تطور إلى إيذائهم، وهناك من لا ينظر للمشتركات، بل لا ينظر إلا لنقاط الاختلاف، ويستنتج منها أن الصدام الحضاري حتمي، وللحقيقة لا بد أن أشير إلى أن بعض الخطاب الديني حول العالم إما أنه يمارس الحدة في طرحه، أو الاستكبار ومحاولة فرض الهيمنة على غيره، أو أنه يميل إلى الانطواء والعزلة أو يعيش خارج واقعه أو يقحم الدين في قضايا لا يجوز إقحامه فيها، وهذا مع الأسف ملموس على مستوى أتباع الأديان عمومًا؛ لكنه يحصل من بعض أولئك الأتباع ولا نشك أن أصل الدين لا علاقة له بتلك الأخطاء مطلقًا. ولفت "العيسى" إلى أن من المهم الإشارة إلى العلاقة القوية بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي والصداقة التي تترسخ كل يوم بين هذين العالمين؛ لقد كان للبابا فرانسيس مواقف عادلة مع الإسلام والمسلمين صرّح بها أكثر من مرة، والمسلمون يقدرون بشكل كبير هذه التصريحات ويقدرون كذلك صداقته مع العالم الإسلامي، ولقد عقدنا مؤتمرًا تاريخيًّا في مكة المكرمة اجتمع فيه عموم المفتين والعلماء المسلمين حضره أكثر من ألف ومائتي مُفتٍ وعالم من جميع الطوائف الإسلامية وعددهم سبع وعشرون مذهبًا وطائفة، جاؤوا جميعًا تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي وعلى بُعد خطوات من الكعبة المشرفة، وأعرَبَ عدد منهم في كلماتهم عن تقديرهم لتصريحات البابا حول الإسلام والمسلمين وبخاصة في أعقاب الأعمال الإرهابية التي قام بها مجرمون محسوبون زورًا وكذبًا على الإسلام، كما أننا في المقابل لا يمكن أن نحسب الأعمال الإرهابية التي قام بها مجرمون منسوبون إلى أديان أخرى على تلك الأديان التي يدعون اتباعهم لها. وفي ختام محاضرته ذكر نماذج يقدرها بشكل كبير تعكس القيم الرفيعة للعلاقة بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي والمتمثلة في لقائي باسم الشعوب الإسلامية التي تمثلهم رابطة العالم الإسلامي من مقرهم المقدس وقبلتهم الجامعة مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية؛ وذلك مع البابا فرانسيس حيث دار معه حوار التقدير المتبادل والمزيد من التطلع نحو تعميق الصداقة والتعاون. كما استذكر صداقته مع الراحل الكاردينال جان لوي توران الذي قام بزيارة تاريخية للمملكة العربية السعودية مع وفد المجلس البابوي للحوار بين الأديان في أبريل 2018، وخلال هذه الزيارة التقوا بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وتم توقيع مذكرة تعاون بين رابطة العالم الإسلامي والمجلس البابوي للحوار في مدينة الرياض، وعندما يكون هذا التوقيع في المملكة العربية السعودية ومع رابطة العالم الإسلامي التي تمثل الشعوب الإسلامية مَن قَبِلتهم الجامعة مكة المكرمة؛ فهذا يعني الكثير لدى المسلمين بل وغير المسلمين؛ فمحور العالم الإسلامي ومحور تطلع المسلمين هو إلى القبلة الجامعة لهم في مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية. وسجل "العيسى" تقديره لصداقة الكاردينال ميخائيل أيوسو الرئيس الحالي للمجلس البابوي للحوار بين الأديان والذي زار المملكة العربية السعودية، والْتقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في إطار زيارة الكاردينال توران؛ مضيفًا، لقد كانت تلك الصداقات العميقة مثالًا لما يجب أن يتواصل به محبو السلام ومحبو الخير. من جهة أخرى وقّع الشيخ العيسى مع مدير الجامعة الكاثوليكية فرانكو انيلي، اتفاقية للتعاون والشراكة بين الجامعة ورابطة العالم الإسلامي؛ بهدف تطوير وتحسين برامج اللغة العربية ونشاطات البحوث الثقافية العربية والإسلامية. وتأتي أهمية الاتفاقية في ظل ما أنجزته الجامعة الكاثوليكية خلال السنوات الأخيرة من دراسات وبحوث وبرامج ومبادرات تدريبية مرتبطة باللغة والثقافة العربية، وانطلاقًا من حرص الرابطة على دعم وتعزيز وتحسين كل الجهود التي تبذلها المؤسسات الأكاديمية العالمية في حقول اللغة والثقافة العربية والإسلامية، وبذل كل ما تمتلكه من خبرات وإمكانات كبيرة في سبيل تسهيل وتطوير العمل في هذا المجال. ويسعى الجانبان عبر هذه الشراكة إلى تعزيز البحوث في هذه الميادين، من خلال مبادرات تدعم حلقات ومسارات عن اللغة والثقافة العربية، وتنفيذ مشاريع بحثية نظرية وتطبيقية تقدم إلى مركز بحوث اللغة العربية بالجامعة، مع تركيز خاص على المشروعات المعنية بتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها. كما أقرت اتفاقية رابطة العام الإسلامي والجامعة الكاثوليكية، تأسيس زمالات لمنح شهادة الدكتوراه في الحقول ذات العلاقة باللغة والثقافة العربية.

مشاركة :