شيماء المرزوقي عندما نقرأ عن الإبداع وأسسه، أو كيفية تحويل العقول لتكون مبدعة، أو نحاول دراسة هذا العلم والتعمق فيه نصطدم بأن معظم الحديث ينصب في جانب يتعلق بالإبداع الاقتصادي أو التجاري أو ما يتعلق بالعمل بصفة عامة، وكيف تنمي مواردك البشرية وفق الطريقة الإبداعية.ورغم أن هذا الجانب حيوي ومهم ولا ضير فيه، إلا أن الإبداع لا ينحصر فيه، وليس هذا الجانب هو الوحيد الذي تحتاجه المجتمعات والأفراد على حد سواء لتنمية ملكات الإبداع وممارسته كواقع يومي.كثيرة هي الكتب التي تركز على الإبداع في مجال الأعمال بعناوين مثل: كيف تدخل الإبداع في منشأتك التجارية وتحقق الأرباح؟ كيف تدفع موظفيك للإبداع وزيادة الإنتاجية؟ وغيرهما كثير، لكن الكتب والمؤلفات الموثوقة والمبنية على تجارب وخبرات ومهارات تتناول الإبداع الفردي، وكيف يتمكن كل واحد منا من التوجه نحوه وفق الطرق العلمية الصحيحة، قليلة جداً، وإن وجدت، فإنها غير دقيقة وجاءت وفق اجتهادات فردية.نحتاج لجهد وعمل مؤسسي قوي ينقل تجارب الأمم والمجتمعات التي تولي قيم الإبداع العناية وتلك التي أسست منظومة عمل متكاملة في إطارها ومنهجها ومحتواها الفعل الإبداعي.أيضاً نحتاج لتبسيط هذه القيمة وجعلها قريبة من الناس، وهذا لا يمكن تحقيقه بالأدوات والحراك الذي نشاهده ونعيشه، وعندما أقول تبسيط العملية الإبداعية، فهذا يعني جعلها جزءاً من تفكير الناس، ولن يتحقق مثل هذا التوجه وهي فئوية أو خاصة بقطاع مجتمعي دون القطاعات الأخرى، ولا يمكن تحقيقها مع تواجد فقر معرفي بها وشح في المعلومات، فضلاً عما تلبسها من صعوبة أو أن تظهر وكأنها، كما أراد البعض، صعبة ولا يمكن لأي إنسان ممارسة الإبداع والعمل وفق العقل المبدع.أعتقد أن أولى الخطوات في هذا المسار، التوجه نحو الأطفال في سنواتهم التعليمية الأولى، بمعنى التوجه نحو أطفال ما قبل السنة الابتدائية، هذه الفئة يمكن غرس التفكير الإبداعي في أفئدتها الصغيرة، وستكبر هذه البذرة مع مرور السنوات جنباً إلى جنب مع نموهما العلمي والمعرفي. الأطفال في أولى سنوات الدراسة تجب تنشئتهم على الاستنتاج والتفكير واستخدام العقل، يجب أن نتجنب القوالب الجاهزة والمواضيع الجاهزة، التي تقال لهم ويتم تحفيظها لهم وتعويدهم عليها. إن أردنا جيلاً مبدعاً يعيش وفق العقل المبدع، فنحن نحتاج لطرق تدريس حديثة تحث الطلاب على الاستنتاج والتفكير المستقل. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :