"الغازيّة لازم ترحل".. كثيرًا ما سمعنا هذه الجملة وحفظناها عن ظهر قلب عبر عقود من التراث والثقافة الشعبية المصرية، والتي ترددت على ألسنة ملايين من البشر دون وعي لأصل هذه العبارة. بالنسبة لي، كنت عندما كنت أرى تلك الكلمة تتردد في مشاهد الموالد التى تعرضها الشاشة الصغيرة في الكثير من أفلام السينما المصرية، أو تتردد في المقاهي بين الشباب والفتيات للسخرية من أحد أو التهكم على أية فتاة قد لا تُشبه الأخريات أو تتمتع ببعض التبرج، فيقولون "الغازيّة لازم ترحل" أو "إيه الرقاصة دي؟"؛ كانت تستوقفني الجملة، وكنت أتسائل كثيرًا بالمعني الدارج."يعني إيه الغازيّة لازم ترحل؟" أتساءل فيفسرون لي "يعنى دي رقاصة.. مش شبهنا.. بتهز وسطها وبس". كنت لا أُبالي بتلك الأحاديث، لكني ظللت مرارًا أبحث عن أصل الجملة إلا أن أغلب الردود كانت ثابتة وتُكرر نفس المعنى وكأنه أصبح عُرفًا مُتعارف عليه في المجتمع المصري؛ إلى أن ظهر مولود جديد في كتابات الدراسات الإنسانية وهو "الإمبريالية والهِشّك بِشّك" للباحثة والكاتبة شذى يحيى، والصادر مؤخرًا عن دار ابن رشد؛ والذي لا يهدف إلى التعريف بتاريخ الرقص الشرقي بأشكاله النمطية التي ترسّخت في الأذهان في العقود الماضية؛ بل يفك التشابك في المعتقدات والمفاهيم المغلوطة عن الرقص الشرقي، الذي يعتبر من أهم وأقدم الفنون منذ عهود المصريين القدماء وحتى عصرنا هذا. يركز الكتاب على زواية مهمة ومختلفة وهي كيف تناول الغرب خلال الحقبة الاستعمارية الراقصات، ونظرة الغرب لهذا النوع من الفنون وارتباطه بفكرة الذكر الغربي المُهيمن والمتميز، والمرأة الشرقية الخانعة التي اكتفوا بتنميطها كأداة للمتعة.
مشاركة :