لا يضيع حق وراءه مطالب.. وهذا ما حدث للحكومة المصرية اخيرا بعد سلسلة من المفاوضات التي زادت علي الخمس سنوات وكانت كلها تصب في مصلحة اثيوبيا صاحبة سد النهضة بعد اكتمالها انشاء السد فعليا. فخلال ما توصلت اليه مفاوضات مصر واثيوبيا والسودان في الولايات المتحده الامريكية الاسبوع الماضي فقد جدد اعلان وزارة الخزانة الامريكيه الامل الكبير في حسم هذه القضية المصيرية والحيوية لصالح الاطراف الثلاثةومنع المخاطر المتوقعة علي دولتي المصب السودان ومصر وفي نفس الوقت مساعدة اثيوبيا في مشروعها بما لا يضر بنقطة مياه واحدة تمتلكها مصر. وأكد الاعلان المذكور التوصل الي اتفاق تعاون مبدئي شامل بشأن ملء خزان السد وتنفيذه علي مراحل خلال موسم الأمطار ، مع الاخذ في الاعتبار تأثير الملء علي المخزون المائي لدولتي المصب مصر والسودان . فضلا عن سماح مراحل الملء الملاحقة بتصريف المياه خلال فترات الجفاف الطويلة، وهذا لا يؤثر علينا بأي حال من الأحوال. الأمر الاكثر ايجابية في المفاوضات الجارية بالرعاية الامريكية هو انها ساهمت هذه المرة في انهاء مرحلة الجمود التي استمرت اكثر من ٦ سنوات بسبب النقاط الفنية الخلافية العالقة بين مصر واثيوبيا والتي كانت تتمثل في ملء وتشغيل السد. كما ألزم الاتفاق اثيوبيا بتوفير تدابير التخفيف المناسبة لمصر والسودان في حالة الجفاف الشديد خلال هذا الوقت من الملء من يوليو الي اغسطس وكذلك سبتمبر بشروط معينة وان يجري تنفيذ المراحل اللاحقة من الملء وفقا لآلية يتم الاتفاق عليها ، وهذا امر محمود لا غبار عليه خاصة أن الامر لن يؤثر علي المياة المصرية التي تمثل حياة المصريين. كما اكد الاتفاق علي أن يتم تحديد التعبئة بناء علي ظروف النيل الازرق ومستوي المياه الذي يحقق أهداف الملء في اثيوبيا ويوفر توليد الكهرباء ويطمت في الوقت نفسه توفير المياه المناسبة لمصر والسودان خلال سنواتالجفاف. وأعتقد أن اعلان وزارة الخزانة الامريكية وبيان وزاراء الخارجية والري في الدول الثلاث حاز علي قبولهم وتوافقهم وفي انتظار اجتماع نهاية يناير ٢٠٢٠ للتواصل الي اتفاق شامل حول الازمة .كما أن هناك حاجة الي صياغة قانونية اكثر تحديدا فيما يتعلق بالتدابير المناسبة الواجب اتخاذها لتخفيف اثر الجفاف علي مصر والسودان وتحديد العبارات المتفق عليها بدقة لتفادي أي خلافات في تفسيرها عند التنفيذ الفعلي للبنود ! والجدير بالذكر ان آراء المتخصصين والخبراء أكدت أن سد النهضة له آثار كبيرة على مصر، وانه لا بديل عن التعاون بين مصر والسودان وأثيوبيا لتلافي آثار سد النهضة الاثيوبي, مؤكدين علي عدد من الأضرار المحتملة للسد الأثيوبي في حال شروع أديس ابابا التخزين بشكل منفرد على التدفقات المائية، وإنتاج الكهرباء للسدود والخزانات فى مصر والسودان! وربما تتعرض مصر للكثير من خسائر المياه بوجود سد النهضة اذا ما تم تنفيذ البنود المتفق عليها بين الدول الثلاثة , مع الوضع فى الاعتبار الظروف الطبيعية كمعدلات البخر والجفاف! وربما سيؤدي إلى توقف توربينات السد العالي مما يؤدي إلى توقف انتاجه للكهرباء وإغلاق خروج المياه فى بعض الأحيان, وربما ستتعرض المنظومه المائية في القارة الأفريقية للضغط، إذا تم تشغيل السد لصالح أثيوبيا فقط ! في حين أن السودان سيكون لديها بعض الحصانه نتيجة وجودها بحزام الأمطار! وحتي نضمن حماية مياه النيل في بلادنا وبما لا يضر بمصالح اي دولة من الدول الثلاثة ،فنحن لا نريد حرب مياه في المستقبل بل نريد بناء وتعمير وتعاون مشترك لصالح الجميع علي السواء ! فمصر هبة النيل وليس العكس وبدون النيل لا حياة ولا مستقبل ولا تنمية!
مشاركة :