من الأمثال الشعبية البحرينية التي نحفظها منذ الصغر المثل المعروف «اللي ما له أول ما له تالي».. وهذا المثل يدل على أن الأمم والشعوب التي ليس لها تاريخ متجذّر في أعماق العصور لا يمكن أن تستمر لأن أعمدتها هشّة وأسقفها ضعيفة، ومن هنا فإننا نسمع عن شعوب وأمم وحضارات سادت ثم بادت وطوى سيرتها الأفول والنسيان. ونحمد الله أن أمتنا العربية ومن ورائها الأمة الإسلامية لها جذور تمتد لآلاف السنين، ثم جاء الإسلام ليعطي هذه الأمة زخمًا دينيًا وحضاريًا سوف يمتد ما شاء الله أن يمتد. فالأمة العربية وكذلك الأمة الإسلامية بالرغم من السنوات والمراحل التي مرت بها بعد أن أصابها الضعف والهزال في عهود الاستعمار الذي حاول القضاء على اللغة العربية لم يستطع ذلك لأن اللغة العربية هي لغة القرآن «إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون»، فهي لغة حية ومقدسة ولا يمكن القضاء عليها بأي حال من الأحوال. وكذلك على المستوى الفردي أو الشخصي فإن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ولنا في صحابته الكرام رضي الله عنهم أجمعين القدوة الصالحة لمن أراد أن يسير على هداهم ويعمل على التحلي بأخلاقهم وشمائلهم. ومما لا شك فيه أن من أولويات كل مسلم ومسلمة التأسي بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، لذا تتوق روح كل مسلم ومسلمة إلى العيش في هذه الحياة الدنيا وفق المنهج الإسلامي السليم الذي خطه رسولنا الكريم: «وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون». والحق أن تلك القضية غاية في الأهمية، من حيث الرغبة الكامنة داخل كل قلب مؤمن بالله ورسوله في التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم والعيش وفق المنهاج الإسلامي السليم الذي لا إفراط فيه ولا تفريط ولا غلو فيه ولا شطط. وعلى المؤمن أن يكون طموحًا عالي الهمة حريصًا على اتباع الأنبياء واتباع الصحابة والعمل بعملهم، فمعيار الهداية الصحيح أن يكون إيمان العبد مثل إيمان الصحابة كما قال سبحانه وتعالى «أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ إقتده».. ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام «لا تسبوا أحدًا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه». فالله سبحانه وتعالى اصطفى قلوب صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم وطهرها من بين قلوب العباد. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ”. لذلك استحقوا أن يكونوا خيار الناس على الإطلاق، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ؛ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ؛ ثُمَّ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ». وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، وعزّروه، ونصروه، وآووه، وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام. فليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام القدوة الحسنة.
مشاركة :