منعت تركيا قبرص من المشاركة كمراقب في جلسة لمؤتمر نزع الأسلحة في جنيف وهو ما رأى فيه مراقبون محاولة من أنقرة لتأجيج الصراع في شرق المتوسط الذي تحاول أن تستأثر فيه بالثروات. ومؤتمر نزع الأسلحة الذي يضم 65 عضوا، هيئة متعددة الأطراف مستقلة عن الأمم المتحدة بالرغم من أن مقرها في المقر الأممي الأوروبي في جنيف وكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من غير الأعضاء. ولكن يمكن للدول المشاركة في الجلسات بصفة مراقب. وقبرص التي ليست عضوا في المؤتمر، طلبت المشاركة في الجلسة كما فعلت بلدان عديدة. ولكن الدعوة القبرصية جوبهت بالرفض بسبب معارضة أنقرة. وأقر ممثل تركيا أن بلاده امتنعت في الماضي عن عرقلة مشاركة قبرص في المؤتمر مكتفية بالتعبير عن عدم رضاها عن هذه المشاركة من خلال بعث رسالة في نهاية كل جلسة. وأضاف أن الأمور تغيرت موضحا أن “تركيا لن تدعم هذا الطلب هذه السنة”. وأدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي القرار التركي. وأعلن السفير الأميركي لدى المؤتمر، روبرت وود، أنه “من المؤسف أن تكون قررت تركيا منع قبرص من المشاركة في أعمال المؤتمر” داعيا “أنقرة إلى إعادة النظر” في موقفها. ويأتي قرار تركيا فيما يستمر الخلاف منذ أشهر بسبب احتياطي النفط والغاز قبالة سواحل قبرص. ويحتل الجيش التركي شمال الجزيرة منذ 1974. وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قد استقبل في بداية الأسبوع الجاري وزير خارجية قبرص نيكوس كريستودوليديس، وأكدت المملكة العربية السعودية، الثلاثاء، أنها “تتابع باهتمام بالغ التطورات في شرق المتوسط”، وجددت ”دعمها الكامل لسيادة قبرص على أراضيها”. وتكثف تركيا منذ أشهر تحركاتها في شرق المتوسط حيث تم اكتشاف حقول كبيرة من الغاز في السنوات الأخيرة خصوصا قبالة قبرص، ما أثار اهتمام الدول المجاورة. وأثار الاتفاق المبرم نهاية نوفمبر في إسطنبول بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، انتقادات شديدة من دول عديدة خصوصا اليونان وقبرص، وهو اتفاق يتطرق إلى ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا. ومطلع يناير وقعت كل من اليونان وقبرص وإسرائيل مشروع أنبوب “شرق المتوسط” للغاز رغم معارضة تركيا له. ويرى محللون أن تركيا المصمّمة على توسيع نفوذها في حوض البحر المتوسط حيث تثير الموارد النفطية التوترات، قد تعمل على تكثيف الضغط على قبرص، معتبرة إياها “الحلقة الضعيفة” في تحالف إقليمي يقف في وجه طموحات أنقرة في المنطقة. ويأتي التوتر بين أنقرة ونيقوسيا في وقت تكثف فيه تركيا استعراض قوتها على كل ضفة من المتوسط، متدخلة في نزاعي سوريا وليبيا. ويقول محللون إن أنقرة قد تسعى إلى زيادة الضغوط على نيقوسيا لثنيها عن مواصلة عمليات التنقيب عن المحروقات، حتى وإن كان العمل العسكري التركي ضد الجزيرة مستبعدا. وتعارض تركيا أي عملية تنقيب أو استثمار للمحروقات تستبعد الشطر الشمالي من قبرص حيث يقيم قبارصة أتراك. وفي الأشهر الأخيرة أرسلت أنقرة سفينتي تنقيب لاستكشاف النفط والغاز قبالة قبرص، رغم تحذيرات واشنطن والاتحاد الأوروبي. وقبرص عضو في الاتحاد الأوروبي. وفي ديسمبر نشرت أيضا أول طائرة مسيرة مسلحة في شمالي قبرص وبحسب وسائل إعلام تركية، تنوي بناء قاعدة بحرية فيها. وتعرض هذه التحركات تركيا لانتقادات حادة ولعقوبات دولية حيث اجتاز الاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة نحو فرض عقوبات على تركيا في نوفمبر بسبب أنشطتها غير المشروعة للتنقيب من خلال تبني رسميا إطار قانوني لاستهداف الأشخاص أو الكيانات المتورطة في هذا الملف.
مشاركة :