الجزائر تتحرك دبلوماسيا للخروج من جمودها بشأن الأزمة الليبية

  • 1/24/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تسعى الجزائر إلى العودة كلاعب أساسي فاعل في المنطقة من بوابة ليبيا خاصة بعد سلسلة اللقاءات الدبلوماسية الأخيرة التي قادت عدداً من مسؤولي البلدان الفاعلة في الملف الليبي إلى الجزائر. وانطلق الخميس، اجتماع وزراء خارجية دول جوار ليبيا بالجزائر، لبحث آخر تطورات الوضع، دون مشاركة أي من الأطراف الليبية. وجدد وزير الشؤون الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم الخميس، التأكيد على أنه لا سبيل للخروج من الأزمة الليبية إلا بالحل السلمي. ولفت بوقادوم، في اجتماع بالعاصمة الجزائرية لدول الجوار الليبي بمشاركة ألمانيا، إلى ضرورة أن يجد الليبيون الحل "لأزمتهم بأنفسهم وبدون أي تدخل خارجي". وقال :"الجزائر واثقة من نجاح الليبيين في الوصول إلى الحل، وما يزيد ثقتنا هو ترحيب الفرقاء بدعوة الجزائر لإجراء جولات حوار". من جهته، استنكر وزير الخارجية المصري سامح شكري مذكرتي التفاهم الموقعتين بين تركيا وليبيا، ووصف الأمر بأنه "مخالف للاتفاقيات الدولية". وأضاف شكري، في كلمته أمام الاجتماع، أن "تركيا تسببت في ارتباك لليبيا بعد إرسال مقاتلين لأراضيها"، مصنفا ذلك ضمن خانة "التدخلات الصارخة في حق دولة عربية". وأضاف أن "حل الأزمة الليبية، يجب أن يكون بين الليبيين أنفسهم"، مشيرا إلى أن "الخلاف السياسي أمر وارد، ولو كانت الأزمة الليبية سياسية لحلت" ولكنه اعتبر الأمر "يتعلق بجماعات إرهابية دُعمت بجماعات من سوريا". وأعرب عن أمله في أنه "لو التزم الليبيون والمجتمع الدولي بمخرجات مؤتمر برلين، فسيحل السلام في ليبيا أما وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال التونسية صبري باش طبجي فقد أن استمرار الأزمة الليبية "كلف دول الجوار أعباء ثقيلة"، وخاصة في ظل توسع نشاط الجماعات الإرهابية والهجرة غير الشرعية. وأوضح، في كلمة أمام اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في العاصمة الجزائرية، أن "دول الجوار ملزمة بإبلاغ صوتها بكل قوة بما أنها معنية بحل الأزمة الليبية"، مؤكدا أن تونس ترحب بمخرجات اجتماع موسكو ومؤتمر برلين. كما جدد رفض تونس للحل العسكري والتدخل الأجنبي في ليبيا، وشدد على دعمها لحوار ليبي ليبي شامل يحقق الوحدة في البلد ويكرس حق الشعب في العيش في كرامة. وأكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس تمسك بلاده بموقفها الداعم للحل السياسي والسلمي للأزمة الليبية. وقال في كلمة، أمام اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي، الذي تستضيفه العاصمة الجزائرية :"هناك العديد من التعقيدات، ونحن واعون بخطورة الوضع في البلاد ... الصراع لا يزال متواصلا، ولن يتوقف إلا بمحاولة تقريب وجهات نظر الفرقاء". ولفت إلى أن "كل الدول المشاركة في الاجتماع ستسعى لإيجاد حل سلمي للأزمة الليبية"، معتبرا أن "الحل السياسي" سيكون هو "المخرج الحكيم لليبيا". وأكد على أهمية اجتماع الجزائر، معتبرا إياه خطوة جديدة بعد قمة برلين نحو حلحلة الصراع الليبي. وشدد على أن دول الجوار والدول الأفريقية هي "مفتاح حل الأزمة"، داعيا إلى ضرورة الحد من تدفق الأسلحة في المنطقة". ويأتي الاجتماع بعد أقل من أسبوع على مؤتمرِ برلين، الذي انتهى بالاتفاق على حظر توريد الأسلحة والتوصل إلى وقف إطلاق النار في ليبيا. وكثفت الجزائر مشاوراتها في الأسابيع الأخيرة للإسهام في إيجاد حل سياسي في ليبيا، ورفضها للتدخلات الخارجية في هذا البلد الذي تتشارك معه حدوداً بطول ألف كلم تقريباً. ومن المقرر أن يزور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الجزائر الأحد لمدة يومين، بعد ان زارها رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي ووزراء الخارجية الفرنسي والتركي والمصري والإيطالي. كما سيصل وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى الجزائر الخميس للتباحث بشأن ليبيا، بحسب وزارة الخارجية الجزائرية. وأوضح الخبير والدبلوماسي الجزائري السابق عبد العزيز رحابي أنّ "الجزائر دعت دوماً إلى إشراك جيران ليبيا لأنّهم يعانون بصورة مباشرة من الآثار الجانبية للأزمة". وأضاف "يعانون من تلك الآثار بوصفها تهديدا عسكريا وأيضا عبئا اقتصاديا ويجري ذلك على حساب تنمية جيران ليبيا". وينتظر أن يكون التحرك الدبلوماسي المذكور أول تحدّ للسلطة الجزائرية الجديدة، فهي بخطابها الداعي لـ”الحياد” بين أطراف الصراع في ليبيا ورفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي، لا تريد إزعاج حلفائها الداعمين للجيش الليبي، كما تتعامل بليونة لحد الآن مع التدخل العسكري التركي في طرابلس. ومنذ قرار تركيا بنشر قوات في ليبيا، تكثف الدبلوماسية الجزائرية المشاورات بغرض تهدئة الأزمة. من جانبه أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أن سلم ليبيا من سلم الجزائر، مبرزا أن مشكلة هذا البلد تكمن في "الحرب بالوكالة وبسط النفوذ". وقال تبون، في مقابلة صحفية مع عدد من مسؤولي المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة بثت مساء الأربعاء، إن "مشكل ليبيا يكمن في الحرب بالوكالة وبسط النفوذ. الجزائر لا تبحث عن تقوية نفوذها جغرافيا أو تلميع صورتها لأن الجميع يشهد لها بدورها وتقاليدها في تسوية الأزمات بعيدا عن البروز أو الابتزاز". وأضاف: "نحن الجزائريون ندرك جيدا حجم معاناة الشعب الليبي، وبدلا من أن توجه الأموال لشراء الأسلحة، نتمنى أن تصرف في تنمية هذا البلد". وتابع: "في مؤتمر برلين كان هناك إجماع على ما اقترحته الجزائر من بينها ما تعلق برعاية بلادنا لحوار بين الليبيين. وكشف تبون عن أن "أغلب قبائل الجنوب الليبي ومصراتة والزنتان والطوارق والتبو، طلبوا وساطة الجزائر". ولقيت مبادرة الجزائر مقاطعة من حكومة الوفاق التي وبحسب تصريحات تليفزيونية نقلتها بوابة"أفريقيا الإخبارية" فقد رفض السراج المشاركة في اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي، احتجاجا على دعوة الجزائر لوزير خارجية الحكومة الليبية المؤقتة عبدالهادي الحويج. وأعلن وزير الخارجية بحكومة الوفاق، محمد سيالة، أيضا رفضه المشاركة في اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي المقرر عقده غدا بالعاصمة الجزائرية. وخلال منشور على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، قالت خارجية الوفاق، إن "سيالة" أرجع سبب الرفض في اتصال هاتفي مع نظيره الجزائري، صبري بوقادوم، إلى حضور وزير خارجية الحكومة الليبية المؤقتة. وكانت الجزائر قد استقبلت رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، ووفدا يمثّل الجيش الوطني الليبي، أثناء التحضيرات التي كانت جارية لالتئام قمة برلين، كما استقبلت عددا من المسؤولين السامين في حكومتي تركيا وإيطاليا، من أجل بلورة موقف يجنّب ليبيا التدخل العسكري الأجنبي. وإذ اعتبر تصريح عبدالمجيد تبون حينها بأن “طرابلس خط أحمر”، رسالة لقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، على اعتبار أنه كان على وشك الدخول إلى طرابلس، فإن التشديد على رفض التدخل العسكري الأجنبي كان موجّها للحكومة التركية، ومع ذلك اعتبر الموقف الجزائري غامضا وحتى منحازا. وتعدّ الاتصالات المكثفة في الآونة الأخيرة للدبلوماسية الجزائرية مع الأطراف المعارضة لمخطط الجيش الليبي، بغية اجتثاث الميليشيات الإسلامية من طرابلس، مؤشرا على اصطفاف الموقف الجزائري في خندق حكومة السراج، رغم تركيزه على مبدأ المسافة الواحدة بين أطراف الصراع. وأمام محدودية نفوذها في فرض أجندة معيّنة في البلاد التي تشترك معها في أكثر من ألف كلم في الحدود البرية، فإن الجزائر تراهن على إشراك القوى والمنظمات الفاعلة في المنطقة من أجل بلورة حل سياسي للأزمة يجنّب ليبيا والمنطقة حربا مدمرة. ومع ذلك تبقى جدوى وحظوظ نجاح الدعوة التي أعلنها الرئيس الجزائري محلّ تساؤل، في ظل تعقيدات المشهد الليبي، ودخول أكثر من طرف إقليمي على خط الصراع.

مشاركة :