أعلنت مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أمس، نجاح المفاوضات الثلاثية حول اللائحة التنظيمية للصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية، وهو أساس الخطة الاستثمارية الأوروبية التي تصل قيمتها إلى 315 مليار يورو، وبالتالي فإن الصندوق يمكن أن يبدأ عمله في تمويل المشروعات في نهاية فصل الصيف. وانتهت المفاوضات في ساعة مبكرة من فجر الخميس، وقالت المفوضية الأوروبية، وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد، إنها قامت بدور الوسيط بين البرلمان الأوروبي، وهو أعلى مؤسسة تشريعية، والمجلس الأوروبي، الذي يمثل الدول الأعضاء. كما نجح المشاركون في المفاوضات في إيجاد حلول للقضايا العالقة، يذكر منها ضمان مخصصات ميزانية الصندوق، والحفاظ على جدول زمني طموح منصوص عليه في الإعلان عن الخطة في يناير (كانون الثاني) الماضي. من جانبه، قال البرلمان الأوروبي إن نجاح المفاوضات يعني بداية العمل بالخطة التي توفر 315 مليار يورو للاستثمارات العامة، والاقتصاد الحقيقي بشكل خاص خلال الفترة الممتدة بين 2015 و2017. وسيبدأ التصويت على الخطة في البرلمان الأوروبي يوم 24 يونيو (حزيران) المقبل على أن ينطلق البرنامج قبل انتهاء فصل الصيف. وأشار البرلمان الأوروبي إلى نجاح الفريق التفاوضي للبرلمان في تحجيم أي تخفيضات لبرنامج أفق 2020 للبحث والابتكار، وبرنامج توصيل المرافق الأوروبية لربط وسائل النقل والطاقة في أوروبا. فضلا عن ذلك، تمسك المفاوضون بأن تشمل الخطة الاستثمارية الاستراتيجية إنشاء آلية مستقرة لسد الفجوة الاستثمارية في أوروبا من خلال توضيح هياكل إدارة صندوق ضمان الاستثمار، وجعلها أكثر خضوعا للمساءلة أمام نواب البرلمان الأوروبي الذين يمثلون المواطنين في دول الاتحاد الأوروبي. وكان بنك الاستثمار الأوروبي قد أعلن الشهر الماضي عن حزمة مشروعات ستنفذ في إطار الصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية. وقال مسؤولون في البنك إنها ستساهم في تقوية الابتكار، والرعاية الصحية، والنقل، والصناعة، وجميع القطاعات الحيوية للنمو الاقتصادي في أوروبا، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمارات الجديدة والمشروعات الضرورية لتعزيز التنافسية. وأضاف متحدثون باسم البنك في بيان أنه سيتم توسيع الدعم للمؤسسات الصغرى والمتوسطة التي هي العمود الفقري للاقتصاد الأوروبي. ومن بين المشروعات المقترحة، توجد مشروعات في مجال أبحاث الرعاية الصحية في إسبانيا، والتوسع في مطار رئيسي في كرواتيا، وبناء 14 مركزا جديدا للرعاية الصحية في آيرلندا، ودعم الابتكار الصناعي في إيطاليا. ووافق مجلس إدارة بنك الاستثمار الأوروبي على تقديم 300 مليون يورو قروضا لمشروعات ستمول من جانب صندوق الاستثمار الجديد ودعم الاستثمار الكلي بنحو 850 مليون يورو لمشروعات القطاع العام والخاص. وفي أعقاب هذه الموافقة، يتوقع أن تختتم في الأشهر المقبلة المفاوضات القانونية والمالية للمشروعات. كما تعرض على المجلس خلال الفترة المقبلة حزمة جديدة من المشروعات تتعلق بالطاقة المتجددة ودعم البحث والتطوير والابتكار ومشروعات البنية التحتية الرقمية والاجتماعية، وبحث مزيد من القروض للمشروعات الصغرى والمتوسطة والمعاملات الخاصة بتحفيز النمو ومستوى التنافسية. وسبق أن وصفت المفوضية الأوروبية قرار مجلس محافظي بنك الاستثمار الأوروبي بـ«التاريخي» وأكّدت على ضرورة أن تكون الشركات الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي قادرة على الاستفادة من أموال الصندوق الأوروبي الجديد للاستثمارات الاستراتيجية قبل حلول الصيف. وأضافت المفوضية أن هذه الخطوة وخطوات أخرى لاحقة تهدف إلى أن تكون خطة الاستثمار الأوروبية قائمة وفاعلة بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل على أكثر تقدير، وسوف تستفيد شركات البنى التحتية أيضا من ترتيبات التمويل المسبق، ولكن بعد إتمام ذلك للشركات الصغرى والمتوسطة. أما عن الخطوات القادمة، فقالت المفوضية إن هناك عدة تدابير رئيسية في خطة الاستثمار، منها ما يتعلق بالإرادة السياسية القوية من جميع مؤسسات الاتحاد الأوروبي لاعتماد مشروع الخطة التمويلي قبل حلول يوليو (تموز) المقبل، بحيث يمكن أن تتدفق الأموال من الصندوق الجديد اعتبارا من سبتمبر لتمويل مشروعات البنى التحتية كالنقل والاتصالات والمستشفيات والمدارس، فضلا عن العمل على أجزاء أخرى من خطة الاستثمار تتعلق بإنشاء خط أنابيب للفرص الاستثمارية وتنفيذ برنامج عمل طموح وضعته المفوضية لعام 2015 لإزالة الحواجز التنظيمية للاستثمار، وتعزيز السوق الموحدة. ومن جهة أخرى، تؤكد المفوضية أن مستوى الاستثمار في الاتحاد الأوروبي تراجع بنسبة 15 في المائة بسبب الأزمة المالية والاقتصادية منذ عام 2007. ورغم وجود سيولة نقدية في قطاع الشركات، فإن حالة عدم اليقين فيما يتعلق بالتوقعات الاقتصادية أدت إلى كبح الاستثمار في أجزاء من الاتحاد الأوروبي وخاصة بالنسبة للقطاع الخاص. وفي يناير الماضي، أطلقت المفوضية الأوروبية، بتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبي، خدمة استشارية جديدة حول الأدوات المالية المتوفرة في الهياكل الأوروبية وصناديق الاستثمار بهدف المشاركة في الخطة الاستثمارية الجديدة في جميع دول الاتحاد الأوروبي.
مشاركة :