القس منذر إسحق يكتب: عن الوحدة

  • 1/24/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أخوتي الكهنة والرعاة، أيها الأحباء، اسمحوا لي بداية، أن أتقدم بالنيابة عن الجميع بالشكر للأب عيسى حجازين ولرعية كنيسة العذراء سيدة فاطمة للاتين بيت ساحور لاستضافتهم لنا.لقد صلى يسوع المسيح قبل آلامه من أجل تلاميذه ومن أجلنا نحن الذين سنؤمن به، وكانت صلاته لنا "أن نكون واحدًا"، وقد أتينا في هذا المساء إلى هذا المكان لكي نعيش ونجسّد هذه الوحدة التي صلى من أجلها المسيح، وأريد أن أعطي سبع نقاط سريعة عن معنى وأهمية صلاتنا هذا المساء.1. هناك كنيسة واحدةيوجد في الواقع كنيسة واحدة– وهي التي نعترف بها جميعنا في قانون الإيمان: "كنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية، ونحن جميعًا معًا نشكل هذه الكنيسة، لا منفردين بل مجتمعين. وعقائديًا، وحدتنا هي بإيماننا الرسوليّ، وقوانين الإيمان، وأيضًا بسرّ المعمودية المقدس، فاليوم كنائسنا جميعًا تعترف وتقبل بمعمودية الكنائس الأخرى". وكما قال الرسول بولس: "ربٌّ واحدٌ، إيمانٌ واحدٌ، معموديةٌ واحدة، فما تعلمنا إياه هذه الآية هو أن المعمودية الواحدة ترتبط بالإيمان الواحد والربّ الواحد".إن الشيء المميّز هو أن الكنيسة عندما وضعت قانون الإيمان في المجمع المسكوني، كان هذا المجمع عبارة عن لقاء الإخوة من عدة كنائس – وبالتحديد الكراسي الرسولية الخمسة الأولى: القدس، أنطاكية، الإسكندرية، القسطنطينية، وروما. وكل واحدٍ من هذه الكنائس كانت مستقلة إداريًا وكان لها طابعها الليتورجي الخاص. فمنذ البداية، كنّا كنائس – نشكل معًا الكنيسة الواحدة!2. الوحدة لا تعني الانصهارعندما نصلّي من أجل الوحدة، نحن لا نصلي من أجل أن نذوب في كنيسة واحدة أو هيكلية هرمية أو طقسية واحدة. ومن المهم التشديد على مبدأ الحرية في الحفاظ على طقوس وتقاليد وخصائص كل كنيسة، هناك كنائس غربية وكنائس شرقية، وكنائس تمزج بين الاثنين، ولكلٍّ منها خصوصيتها. يجب أن ندرك ونقبل هذا الأمر. الوحدة إذًا التي نتكلم عليها هي لقاء الإخوة تحت سقفٍ واحد في سياق المحبة المسيحية! كلنا يدرك أن ما يجمعنا هو أكثر بكثير مما يفرقنا. نعم، ما يجمعنا هو أكثر بكثير مما يفرقنا. لذا وجب علينا التركيز على ما يجمع، دون إنكار أو إهمال ما يُفرّقنا. هناك مقولة شهيرة نستخدمها في الحوار المسيحيّ – المسيحيّ: في أساسيات الإيمان – وحدة / في القضايا الثانوية – حرية / في كل القضايا – محبة.3. الوحدة بين المسيحيين استجابة لصلاة المسيحعنوان لقائنا هذا المساء هو صلاة المسيح: "ليكونوا واحدًا". نحن إذًا هنا كي نرضي ربّنا ومخلصنا يسوع المسيح. نحن هنا استجابة لصلاته الكهنوتية، وتحقيقًا لأشواق قلبه. فانقساماتنا تحزنه، وربما الأصعب هو عندما نهاجم بعضنا بعضًا، ونجعل من تنوعنا انقسامًا ونزاعًا وفرقة. ونحن نكرم مسيحنا عندما نلتقي معًا ونسير معًا في مسيرة الوحدة كعائلة مسيحية واحدة.4. الوحدة بين المسيحيين رسالة للعالمإن وحدتنا هي رسالة وشهادة للعالم عن إنجيل النعمة وصليب المسيح. في انجيل اليوم، قال يسوع: " لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا... لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي". بعبارة أخرى، لقد ربط السيّد المسيح وحدتنا بشهادتنا للعالم، فأي شهادةٍ لنا ونحن منقسمون على ذاتنا؟ أيّ رسالة سنعطي لمجتمعنا وأرضنا ونحن نحارب بعضنا بعضًا!"ليؤمن العالم أنك أرسلتني"، نعم، شهادتنا بوحدتنا ومحبتنا الأخوية الصادقة.5. الوحدة بين المسيحيين حاجة معاصرة في فلسطين اليومبالإضافة إلى شهادتنا للعالم، فاليوم أصبحت وحدتنا وتعاوننا ولقاءاتنا مطلبًا من رعايانا والمؤمنين في كنائسنا. التحديات ك ثيرة، والمستقبل أصعب. أعدادنا في تناقص، وكل عائلة تختار الرحيل تضعنا نحن الباقون في موقف أصعب. هذا صليب الهجرة، صليب نحمله جميعًا ومعًا كمسيحيين– لا منفردين، ففي وقتٍ تتزايد فيه الضغوطات علينا جميعًا اليوم، فعلينا أن نتكاثف ونتحد، ففي جمعتنا قوة وعزاء لبعضنا. لم يعد للفرقة مكان بيننا. نحن أقوى معًا.6. الوحدة بين المسيحيين بركة لبعضنا البعضوالقضية هي ليست مُجرّد التشديد على أننا واحد في المسيح، أو على أنّ ما يوحدنا هو أكثر مما يفرقنا، بل هي أكثر من ذلك، فأنا أومن أنّ لكلّ عائلة مسيحية أمور مميزة وذات قيمة تقدمها لباقي العائلات، لذا فيجب أن نستفيد من الغنى والتجربة الروحية والليتورجية والرعوية الموجودة في العائلات الكنسية المسيحية المتعددة. كل واحدة من كنائسنا لديها نقاط قوة، وبتواضع يجب أن نسعى لكي نتعلم من الآخر. نحن نتكلم إذًا عن تنوع لا عن اختلاف. وفي هذا التنوع غنىً وفائدة للجسد الواحد.ويجب أيضًا أن ندعم بعضنا بعضًا. نجاحكم هو نجاحي، وفشلي هو فشلكم. يجب أن نتعاون على كل الأصعدة – رعويًا ومعنويًا وماديًّا وبممتلكاتنا وأبنيتنا ومؤسساتنا – يجب أن يدعم بعضنا بعضًا.7. الوحدة بين المسيحيين تجسيد للمحبة المسيحية وجوابنا على التعصّبقال يسوع: "بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ". لم يقل "إن كان لكم العقيدة السليمة" (وطبعًا يجب أن نستقيم في العقيدة)؛ لم يقل بمدى نجاح خدماتكم (وطبعًا يجب أن نسعى للنجاح). ميزتنا الأولى والتي يجب أن تسمو على أيّ شيء آخر هي المحبة. فنحن نظهر أننا تلاميذ المسيح، لا بالعدد، أو الغنى، أو قوة المؤسسات، أو بكتاباتنا، أو أي إنجاز... بل بالمحبة! فكيف نعظُ عن المحبة إن لم نعشها أولاً بيننا؟واليوم، في زمن يزيد فيه التطرّف الديني، والتعصّب والطائفية، جوابنا هو المحبة! ما أسهل أن ندين ونشير بأصبعنا. ولكننا نكرم يسوع عندما نحبّ. فإجابتنا على نهج الطائفية هو نهج المحبة.أعطنا يا ربّ أن نحبك من كلّ القلب، وأن نحبّ كنيستك من كل القلب، وأن نحب قريبنا كنفسنا. ولإلهنا الْمَجْدُ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ إِلَى جَمِيعِ أَجْيَالِ دَهْرِ الدُّهُورِ آمِينَ.

مشاركة :