احتفل مهرجان طانطان التراثي في المغرب بالجمهورية التونسية التي اختيرت كضيف شرف، وتميزت الدورة الحادية عشرة بمشاركة بارزة لدولة الإمارات العربية المتحدة التي اصبحت منذ هذه السنة شريكاً لموسم طانطان الذي سبق أن صنّفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) عام 2005 من روائع التراث الشفهي اللامادي للبشرية. وشاركت الإمارات للمرة الثانية في فعاليات الدورة الحادية عشرة من «موسم طانطان»، في رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس تحت شعار «تراث إنساني ضامن للتماسك الاجتماعي وعامل تنموي»، استكمالاً للجهود المبذولة في العام الماضي لإيصال الرسالة التي تعمل لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي على تعزيزها، وهي أن الحراك الثقافي لدولة الإمارات العربية المتحدة جعلها محط أنظار العالم، ومحلّ ثقة لما قدمته في المجالين الثقافي والتراثي. وتضمن برنامج التظاهرة الفنية التي احتضنتها فضاءات مدينة طانطان، إقامة معرض للنشاطات المدرة للدخل ومعرض للصناعة التقليدية بمشاركة عارضين من مختلف الأقاليم الجنوبية، لإتاحة الفرصة للصناع والحرفيين لعرض منتوجاتهم وإبراز غنى المنتوجات التقليدية المغربية وتنوّعها، إضافة الى سباقات للهجن وعروض في فن الفروسية التقليدية (التبوريدة) تشارك فيها فرق تمثل مختلف جهات البلاد. وضم البرنامج أيضاً سهرات فنية أحيتها فرقة أبوظبي للفنون الشعبية ورقصات وأهازيج إماراتية تمثل التراث الوطني، إضافة الى مشاركة فرق موسيقية تونسية ومجموعات تراثية، وتنظيم معارض كتب ومخطوطات، فضلاً عن مشاركة عدد من الفنانين المغاربة والفرق الموسيقية المحلية. وحرص منظمو التظاهرة التراثية على الاحتفال بالثقافة البدوية من خلال إبرازها والحفاظ على مختلف أبعاد الحياة اليومية للإنسان الصحراوي كوسيلة للتنمية المستدامة في المنطقة. فموسم طانطان لا يجسد فقط تاريخ مدينة، وإنما جهة برمتها وبلداً متشبثاً بتقاليده العريقة مع توجه مستديم نحو المستقبل. فهو ملتقى تاريخي، يرمز للسلام والتسامح، أضحى فضاء مهماً للتبادل الثقافي والاقتصادي بين قبائل المنطقة الصحراوية، ومناسبة لتجمع الآلاف من الرحّل في الصحراء الكبرى والذين يمثلون اكثر من ثلاثين قبيلة صحراوية بالمغرب والمنتمية إلى دول شمال غربي افريقيا، ما جعل الموسم فرصة حقيقية للجمع بين الرحّل والزوار والجمهور يتقاسمون من خلالها غنى الثقافة الصحراوية المغربية. يقول أهل المنطقة إن تاريخ الموسم يعود إلى مئات السنين، إذ كانت مختلف قبائل الصحراء تتجمع في موسم سنوي، يلتقي خلاله أهلها، وتزدهر فيه تجارة قوافلها، ويتشاور خلاله أعيانها، وكما تقول الروايات التاريخية إن أهل القبائل كانوا يقيمون أثناء موسم تجمعهم احتفالات كسباق الهجن، ويتداولون في أمور العلم، ويتسامرون في أمسيات ينظمون فيها الأشعار بالحسانية وأخرى بالعربية الفصيحة لإتقانهم البارع لها.
مشاركة :