سيشل جنة سياحية لا ترغب في ازدحام الزوار

  • 1/26/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحاول سيشل جنة السياحة الفاخرة تجنب وصول عدد كبير من السياح إلى شواطئها الخلابة مع أن عددهم تضاعف في السنوات العشر الأخيرة. تتصاعد موسيقى الريغي من جهاز راديو موضوع تحت أشجار على شاطئ أنس بازاركا الرائع في جنوب جزيرة ماهيه فيما الأسماك تشوى على الفحم. وكما جرت العادة في الجزيرة، تستغل نارين وعائلتها عطلة نهاية الأسبوع للاسترخاء على أحد الشواطئ الرملية الكثيرة الخالية من أي نفايات والتي تساهم في سمعة هذه الجزيرة. وتقول نارين البالغة 32 عاما وهي من أبناء الجزيرة وتعمل في القطاع السياحي “ليست لدينا سياحة جماعية كثيفة في سيشل وهذا أمر ممتاز”. وتضيف “زيادة عدد السياح أمر جيد للاقتصاد لكن ثمة أمور أخرى تدخل في الاعتبار في سيشل”، معبرة بذلك عن النقاشات التي تدور في هذا الأرخبيل المؤلف من 115 جزيرة والمهدد بالاحترار المناخي والمنادي بسياحة مراعية للبيئة. وكانت سيشل تمكنت من الخروج من أزمة اقتصادية خانقة عام 2008 بفضل السياحة، إلا أن هذا البلد يطرح بجدية مسألة عدد السياح الذين بإمكانه استيعابهم. وبانتظار نتائج استقصاء حول هذه المسألة، فرضت الحكومة العام 2015 تجميد بناء فنادق كبيرة على الجزر الثلاث الرئيسية ماهيه وبرالين ولا ديغ لحماية البيئة والترويج للفنادق الأصغر التي يديرها أبناء البلد. وفي الجزر الخارجية، تمارس السلطات سياسة معروفة باسم “جزيرة واحدة، منتجع واحد”. وأوضح وزير السياحة ديدييه دوغلي “تقوم الفكرة على ضبط عدد السياح من خلال ضبط عدد غرف الفنادق المتاحة”. وأضاف “تقديرنا الحالي يشير إلى أنه بإمكاننا استقبال نصف مليون سائح سنويا”، مشددا على أن عدد غرف الفنادق المتاحة راهنا هو ستة آلاف ومن المقرر بناء 3 آلاف غرفة إضافية في إطار مشاريع تمت الموافقة عليها قبل قرار تعليق البناء. وقد صنف أكثر من نصف مساحة سيشل البالغة 455 كيلومترا مربعا مناطق محمية. الحكومة فرضت تجميد بناء فنادق كبيرة على الجزر الثلاث الرئيسية ماهيه وبرالين ولا ديغ لحماية البيئة والترويج لفنادق أصغر يديرها أبناء البلد وثمة موقعان طبيعيان مدرجان في قائمة التراث العالمي للبشرية لليونسكو هما وادي ماي مع أشجار جوز الهند البحري الشهيرة فضلا عن جزيرة الدابرا المرجانية وسلاحفها. والهدوء المطلق هو سيد الموقف على شواطئ الأرخبيل مع بعض الاستثناءات مثل شاطئ بوفالون الشهير في جزيرة ماهيه أو أنس سورس دارجان على جزيرة برالان التي تختار بانتظام من بين أجمل شواطئ العالم. وتبدو بعض الشواطئ بمنأى عن أي أثر لنشاط بشري، فيما غالبية الفنادق تختفي وسط نبات مداري كثيف. وقال نيرمال شاه المدير التنفيذي لمنظمة “نيتشر سيشل” لحماية البيئة “كل شيء رهين بالمعايير التي نحددها لأنفسنا”، واعتبر أن في الكثير من الأماكن مثل لا ديغ تم الوصول إلى القدرة القصوى على الاستيعاب. ورأى أن سيشل “لا ترغب بتاتا” برؤية الإسمنت يغزو الشواطئ كما الحال في أماكن كثيرة من إسبانيا. فعلى شاطئ غراند بوليس على بعد كيلومترات قليلة من أنس بازاركا يتمدد نحو عشرين سائحا فقط على شاطئ يمتد على أكثر من 600 متر. وقد لاقى مشروع إقامة فندق معارضة كبيرة من السكان قبل فترة قصيرة مذكرين بأهمية التنوع الحيوي لمنطقة مستنقعات مجاورة وعلى خلفية استياء أيضا حيال مجموعات تسيطر على عدد كبير من الفنادق في الأرخبيل. وقد وعدت الحكومة بإجراء محادثات مع المقاول لمناقشة شروط تخليه عن مشروعه الذي تمت الموافقة عليه قبل دخول قرار التعليق حيز التنفيذ العام 2015. ويرحب عالميا بجهود حماية البيئة إلا أن الطريق للوصول إلى سياحة مستدامة لا يزال طويلا. وقال نيرمال شاه “لا يزال عدد السياح كبيرا جدا مقارنة بعدد السكان ومن الصعب استيعاب الأثر الذي يخلفه هؤلاء الزوار”، مشيرا إلى أن ربع اليد العاملة تأتي من الخارج ولاسيما في مجال السياحة والبناء فيما البطالة معدومة في الجزر. وتعتمد المجموعات الفندقية الكبيرة إجراءات كثيرة للحد من الأثر على البيئة (بساتين وخفض استخدام البلاستيك وإدارة مشتركة للمناطق المحمية واقتصاد في استهلاك الطاقة) إلا أن الأثر البيئي لفنادقها الفاخرة يبقى الأكبر. ورغم الحوافز التي وضعتها الدولة لا يمكن للفنادق المحلية الأصغر أن تعتمد الإجراءات نفسها بسبب نقص في الاستثمارات.

مشاركة :