لطالما بدت الاستراتيجيات الكمية الآلية أنها الجبهة الجديدة المثيرة للحماس والرغبة في الاستثمار، لكن كثيرا منها يعاني فترة صعبة الآن - ما يثير تساؤلات حول صناعة تمتعت بتدفقات ضخمة خلال العقد الماضي. وفقا لـ"نومورا"، 15 في المائة فقط من الصناديق المشتركة المدارة بأساليب كمية تفوقت على سوق الأسهم الأمريكية العام الماضي، وهو أداء تخلف حتى عن أداء صناديق انتقاء الأسهم التقليدية التي عانت هي الأخرى فترة سيئة. تفسيرات النتائج المخيبة للآمال تراوح من الشعبية التي تؤدي إلى تآكل فاعلية الاستراتيجيات الكمية إلى تأثير عوائد السندات المتأرجحة مع إشارات معينة في السوق، لكن بعض المحللين يقولون إن ما حدث أكثر من مجرد عثرة عابرة. جوزيف ميزريك، رئيس الاستراتيجيات الكمية في "نومورا إنستينت"، يجادل بأن الصناعة تمر "بشتاء كمي"، واصفا الأداء بأنه كان "سيئا للغاية" لعامين متتاليين. كليفورد آسنس، رئيس شركة إيه كيو آر كابيتال مانيجمنت، قال: "إنه بالفعل شتاء كمي، لكنه شتاء على مدى عامين. لا نعرف كيفية التنبؤ به، أو متى ينتهي، لكننا نعرف أنه موجود". الاستثمار الكمي مصطلح واسع. معظم الصناديق المشتركة التي تدار بأساليب كمية تستخدم "عوامل" أكبر وأكثر شهرة، مثل ميل الشركات التي تتمتع بنمو أرباح ثابت أو زخم قوي إلى أن تحقق أداء جيدا. هناك نحو 160 مليار دولار من الأصول في هذه الصناديق المشتركة الكمية التي تركز على الأسهم، وفقا لـ"نومورا". صناديق التحوط الكمية أيضا كثيرة ومتنوعة، لكنها تميل إلى أن تبحث في الأسواق عن إشارات سريعة باهتة، ويعمل فيها عادة علماء ومبرمجون أكثر من الأشخاص الذين لديهم خلفية في الاقتصاد أو المالية. وهي تتداول في مجموعة واسعة من الأصول لا تقتصر على الأسهم وحدها، وتتخذ مراكز دائمة ومراكز مكشوفة أيضا - بعبارة أخرى، تحاول جني الأموال من الأوراق المالية المنخفضة والمرتفعة في آن معا. وكان أدائها متفاوتا أيضا. صندوق بيور ألفا Pure Alpha التابع لشركة بريدجووتر كان أداؤه مستقرا في عام 2019. صندوق إنستتيوشينال إيكويتيز الذي يعود إلى شركة رينيسانس حقق 14.2 في المائة، في حين حقق صندوقها المؤسسي "دايفرسفايد ألفا" 4.7 في المائة. صندوق شركة دي إي شو DE Shaw الرئيسي المركب كسب 10.9 في المائة، في حين حقق صندوقها "فيلينس" Valence الذي يركز على الأسهم مكاسب بلغت 5.5 في المائة. بعض الشركات تقلل من عدد موظفيها. مؤسس صندوق التحوط "ويرلد كوانت" WorldQuant، ومبرمج ألعاب الكمبيوتر سابقا، إيجور تولشينسكي، توقع ذات مرة أن تسحق "ويرلد كوانت" الاستثمار التقليدي. لكن تقارير تفيد أن تعمل على إنهاء 130 وظيفة وإغلاق خمسة مكاتب دولية. الشركة رفضت التعليق. "إيه كيو آر"، أحد أكبر شركات إدارة الصناديق المشتركة الكمية، أعلنت عن جولة أخرى من تخفيض الوظائف، بعد أن انخفضت أصولها تحت الإدراة 20 في المائة تقريبا خلال العامين الماضيين إلى 186 مليار دولار. أداء الصناعة لم يكن كارثيا. الصناديق المشتركة الكمية ربحت في المتوسط 27.7 في المائة في عام 2019، وفقا لـ"بانك أوف أمريكا"، وصناديق الأسهم التحوطية الكمية حققت 11.8 في المائة، وفقا لـ"إتش إف آر" HFR. وهذا أسوأ من سوق الأسهم الأوسع، لكنه لا يزال يمثل عاما جيدا من حيث القيمة الاسمية إن لم تكن النسبية. السؤال هو ما إذا كانت هذه ببساطة مجرد فترة سيئة طويلة لكنها مؤقتة، أم أن هناك شيئا أوسع قيد التشكل. آسنس يجادل بأن ألم الفترات السيئة هو بالتحديد السبب في استمرار كثير من العوامل في إحداث تأثير على المدى الطويل، على الرغم من كونها معروفة جيدا. قال: "عندما يظهر (الشتاء الكمي) يذهب الجميع إلى العمل لوقت إضافي في محاولة لشرح سبب مجيء الشتاء. لكنه يحدث فقط. بالطبع، هذا مثل قول: ’ستكون هناك سوق هابطة مرة أخرى‘. هذا صحيح تماما، لكن إذا كنت لا تستطيع التنبؤ بوقتها، ابق مستثمرا واحصل على عائد طويل الأجل". بعض آخر غير متأكد. يين لوه، رئيس الاستراتيجية الكمية في شركة وولف ريسيرش Wolfe Research، يوافق على أن هناك درجة من الطابع الدوري في العوامل الكمية، لكنه يجادل بأن شعبيتها تؤدي إلى تآكل العوائد الأعلى تاريخيا من العوائد التي حققتها السوق - "ألفا"، في لغة وول ستريت. قال: "هذه الاستراتيجيات أصبحت أفضل ومعروفة أكثر، لذا ألفا آخذه في الزوال. هذا يبدو وكأنه شتاء كمي آخر (...) سينخفض الاحتشاد والعوائد ستأتي مرة أخرى، لكن الاتجاه طويل الأجل هو أن معظمها سيختفي". ميزريك متشكك في أن الاحتشاد هو السبب في تعثر الصناديق الكمية. وهو يري أن ذلك يمكن تفسيره بشكل أفضل من خلال الكيفية التي شوهت بها عوائد السندات المتراجعة ديناميكيات السوق، ما جعل العوامل المتباينة في السابق أكثر ارتباطا، ومن خلال كيف يمكن أن تتضرر الصناديق الكمية عند تعديل مراكزها. أضاف: "هذا يرجع بشكل أساسي إلى أن الاقتصاد الكلي ليس جزءا من ذخيرة إدارة المخاطر". هذا قد يعني أن الفترة الجرداء الحالية التي لا حرث فيها ولا زرع لن تستمر. لكن من المحتمل أكثر أن يعني ذلك أن عديدا من الاستراتيجيات الكمية تنتظرها مرحلة صعبة طويلة، كما جادل ميزريك. حذر قائلا: "قد تعود، لكن عليك أن تكون متأكدا جدا من البيئة الكلية. إذا هيمن على العالم ركود انكماشي على الطريقة اليابانية (أسعار فائدة منخفضة بشكل دائم)، فإن هذا يمكن أن يكون معنا لفترة طويلة".
مشاركة :