شركات التكنولوجيا تدخل سباق الرعاية الصحية

  • 1/28/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تريليونات دولار حجم قطاع الرعاية الصحية المرتقب تعاونه مع كبرى الشركات التكنولوجيةفي خطوة غير مسبوقة منحت المستشفيات الأمريكية عددا من عمالقة شركات التكنولوجيا مثل: مايكروسوفت Microsoft وإنترناشيونال بيزنس ماشينز (آي بي إم) International Business Machines (IBM) وأمازون Amazon القدرة على الوصول إلى معلومات المرضى القابلة للتعريف، والموجودة في ملايين السجلات الصحية لتلك المستشفيات، لتكون المؤسسات الصحية بذلك أحدث عضو مشارك في منظومة «اقتصاد البيانات»، القائم على بيع المعلومات للشركات التقنية الكبرى.وعند إبرام الصفقات، لم يتم توضيح مدى قدرة عمالقة التكنولوجيا على الوصول بشكل دائم لبيانات المرضى المسجلة من قبل المستشفيات. ولكن يكشف نطاق مشاركة البيانات في هذه الصفقات وغيرها من الاتفاقيات التي تم الكشف عنها مؤخرا عن دور جديد وقوي تلعبه المستشفيات كوسطاء لشركات التكنولوجيا في سباق قطاع الرعاية الصحية، الذي تبلغ قيمته 3 تريليونات دولار.وفي ظل قوانين حماية الخصوصية، تصبح المستشفيات بمثابة عامل رئيس في كيفية مشاركة بيانات المرضى الحساسة، خاصة بعد فتح الباب أمام الشركات التكنولوجية لعمل رقمنة سريعة للسجلات الصحية، وهي خطوة ستمكّن بدورها تلك الشركات من تبادل بيانات المرضى بكل سهولة.وتقول ليزا باري Lisa Bari، مستشار ورئيس سابق لقطاع تكنولوجيا المعلومات الصحية في مراكز خدمات الرعاية الطبية: «المستشفيات عبارة عن حاويات ضخمة تضم بيانات المرضى، ولديها الحق في مشاركة تلك البيانات، طالما أنها تتبع قوانين الخصوصية الفيدرالية، والتي تحتوي على بنود محدودة لحماية المستهلكين، فمن تتوافر لديه البيانات يمتلكها».وفي نفس الإطار، تتعاون مايكروسوفت مع شركة بروفيدنسProvidence، ومقرها في مدينة رينتون بواشنطن، والتي تملك نظاما رقميا للمستشفيات يحتوي على بيانات حوالي 20 مليون زيارة مريض سنويا، بهدف تطوير خوارزميات مرضى السرطان، باستخدام ملاحظات الأطباء الموجودة في سجلات المرضى. ولكن لا يتم تجريد سجلات ملاحظات الأطباء من معلومات التعريف الشخصية للمرضى، وفقا للشركة.وأكد بيتر ليPeter Lee المسؤول التنفيذي لشركة Microsoft في شهر يوليو الماضي، أن استخدام شركته لبيانات المرضى في بروفيدنس بهدف تطوير الخوارزميات سيتم دون تحديد معلوماتهم الشخصية.وفي بيان صدر في شهر ديسمبر الماضي، قال «لي»: إن بيانات المعلومات الشخصية للمرضى لا تزال تحت سيطرة بروفيدنس، رافضا التعليق بما هو أكثر من ذلك.وفي نفس السياق، أوضح بي. جيه مور B.J. Moore، كبير مسؤولي قسم المعلومات في شركة بروفيدنس، أن المسؤولين التنفيذيين المشاركين في الاتفاقية خططوا في البداية لاستخدام البيانات دون تحديد معلومات المرضى، ولكنهم وجدوا فيما بعد أنهم لم يتمكنوا من إزالتها من ملاحظات الأطباء، وأضافوا: «لم يكن القصد من تلك الخطوة تضليل المستخدمين».وفي تعاون مشابه، تم توقيع اتفاقية بين مؤسستي آي بي إم ومستشفى أمراض النساء بريجهام أند ومنز Brigham and Women›s Hospital في بوسطن، من أجل تطوير برنامج ذكاء اصطناعي مشترك، يسمح للمستشفى مستقبلا بتداول بيانات التعريف الشخصية للمرضى الذين يطلبون أمورا محددة عند الدخول إليها. وأعلنت بريجهام أند ومنز عن الاتفاق، الذي تبلغ مدته 10 سنوات مع شركة آي بي إم في شهر فبراير عام 2019.وقال ديفيد ويستفول بيتسDavid Westfall Bates، رئيس قسم الطب الباطني العام والرعاية الأولية بالمستشفى، العام الماضي، إن العمل على تنفيذ الخطوة الأولى من الاتفاقية سوف يشهد استخدام بيانات تم تجريدها من الأسماء وتفاصيل التعريف الأخرى.وفي شهر ديسمبر الماضي، قال الدكتور بيتس إنه لم يوضح علنا مدى قدرة آي بي إم على الوصول إلى بيانات المرضى الشخصية القابلة للتحديد، لكن المستشفى سيتبع قواعد الخصوصية الفيدرالية في حالة قيامه بذلك.وحتى الآن، لم يشارك المستشفى أي بيانات على هذا الأساس، وليست لديه خطط حالية للقيام بذلك، وفقا لمسؤولي المستشفى وآي بي إم.وفي الإطار ذاته، علقت المتحدثة باسم شركة آي بي إم على تلك القضية، بقولها: «تعد إدارة بيانات المرضى بمسئولية الجوهر الرئيس لمهمتنا مع المستشفى».على الجانب الآخر، قال متحدث باسم مركز فريد هتشينسون Fred Hutchinson لأبحاث السرطان في سياتل، عن منح بعض موظفي شركة أمازون إمكانية الوصول إلى المعلومات الصحية التي تحدد هوية المرضى.وأوضحت المؤسسة البحثية، التي تملك علاقات واسعة مع المستشفيات، أنها قامت بتدريب واختبار برنامج أمازون ويب سيرفيس Amazon Web Services المصمم لقراءة الملاحظات الطبية.وفي السياق ذاته، أوضحت المتحدثة الرسمية باسم البرنامج أن شركة أمازون لا تستخدم بيانات التعريف الشخصية المحمية بموجب قوانين الخصوصية الفيدرالية لتطوير أو تحسين خدماتها.وبوجه عام، يمكن القول إن رقمنة التاريخ الطبي للمرضى، ونتائج المختبرات، والتشخيصات الطبية قد خلقت سوقا مزدهرا يتطلع فيه عمالقة التكنولوجيا إلى الحصول على بيانات المرضى وتحليلها، مع إمكانية عمل اكتشافات جديدة، ومنتجات مربحة من وراء تلك البيانات.وحتى الآن، لا يوجد أي مؤشر على ارتكاب مخالفات في تلك الصفقات. ويقول المسؤولون في الشركات والمستشفيات إن لديهم ضمانات لحماية المرضى.وأضافوا، إن المستشفيات تتحكم في البيانات بشكل رئيسي، وإنها حريصة على تدريب العاملين التقنيين، ممن لديهم إمكانية الوصول لتلك البيانات، على إجراءات الخصوصية والتتبع عن كثب. مؤكدين، أنه لا يمكن دمج البيانات الصحية بشكل مستقل مع البيانات الشخصية الأخرى بواسطة شركات التكنولوجيا.ولكن التصريح الأخير الذي أطلقته شركة ألفابت Alphabet، المسئولة عن محرك البحث الشهير جوجلGoogle، وتأكيدها على أنها قادرة على الاستفادة من البيانات الطبية الشخصية القابلة للتعريف للمرضى، وتم نشره في جريدة وول ستريت جورنال، أثار مخاوف بين المشرعين والمرضى والأطباء حول احتمالية انتهاك الخصوصية.وذكرت الجريدة أيضا مؤخرا، أن جوجل لديها حق الوصول إلى سجلات أكثر الآن، مقارنة بالصفقة الأولى التي تم الكشف عنها مع مؤسسة مايو كلينيك Mayo Clinic.ويقول مسؤولو مؤسسة مايو كلينيك الطبية، إن الصفقة تسمح لمستشفى روشستر Rochester في مينيسوتا، بمشاركة المعلومات الشخصية مع ألفابت مستقبلا، رغم عدم وجود خطط حالية للقيام بذلك.وأوضح كريس روسCris Ross، كبير مسؤولي المعلومات في مؤسسة مايو كلينيك: «لم نعتزم تضليل الجمهور بأي شكل».على الصعيد ذاته، يقول الدكتور دايفيد فينبيرجDavid Feinberg، رئيس جوجل هيلث Google Health، إن جوجل واحدة من العديد من الشركات التي لديها اتفاقيات مع مستشفيات تسمح بمشاركة البيانات الطبية والشخصية القابلة للتعريف، لاختبار المنتجات المستخدمة في العلاج والعمليات.وأوضح الدكتور فاينبرج، أن الشركات عادة لا تكشف عن استخدامها لهذه البيانات، لكنها لا تخفيها.وفي الوقت الحالي، تتسابق شركات أمازون وجوجل وآي بي إم ومايكروسوفت على سجلات المستشفيات، التي تخدم اقتصاد البيانات السحابي جزئيا، من خلال تقديم الخوارزميات وميزات التكنولوجيا.ولإنشاء تلك الخوارزميات وإطلاقها، تقوم شركات التكنولوجيا بعقد صفقات منفصلة للوصول إلى بيانات السجلات الطبية للبحث والتطوير وتجربة المنتج.ويتيح قانون نقل التأمين الصحي والمساءلة المعروف اختصارا باسم HIPAA للمستشفيات إرسال البيانات بسرية تامة إلى شركاء الأعمال، وذلك فيما يتعلق بالتأمين الصحي والأجهزة الطبية والخدمات الأخرى.ويفرض القانون على المستشفيات إخطار المرضى بشأن استخدامها لتلك البيانات الصحية، لكن ليس عليها طلب إذن من المرضى قبل استعمالها.ولا يمكن مشاركة البيانات التي يمكنها تحديد هوية المرضى، بما في ذلك الاسم ورقم الضمان الاجتماعي، إلا إذا كانت هذه السجلات ضرورية للعلاج أو الدفع أو عمليات المستشفى الأخرى.ويمكن أن تندرج صفقات المستشفيات مع شركات التكنولوجيا لتطوير التطبيقات والخوارزميات تحت هذه المظلات الواسعة، بحيث لا يُطلب من المستشفيات إخطار المرضى بعقد صفقات محددة مع تلك الشركات.وتقول إيلين رايت كلايتون Ellen Wright Clayton، أستاذ أخلاقيات الطب الحيوي بجامعة فاندربيلت: «المرضى ليست لديهم سيطرة مطلقة على بياناتهم، ولا يمكنهم التحكم بشكل كبير فيها».وبموجب قانونHIPAA، يجب أن تكشف المستشفيات عن أقل قدر ممكن عن بيانات المرضى للشركات. ولكن في بعض الحالات، يمكن أن يكون الحد الأدنى من المعلومات، التي تحتاجها شركات التكنولوجيا، هو كل البيانات الموجودة في سجل المريض أساسا.على الجانب الآخر، تقوم أسنسيون Ascension، وهي سلسلة مستشفيات كاثوليكية تضم 150 مستشفى في 20 ولاية ومقاطعة بكولومبيا، باختبار ما إذا كانت شركة جوجل بمقدورها البحث بدقة، واسترداد جميع المعلومات الخاصة بمريض واحد، وهو تحدٍ قديم معروف على نطاق واسع، ولطالما أحبط الأطباء والمرضى بسبب عدم قدرتهم على التغلب عليه.ويقول إدواردو كونرادوEduardo Conrado، كبير مسؤولي الإستراتيجيات والابتكارات في سلسلة أسنسيون: «حسب تعريف شركات التكنولوجيا، فإن الحد الأدنى من المعلومات المطلوبة عن كل مريض هو كل البيانات الموجودة في سجله تقريبا».وتدافع المستشفيات المشاركة في الصفقات عن نفسها بالقول، إن استخدام البيانات تتم مراجعته من قبل مجالس مراجعة أخلاقيات البحث، أو لجان استخدام البيانات، والتي يمكن أن تشتمل على متخصصين في القانون، والتكنولوجيا، والطب، ومجموعة من الخبراء الآخرين.ويوضح لويس كراهن Lois Krahn، عضو فريق البيانات في مؤسسة مايو كلينيك، إن فريق البيانات في مؤسسته الطبية سوف يفحص طلبات البيانات المستقبلية للمشاريع مع جوجل، ويبحث في مقدار البيانات المراد مشاركتها. وأضاف: «نحن منظمة حذرة جدا، ومحافظة للغاية».ويمكن للمستشفيات أيضا أن تحقق مكاسب مالية من بعض الصفقات، حيث تتضمن اتفاقيات شركات التكنولوجيا مع بروفيدنس ومايو وبريجهام أند ومنز حقوق الملكية الفكرية للمساهمة في المستشفيات عبر المنتجات الجديدة. لكن بعض المستشفيات الأخرى تقول «لا» للاتفاقيات مع شركات التكنولوجيا.ويقول جيم بينليشJim Beinlich، كبير مسؤولي معلومات البيانات في مؤسسة بين ميدسن Penn Medicine، الفرع الصحي لجامعة بنسلفانيا: «لا نعطي بيانات المرضى لأي شخص».ومؤخرا أوقفت مؤسسة بين ميدسن بحثا أوليا محتملا مع Microsoft استجابة لمخاوف الجمهور من اختراق خصوصية بياناتهم، على غرار ما حدث في صفقة جوجل وأسنسيون.ختاما، يقوم المسؤولون التنفيذيون بالمستشفيات -في الوقت الحالي- بصياغة سياسات جديدة، تركز على كيفية إخبار المرضى عن مشاركة بياناتهم الصحية مع الشركات. ويقول المسؤولون: «ليس لدينا كل القواعد المرتقب إقرارها بشكل مكتوب حتى الآن».

مشاركة :