أوضحت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تدمير الجهاديين للمواقع الثقافية العراقية يمكن اعتباره بمثابة جريمة حرب، وقررت الاستنفار ضد الاتجار بالقطع الأثرية المسروقة. وتبنت الجمعية العامة أول من أمس قرارا يتصل بإنقاذ الممتلكات الثقافية للعراق في غمرة قلق كبير على مصير مدينة تدمر الأثرية في سورية التي احتلها تنظيم داعش قبل أسبوع، خصوصا أنها مدرجة على لائحة منظمة اليونيسكو للتراث العالمي. والقرار غير الملزم الذي أعدته ألمانيا والعراق يدين التدمير "الهمجي" للمواقع التي تشكل جزءا من الإرث الإنساني ونهبها، ويدعو إلى البدء بملاحقات قضائية بحق من يرتكبون هذا التخريب. ويحض القرار الدول على التأكد من حيازة هواة اقتناء التحف ودور المزادات والتجار والمسؤولين عن المتاحف وثائق تثبت مصدر القطع الأثرية. واعتبر سفير العراق محمد علي الحكيم أمام الجمعية العامة التي تضم 193 بلدا أن "تدمير الإرث الثقافي العراقي، وهو مهد الحضارات، لا يقل همجية وخطورة عن قتل العراقيين". وأكدت سكرتيرة الدولة الألمانية الملحقة بوزارة الخارجية ماريا بومر أن تدمير هذه الممتلكات الثقافية يشكل "جريمة حرب وهجوما على الإنسانية برمتها". وأضافت "على الجميع أن يعلموا أن شراء قطعة (أثرية) عراقية يستوجب العقاب وأن هذا الأمر يشكل دعما وتمويلا للأنشطة الإرهابية". ولاحقا، أعرب السفير العراقي في مؤتمر صحفي عن أسفه لعدم صدور القرار من جانب مجلس الأمن الدولي وافتقاره تاليا إلى صفة ملزمة. وفي فبراير، تبنى مجلس الأمن قرارا يلحظ تجفيف تمويل تنظيم داعش من طريق تهريب القطع الأثرية والاتجار بها. وكانت المديرة العامة لليونيسكو إيرينا بوكوفا طلبت من مجلس الأمن الدولي "ضم حماية التراث إلى بعثات حفظ السلام" التابعة للأمم المتحدة كما هو الحال في مالي. وكانت بوكوفا تتحدث أمام اجتماع غير رسمي لمجلس الأمن دعت إليه فرنسا والأردن وخصص لوسائل الحؤول دون تدمير المواقع الأثرية كما في العراق وسورية وتهريب التحف الفنية المسروقة. وأضافت أن "التطهير الثقافي الذي حصل في العراق وسورية هو تماما كما قمع الأقليات" من قبل المجموعات المتطرفة. وأوضحت أنها اقترحت على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسوده "البدء بجمع أدلة لأنه بحسب اتفاقية روما التي أسست للمحكمة الجنائية الدولية، فإن التدمير المتعمد للتراث الثقافي يمثل جريمة حرب". من ناحيته، أشار المدير العام للشرطة الدولية "الإنتربول" جورجن ستوك الذي شارك في هذا الاجتماع إلى ضرورة "تقاسم المعلومات وحصول تعاون أفضل مع القطاع الخاص في صالات البيع مثلا والبيع عبر الإنترنت" من أجل رصد القطع الأثرية المسروقة. إلى ذلك، قال أبدى مسؤولون في اليونيسكو ارتياحهم لنجاة موقع التراث العالمي في تدمر بعد أن سيطر مقاتلو داعش على أجزاء من المدينة الأسبوع الماضي. وأظهر عدد من الأثريين في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا في مطلع الأسبوع قلقهم على تدمر التي تضم آثارا هائلة وتعتبر أحد أهم المراكز الثقافية في العصر القديم وأدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) على لائحة التراث العالمي عام 2013. ولتدمر أهمية استراتيجية أيضا إذ تقع عند تقاطع طرق سريعة تربط بينها وبين مدينتي حمص ودمشق على بعد نحو 240 كيلومترا إلى الجنوب الغربي.
مشاركة :