أيام قليلة تسبق مرور الحكومة الجزائرية الجديدة بقيادة عبدالعزيز جراد على البرلمان في وقت يرتفع فيه الجدل حول ردود أفعال النواب وانطباعاتهم عن البرنامج الحكومي، لاسيما في ظل التطورات التي عاشتها البلاد خلال الأشهر الماضية، وتوجه السلطة لتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، مقابل استمرار الاحتجاجات السياسية في الشارع. وكشف العضو الحكومي فرحات آيت علي أن الحكومة ستعرض مخطط عملها أمام البرلمان خلال الأسبوع القادم، ليكون بذلك أول اتصال بين النواب والجهاز التنفيذي منذ اندلاع أحداث الحراك الشعبي خلال شهر فبراير الماضي، ومنذ تنحي الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة. وفي خضم الغموض الذي يكتنف الطبقة السياسية، خصوصا الأحزاب ذات الأغلبية النيابية في البرلمان، تطرح تساؤلات عديدة حول مصير المخطط الحكومي، نظرا لولادتها كحكومة تكنوقراطية ”مستقلة” لا تحظى بدعم سياسي. ويرى خبراء أيضا أن ما يضاعف القلق هو أن المكلف بتشكيل الحكومة خاض الاستحقاق الرئاسي كشخصية مستقلة مما يفاقم الأحزاب من إمكانية عدم نيلها الثقة لتليها إمكانية انتخابات تشريعية مبكرة وإعادة توزيع موازين القوى. وصرح وزير الصناعة والمناجم فرحات آيت علي، على هامش منتدى الأعمال الجزائري التركي المنعقد بالعاصمة “إن الحكومة بصدد وضع المخطط النهائي قبل عرضه على مجلس الوزراء والبرلمان بغرفتيه”. ويوافق تبعا لذلك دعوة رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد “بعرض الحكومة لمخطط عملها أمام البرلمان في هذا الظرف الخاص قبل عرضها على مجلس الوزراء، لمباشرة عهد جديد يقوم على أساس الحوار والتشاور مع كافة الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين في كنف المشاركة والشراكة”. وذكر مصدر برلماني، لـ”العرب”، أن “الكتل النيابية لم تستلم بعد مخطط الحكومة لدراسته قبل خوض المناقشات، وأن حالة من الغموض تسود أروقة البرلمان، بسبب عدم وضوح الرؤية السياسية، ولو أن كل التوقعات تسير لصالح مرور المخطط”. وأضاف أن “البرلمان يعيش على وقع الانتخابات التشريعية المبكرة وحل محتمل للغرفتين في المدى القريب، ولذلك فإن الاهتمامات لدى الكتل والقيادات الحزبية منصبة حول المشهد السياسي الجديد وسبل التموقع في المرحلة القادمة، أكثر ما هي منصبة على مخطط الحكومة”. وزير التجارة الجديد كمال رزيق لم يوفق في خروجه الإعلامي الأخير، في احتواء أزمة الحليب في البلاد وسيمثل نزول رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد، أول مواجهة بين الجهاز التنفيذي ونواب البرلمان منذ ما يفوق العام، للمرافعة على مخطط لم تتضح معالمه لحد الآن، إلا في بعض المسائل على غرار توجه الحكومة لاستغلال واستكشاف الغاز الصخري، ومراجعة محتملة لبعض فصول قانون المالية الجديد، لاسيما بخصوص الضرائب. ولم توفق السلطة إلى حد الآن في إقناع الشارع الجزائري بالتوجهات التي تنوي الذهاب إليها في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، لاسيما في ظل استمرار الاحتجاجات. وتطرح مسألة تعاطي الحكومة مع ملفات الفساد ورجال الأعمال المسجونين، والتعهدات التي أطلقها الرئيس عبدالمجيد تبون خلال حملته الانتخابية حول استعادة الأموال المنهوبة، أول تحد للسلطة في ظل غياب مؤشرات عملية لتحقيق التعهد المذكور. ويشير خبراء إلى أن وزير التجارة الجديد كمال رزيق لم يوفق في خروجه الإعلامي الأخير، في احتواء أزمة الحليب في البلاد، حيث وصف بـ”الشعبوي”، نظرا لاستخدامه لعبارات التهديد والوعيد ضد المتلاعبين باستقرار السوق. ومن جهة أخرى، تطرح الأزمة فرضية نقص المادة الأولية التي تستورد من الخارج، والتي تقع تحت وصاية الحكومة، مما أثر على توفير الحاجيات المحلية وخلق حالة من الفوضى والتذبذب في السوق الداخلي. ويرى محللون أن عدم الانسجام في التركيبة الحكومية لطاقم عبدالعزيز جراد، يشكل أول حجر عثرة أمام توحيد الخطاب أمام نواب البرلمان، خاصة وأن وزيرين من الحكومة الحالية، هما وزير الصناعة والمناجم فرحات آيت علي ووزير التعليم العالي والبحث العلمي شمس الدين شيتور، كانا من المعارضين لمشروع الغاز الصخري في وقت سابق
مشاركة :