هاجم مسلحون مجهولون ساحات الاعتصام في عدة مدن عراقية في محاولة لوأد التحركات الاحتجاجية التي استعادت زخمها في الفترة الأخيرة، رافعة شعار لا للوصاية الإيرانية. وتأتي محاولات ترهيب المتظاهرين من قبل ميليشيات عراقية بإيعاز من إيران، بعد فشل رجل الدين مقتدى الصدر في إفراغ انتفاضة العراق من مضمونها وحرفها عن مسارها بالدعوة إلى تظاهرة ضد السفارة الأميركية تحت مسوغ تجنب "فتنة داخلية"، وسط موجة رفض شعبي له في ساحات التظاهر. وقال مراقبون إن المساعي الإيرانية الحثيثة لفرض سيطرتها على مجريات الوضع اصطدمت بانتفاضة عراقية متماسكة وبموقف موحد يرتكز على رفض وصاية نظام ولاية الفقيه على البلاد. وتعتقد المصادر ذاتها أن ما فعله الصدر حين سعى إلى احتواء الاحتجاجات بحجة التظاهر من أجل إخراج القوات الأميركية هو عبارة عن تنفيذ أعمى لخطة إيرانية كشفت عن وجهه الحقيقي أمام الشارع العراقي. وتحولت إحدى مناطق العاصمة بغداد إلى ساحة معركة، وهو ثالث أيام حملة قوات الأمن لإنهاء المظاهرات المستمرة منذ شهور ضد النخبة الحاكمة المدعومة من إيران بشكل كبير. ولوّح المتظاهرون باتخاذ خطوات تصعيدية في ظل فشل الطبقة السياسية الحاكمة في الخروج من الأزمة والاتفاق على شخصية سياسية محل ثقة تخلف رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبدالمهدي. ومنح بيان صادر عن ساحة اعتصام محافظة النجف، السلطة الحاكمة مهلة تبدأ الثلاثاء وتنتهي السبت المقبل لتنفيذ مطالب المحتجين، وهي اختيار رئيس وزراء غير جدلي، حسم قانون الانتخابات الجديد والمصادقة عليه، وتحديد موعد للانتخابات المبكرة على ألا يتعدى ستة أشهر. وأثارت عودة السلطات في بغداد إلى العصا الأمنية وإطلاق يد الميليشيات العراقية الموالية لإيران في مواجهة محتجين سلميين في ساحات التظاهر، ردود أفعال دولية غاضبة. وأدان سفراء 16 دولة في العراق، بينها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، استخدام قوات الأمن والجماعات المسلحة للرصاص الحي وطالبوا بإجراء تحقيق يعتد به في مقتل ما يزيد عن 500 محتج منذ أكتوبر الماضي. وقالت مصادر في الشرطة العراقية ومصادر طبية إن 75 محتجا على الأقل أصيبوا، معظمهم بالرصاص الحي، في اشتباكات وقعت في الناصرية حينما حاولت قوات الأمن إبعادهم عن جسور في المدينة. وأوضحت المصادر ذاتها أن مسلحين مجهولين على متن أربع شاحنات صغيرة هاجموا مخيم الاحتجاج الرئيسي وقتلوا اثنين ثم أشعلوا النار في خيام المتظاهرين قبل أن يلوذوا بالفرار. ويبدو أن طهران لجأت إلى استخدام ورقة ترهيب المتظاهرين من جديد بعمليات قتل وخطف وتعذيب من خلال ميليشياتها المسلحة، بعد فشل جميع مساعيها السياسية للدفع برئيس وزراء جديد يتماشى مع أجندتها الاستعمارية في العراق. وتعد هذه الاحتجاجات، التي لا يقودها أحد، تحديا لم يسبق له مثيل للنخبة العراقية التي يهيمن عليها الشيعة والمدعومة من إيران بشكل كبير والتي صعدت إلى الحكم بعد أن أطاح غزو قادته الولايات المتحدة بصدام حسين في 2003. ورفض الشارع العراقي في ثلاث مناسبات مرشحين لمنصب رئاسة الوزراء لارتباط جميع الأسماء المطروحة بعلاقات وثيقة بطهران.
مشاركة :