أصبحت طيور القطرس (ألباتروس) قادرة على المساعدة في الكشف عن حالات الصيد الجائر، حيث زود باحثون 169 طائرا من طيور القطرس بأجهزة قياس وأجهزة إرسال متصلة بالأقمار الاصطناعية، وذلك في إطار تجربة موسعة في المحيط الهندي. ويقضي طائر القطرس معظم أوقاته محلقا فوق مياه البحار والمحيطات بحثا عن السمك والحبار غذاؤه المفضل، ولا يتنازل بالهبوط على الشواطئ إلا في موسم التزاوج والتكاثر، ونادرا ما يمشي على البر. ويعتقد البحارة أنّ طيران القطرس حول سفينتهم في منتصف الرحلة، يعني سوءا للأحوال الجوية. وكانوا يعتقدون أيضا أنّ طيور القطرس كانت حقا أرواح البحارة الذين ماتوا وبقيت أرواحهم تتنقل بلا راحة فوق الأمواج. واستطاع الباحثون من خلال ذلك، الكشف عن سفن لم تسجل شحناتها لدى السلطات المعنية، مما يجعلها تقع في دائرة الاشتباه في أنها تمارس عمليات صيد غير مشروع. وتشير بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إلى أن حجم الصيد غير المشروع يصل إلى 26 مليون طن سنويا، أو حوالي سدس مجموع الأسماك التي يتم اصطيادها من البحار، مما يقوض بطريقة مباشرة الجهود الرامية إلى ضمان استخدام الموارد البحرية بشكل مستدام. طائر القطرس يتميز بقدرته على الصمود في وجه رياح المحيط والانزلاق على سطح المياه مسافات طويلة بحثا عن غذائه ونشر الباحثون الفرنسيون نتائج دراستهم في العدد الحالي من مجلة “بروسيدنجز” التابعة للأكاديمية الأميركية للعلوم. وقال الباحثون تحت إشراف هِنري فايمرسكيرش، من المعهد الفرنسي للأبحاث، التابع لجامعة دي لا روشيل، بمدينة فيليير اُن بوا، إن طيور القطرس الكبيرة تغطي مناطق واسعة من البحر وتنجذب لمراكب الصيد وتستطيع اكتشاف هذه المراكب على مسافة تصل إلى 30 كيلومترا. وأشار الباحثون إلى أن هذه الصفات التي تتمتع بها طيور القطرس يمكن أن تساعد في الكشف عن الصيد غير القانوني في المناطق التي يصعب فيها مراقبة الصيد أو تكون تكاليف المراقبة باهظة. وقام الباحثون بتثبيت وحدة قياس تم تطويرها حديثا، في طيور القطرس، وتشمل هذه الوحدة، إلى جانب نظام تحديد المواقع، كاشف موجات الرادار، وذلك لأن السفن تحتاج الرادار في الملاحة، حتى وإن لم تكن مشغلة لنظام تحديد الهوية بهدف الإفلات من تحديد موقعها. واعتمادا على إرسال بيانات تحديد الموقع ومكان تواجد الرادار بمساعدة طيور القطرس، خلال ثوان معدودة، يصبح من الممكن وفقا للباحثين، عرض بيانات القياس الخاصة بهذه السفن في نفس وقت قيامها بالصيد غير المشروع، تقريبا. وتبيّن للباحثين خلال التجربة الميدانية التي قاموا بها في الفترة من نوفمبر 2018 وحتى مايو 2019، أن 36.9 بالمئة من السفن في المياه الدولية كانت تسير دون نظام تحديد الهوية، في حين تراجعت في المتوسط أعداد السفن التي تسير دون هذا النظام في المناطق الاقتصادية الخالصة، وذلك حتى مسافة 200 ميل بحري من اليابسة وبينما كانت نسبة السفن التي تسير دون نظام تحديد الهوية، بالقرب من مجموعة جزر كروزيت وجزر كيروجلين لا تتجاوز 15 بالمئة من إجمالي السفن التي تصطاد في هذه الجزر، التقط الباحثون موجات الرادار الخاصة بجميع السفن الـ31 في جزر الأمير إدوارد. كما درس الباحثون مدى صلاحية نوعين مختلفين من طائر القطرس ومدى صلاحية فئات عمرية منهما للقيام بمهمة مراقبة البحر، حيث وجدوا أن 21.1 بالمئة من طيور القطرس الجوالة اقتربت من السفن مباشرة، في حين بلغت نسبة طيور ما يعرف بقطرس أمستردام التي اقتربت لمسافة كافية من السفن، 8.5 بالمئة فقط. كما وجد الباحثون أن الطيور البالغة أكثر اقترابا وبشكل واضح من سفن الصيد، من الطيور غير البالغة أو الطيور الصغيرة. وفي المقابل كانت الطيور الأصغر أكثر تجوالا في المياه الدولية من الطيور البالغة التي تحتضن بيضها. ويتميز طائر القطرس البحري بقدرته العجيبة على الصمود في وجه رياح المحيط، وعلى الانزلاق على سطح المياه مسافات طويلة بحثا عن وجبة السمك المفضلة لديه، ما يجعله يقع في شباك صيد السمك وهو أمر يهدده بالانقراض. وقد لاحظ المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية أن طيور القطرس أصبحت بخطر الانقراض بسبب الصيد الجائر أو غير القانوني، فقرر بالتعاون مع مجلس البحوث الأوروبي إطلاق برنامج بحثي يهدف إلى استخدام هذا الطير للتجسس على من يتعاطى الصيد غير القانوني من حول هذه الجزر للسماح للثروة السمكية بالتكاثر بشكل طبيعي والحيلولة بالتالي دون انقراض هذه الفئة من طائر القطرس. واعتبر الباحثون مشروعهم البحثي “مثالا جيدا على مدى إمكانية أن يساهم تطوير تقنيات جديدة في حماية الطبيعة”. وقال الباحثون إن هذه الطريقة يمكن أن تستخدم بمساعدة حيوانات أخرى، مثل السلحفاة البحرية أو أسماك القرش، وذلك لمعرفة الأماكن التي يكثر فيها سقوط هذه الحيوانات البحرية في شباك الصيد غير المشروع، دون قصد من الصيادين، “وذلك لاتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية هذه الحيوانات”.
مشاركة :