يعمل رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب من أجل تنفيذ خطوات أولية لاستعادة الثقة في الاقتصاد اللبناني الذي يواجه أسوأ أزمة له منذ عقود. وطلب رئيس الوزراء اللبناني من الحكومة والقطاع المصرفي الأربعاء إعداد خطة لاستعادة الحد الأدنى من الثقة. وقال دياب خلال اجتماع لمناقشة الوضع المالي والاقتصادي إن الانطباع الأول الذي حصل عليه من المصرف المركزي وجمعية المصارف أنه لا تزال هناك سبل للخروج من الأزمة. من جانبه، أكد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الأربعاء خطورة الأزمة الاقتصادية المالية في البلاد، كاشفا عن إجراءات مالية وإصلاحات بنيوية سيتم اتخاذها للمعالجة، واصفاً هذه الإجراءات بـ "القاسية" . وقال عون إن "الأزمة الاقتصادية المالية تبقى الأخطر ونحن اليوم بصدد اتخاذ جملة من الإجراءات التي ستكون قاسية وربما موجعة ما يتطلب". وتشكلت حكومة دياب الأسبوع الماضي بدعم من حزب الله القوي وحلفائه السياسيين بعد استقالة سعد الحريري في أكتوبر الماضي. وتبدو حكومة دياب أمام مهمة صعبة لإنعاش الوضع الاقتصادي وتهدئة الشارع المنتفض، لارتباطها بشكل جذري بمدى استعداد المانحين الدوليين لدعم لبنان. ولكن ارتباط الحكومة الجديدة بحزب الله، كرّس عزلة لبنان في ظل رفض أطراف دولية وإقليمية التعامل ودعم حكومة تحت غطاء حزب مصنف كتنظيم إرهابي وعلى صلة وثيقة بالنظام الإيراني. وتشير التوقعات الحالية إلى أن دول الخليج لن تدعم حكومة حسان دياب الجديدة لارتباطها بشكل مباشر بحزب الله، وهو الموقف ذاته الذي اتخذته الإدارة الأميركية مما يجعل مهمة دياب تكاد تكون مستحيلة للخروج من أسوأ أزمة مالية تواجه البلاد وسط تواصل انهيار العملة المحلية. ودأبت دول الخليج العربية على تمويل الاقتصاد اللبناني الهش منذ فترة طويلة، غير أن تصاعد نفوذ ذراع إيران العسكري في لبنان سيحول دون ذلك. وقال مراقبون إن ارتباط حكومة دياب بحزب بالله، قد حكم على الحكومة الجديدة بالفشل حتى قبل بداية مشوارها، مشيرين إلى أن عزوف دول الخليج العربي عن تقديم مساعدات إلى لبنان سيزيد من مأساوية الوضع في البلاد وستخسر بذلك لبنان حلفاء خليجيون على درجة بالغة من الأهمية. كما رفض الشارع اللبناني الحكومة، التي شكلها حزب الله الشيعي المدعوم من إيران وحلفاؤه، دون مشاركة الأحزاب السياسية الرئيسية بما في ذلك ثاني أكبر حزب مسيحي وهو حزب القوات اللبنانية. ويعاني لبنان من أزمة مالية واقتصادية ناجمة عن عقود من سوء الإدارة وفساد الدولة، فضلا عن أزمة سيولة دفعت البنوك إلى فرض قيود على أموال المودعين وتراجع سعر الليرة. وأمام الحكومة اللبنانية ملفات مثقلة وشائكة بانتظار التعامل معها بشكل عاجل كاستحقاقات السندات السيادية التي تلوح في الأفق بما في ذلك سندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار تُستحق في مارس المقبل والتي وصفها وزير المالية بأنها "كرة نار". وفي كلمة له في افتتاح الورشة المالية-الاقتصادية الأربعاء قال دياب "الانطباعات الأولى التي سمعتها من مختلف الأطراف، من حاكم البنك المركزي ومن رئيس جمعية المصارف، وغيرهما، توحي أن الأفق غير مقفل على المخارج. وأضاف "أن الحلول غير سهلة، لكن الانطباعات الموجودة في البلد أدت إلى فقدان الثقة بالدولة ومصرف لبنان وكل القطاع المصرفي. وجاء تشكيل الحكومة الجديدة متأخرا، نتيجة انقسام القوى السياسية الداعمة لدياب بشأن شكلها وتقاسم الحصص في ما بينها. وفي المقابل يطالب مئات الآلاف من اللبنانيين الرافضين لحكومة دياب والذين ينزلون منذ أكثر من ثلاثة أشهر إلى الشوارع والساحات بشكل متقطع، برحيل الطبقة السياسيّة كاملة، ويحمّلونها مسؤوليّة تدهور الوضع الاقتصادي ويتّهمونها بالفساد والعجز عن تأهيل المرافق وتحسين الخدمات العامة الأساسية. في المقابل، يؤكد دياب أن الحكومة الجديدة وضعت مواجهة "الكارثة" الاقتصادية على سلم أولوياتها.
مشاركة :